صفحة الكاتب : د . تقى محمود السعدي

(حين لا يبلى الجسد)// سيرة حياتية لسماحة السيد حسين الحمامي
د . تقى محمود السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  يرى بعض المؤرخين أن كتابة السيرة لا تعتمد على الخلق والتصور، وأنا أرفض أن أكون مصدر تجميع دون أن أقف على معنى السيرة لعالم مجتهد بوزن سماحة السيد حسين الحمامي لا بد لي من قراءة سيرته ليس باعتبارها ماضي وانتهى، بل باعتبار ما يمكن أن نكتشفه بالحاضر من دروس.
المعروف أن الولد يتأثر بعوالم أبيه، وخاصة حين يكون الأب تاجرا ثريا من تجار النجف، بالتأكيد عوالم المادة والغنى والثراء ومكانة التاجر في المجتمع النجفي ستبني له رغبة أن يكون تاجرا، لكنه رغب إليه في الدراسة الحوزوية فبارك له الأب هذه الخطوة، يبدو أن الأب يؤمن بأن العلم أيضا تجارة لكنها مع الله سبحانه وتعالى، وتكون أكثر خيرا من أمور الدنيا، بارك الأب هذه الخطوة ووافق على ذلك، فاعتمر العمامة وسكن المدرسة البادوكوبا واصل الدرس مقدمات ومبادئ، ودرس العربية والبلاغة والمنطق والفقه الفتوائي، ثم الفقه الاستدلالي في الأصول، وبرع بذلك كله.
يمكن أن نستدل من جملة معينه ونستنبط سيرة حياة فاعلة، مثلا لو نتأمل في موضوع زواجه، كتب الدكتور محمد حسين الصغير عن زواج سماحة السيد حسين الحمامي لم يترك المدرسة، ولا المبيت فيها، وكان يأتي إلى البيت في العطلة فقط يعني (الخميس والجمعة) من كل أسبوع كان يحضر دروس الأخوند وطلابه تقريبا 3000 طالبا في المسجد الهندي، أعتقد أن مثل هذا العدد كان يعتبر من الخوارق في زمن ليس فيه مكبرات صوتية، فيصبح هذا العدد يمثل قيمة الإرادة العلمية والاهتمام المعرفي لمجتمع يضم الكثير من طلبة العلوم، واستطاع السيد الحمامي أن يلفت الأنظار إليه، فحضر الأبحاث العالية  فقها وأصولا على الأعلام الشيخ محمد كاظم الخرساني، والسيد محمد كاظم الطبطبائي اليزدي، والشيخ فتح الله النمازي، المعروف بشيخ الشريعة الأصفهاني، وعلي بن باقر بن محمد الجواهري، ودرس الحكمة والكلام والفلسفة على يد المرجع محمد الطهراني، وعلي النوري، وعلي أصغر الهزار جريبي، وشارك في حركة الجهاد عام 1914 ضد القوات البريطانية الغازية، والتحق بصفوف المجاهدين في محور القرنة  بزعامة الفقيه المجاهد السيد مهدي الحيدري.
أهم مرتكز للسير التاريخية لرجال الحوزة إنها تعتمد على شخصيات حقيقيه عاشت وما زالت جذورها من أحفاد وأسباط يعيشون، وأغلبهم في نفس المعترك الحياة والعلم، ولهم أثر علمي حاضر.
تتلمذ على يديه جمع من العلماء مثل السيد مسلم بن حمود الحلي، وعلي بن حسين آل الصغير النجفي، والسيد مرتضى بن موسى الفياض، والسيد يوسف بن عبد الله الحسين آل الحلو النجفي، والسيد عبد الزهراء بن حسين الخطيب "مؤلف مصادر نهج البلاغة وأسانيده"، والسيد محمد مهدي الكاظم الشهير بالقزويني، والسيد محمد طاهر بن أحمد الحيدر الكاظمي، وعلماء آخرون.
تركز السير التاريخية لعلماء الحوزة على المنجز العلمي، وما تركه العالم من مكتبة مضيئة للناس، فقد صنف كتبا منها حاشية على وسيلة النجاة في الفقه العملي للسيد أبو الحسن الأصفهاني مطبوعة في جزئين، رسالة استقرائية لعمل المقلدين سماها هداية المسترشدين مطبوع أيضا في جزئيين، مناسك الحق مطبوع، حاشية على المكاسب لمرتضى الأنصاري، تعليق على ذخيرة الصالحين في الفقه العلمي، المسائل النجفية وهو كتاب استدلالي مفصل يشتمل على جملة كبيرة من وسائل الفقه والأصول، كتاب سؤال وجواب مطبوع في الفقه، وحاشية على الكفاية في أصول الفقه لأستاذه الخرساني.
تعزز السيرة دائما بشهادات العلماء، أهل الاختصاص، وكبار العلماء شهدوا لسماحة السيد حسين الحمامي، فمنهم الشيخ آغا بوزرك الطهراني في كتاب الطبقات، اعتبره أحد مراجع العصر في النجف، فهو من مدرسيّ النجف ومراجع التقليد فيها، وقال عنه الشيخ محمد هادي الأميني في المعجم فقيه أصولي عالم فاضل مجتهد من كبار العلماء ومراجع العصر وأهل الفضل والكمال والتدقيق ومن سادر العلماء المبرزين، يمتاز بطهارة الضمير وطيب السريرة وصفاء القلب، وتصدى للتدريس والبحث ثم رشح للتقليد والفتية وإقامة الجماعة في الصحن الحيدري.
أما قضية وفاته فتوفي في بغداد، وكان قد ذهب إليها بقصد المعالجة، وبعد وفاته دفن في مقبرة الحاج مراد في مسجده، التي أتى عليها فتح الشارع والتوسعة، فنقل إلى حيث مقبرته اليوم في شارع الإمام زين العابدين عليه السلام واجمعوا شهود عيان أن جثمانه الطاهر لم يتغير وكأنه توفى من يومه رحمه الله.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . تقى محمود السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/31



كتابة تعليق لموضوع : (حين لا يبلى الجسد)// سيرة حياتية لسماحة السيد حسين الحمامي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net