(من الظلمات الى النور )
يغمرني الحزن كعادتي، فأجد نفسي أنطوي على ذاتي، حبيسة فراشي، أتنقل بين أغنية وأخرى، وتطبيق وآخر وأتساءل: لماذا لا يتغير شيء؟
ها أنا، أحاول تغيير نفسيتي، فأتصفح هنا وهناك، ولكن دون جدوى.
لا تهدأ نبضات قلبي، بل تتسارع ساعة بعد أخرى، والوقت يمضي…
أشعر أنه يهرب مني.
لم أعد أميز إن كان صباحًا أو مساءً، فقد غُرقت في عالم سوداوي.
وأثناء هذا التوهان، وقعت عيني على حديثٍ عن الأيام الفاطمية، وكيف أن بعض العلماء يجمعون حوائجهم ويطلبونها في هذه الأيام المباركة، لما لها من أثرٍ قوي في تحقيق المطالب، ظل الحديث يتردد في ذهني، وصوت داخلي يهمس لي: هيا، انفضي عنك الكسل، قومي واطلبي حاجتك، فإنها لن تُرد.
لكن جزءًا مني كان يقاوم، يثنيني عن القيام، ويغرقني في التردد.
بعد صراع طويل مع نفسي، نهضت أخيرًا.
توضأت، وصليت ركعتين الى الله سبحانه، توجهت للدعاء بقلبي، ثم جلست عاجزة عن الكلام، لم أعرف ماذا أطلب، ولم أجد الكلمات ......
تركت دموعي تنهمر لتتكلم عني، في لحظة صدق مع ذاتي، وبدون وعي مني، بدأت أنادي: يا فاطمة، انتشليني من ظلامي.
لا أدري كيف أو متى، لكن فجأة شعرت بيدٍ حانية تمسح على شعري.
فتحت عينيّ لأجد نفسي نائمة على سجادتي، شعرت وكأنني كنت غائبة لسنوات، وكأن جبلًا قد أُزيح عن صدري.
كان قلبي خفيفًا، وروحي ترفرف كأنها أطلقت من أسرها.
ومن هنا بدأت حكايتي مع السيدة الحنون، لا أعلم كيف ولماذا، لكنها قررت أن تحتضنني، أن ترفعني من ظلمتي، وتضعني بين يديها، لترفع عني غمام الحزن وتعيد إلي نور الحياة.
***
(رداء السواد)
أخلع عني رداء السواد، بعد أن كانت ولادتي الأولى من الخاصرة، أولد من جديد باسم فاطمة.
انتصر النور أخيرًا على الظلام.
وها هو يعود من جديد ذاك الصوت الذي أصبح يغمر رأسي بصداه:
أفعلي ذلك على حب الزهراء.
فأخذت أحذف كل ما يشعل قلب صاحب الزمان بالحزن، سيئة بعد الأخرى، بين أفعال وتصرفات، وبين شوائب ومعاصٍ.
وفي داخلي كنت أفكر: كيف حدث هذا؟ من أين لي هذه القوة؟ كيف استطعت أن أتغلب على نفسي بهذه الطريقة؟
تلك الأغنية أحبها، وهذه الفنانة كنت معجبة بها، وهذا البرنامج المفضل لدي، كيف أستطيع أن أتركهم بهذه السهولة؟ حب الزهراء عصمني حقًا.
لأول مرة، إرادتي تغلب نفسي، وها أنا يا مولاتي أعاهدكِ أن أيام السوء قد ولّت، وأن جميع ما ارتكبته من ذنوب ومعاصٍ لن يتكرر لأجلكِ، ولكيلا أزرع الحزن في قلب السر المستودع فيكِ.
ولاعجب في ذلك؛ فإن التحول العظيم الذي نلته، وانتصاري على نفسي الأمّارة بالسوء، هو بفضل حب الزهراء.
إن هذا التغيير الذي يلامس الروح هو من أعظم النعم التي يمنحها الله لي.
***
(تسبيحة النور)
حبات بسيطة صنعت من طين ارض مقدسة،
تلتف بين اصابعي، مع ترديد أعظم الأذكار لم تكن مجرد كلمات تذكر،
بل طاقة نورانية تُغذي الروح
حبات النور تلك
تُعيد ترتيب الهموم، وكأنها تُعيد ترتيب الروح على خطاها.
اشعر كأني في محرابها حاضر، ونورها يلامس قلبي،
ما بين تكبير وتحميد،
احداهما تجلي الهم والاخرى تحقق الاماني، يجمع بين التكبير والتحميد، كالتوازن المثالي بين تمجيد الله وشكره والاعتراف بربوبيته.
وكيف لا يكون كذلك، وهو وصية من الإمام الصادق (عليه السلام)
التي تحث على الالتزام به كما يُلتزم الفرد بالصلاة؟
حتما انه علاج للهموم وسُلَّم للأماني، يرافق المؤمن في لحظات ضعفه ليمنحه قوة الأمل واليقين.
- نحن نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة الزهراء كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه
فإنه لم يلزمه عبد فشقي.
(المصدر: وسائل الشيعة، ج 4، ص 1028)
***
(انبلاج)
البُشرى أيها الموالون
إن ولادة الزهراء عليها السلام ليست حدثًا عابرًا في التاريخ، بل هي ولادة للنور والقداسة، منزلة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى.
قال النبي صلى الله عليه واله وسلم:
إن الله يرضى لرضا فاطمة، ويغضب لغضبها
فما أعظمها من مكانة، وما أرفعها من منزلة.
وفي ذكرى ولادتها المقدسة، قررت أن أجعل من هذا اليوم أنجاز جديد لي، أن أبدأ حياةً تسير على خطاها الطاهرة ونهجها المبارك.
أول قراراتي كان أن أرتدي العباءة السوداء، ذلك الرداء الذي ليس مجرد قطعة قماش تُغطي الجسد، بل هو راية للعفة والكرامة، رمز للهيبة والنقاء.
حين وضعت العباءة على رأسي، شعرت وكأني ارتديت تاج الملوك، بل أكثر من ذلك، وكأنها وشاح من نور يحيط بي.
شعرت أني أتحرك بثقة وكبرياء، ليس كبرياء النفس، بل كبرياء الطهارة والإيمان. كانت العباءة كجدار منيع، يحميني من نظرات العالم، ويذكرني أني امرأة لها شأن عظيم، تسير على خُطى سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام.
هذه العباءة لم تكن ثقلًا على كتفي، بل جناحين من العزة حلّقا بي إلى سماء جديدة، سماء من النقاء والفخر. شعرت أني لست وحدي، وكأنني أمشي بجوار الزهراء عليها السلام، ترشدني بنورها وتبتسم لقراري. إنها ليست مجرد خطوة، إنها بداية طريق طويل من السير على نهجها المبارك، طريق يملؤه النور والإيمان.
فالعباءة ليست مجرد لباس، بل هي عهد، هوية، رسالة تُعلن أنني اخترت أن أكون ابنة لفاطمة عليها السلام، أُسعدها بسيري على نهجها، وأُلهم من حولي بحجابي وعفتي. إنها الخطوة الأولى في درب يليق بأن يُسمى طريق الزهراء، طريق النقاء والطهر.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat