مجموعة شبابية تستعد لتشكيل قائمة انتخابية لإدارة كربلاء
موقع نقاش
تستعد مجموعة من شباب محافظة كربلاء لتشكيل قائمة انتخابية موحدة بعد إعلانهم عن تشكيل "تجمع بيوتات كربلاء" الذي يقتصر في عضويته على السكان الأصليين للمدينة. الشباب أرجعوا حراكهم إلى ما يعتبرونه ضياعاً لهوية المدينة والإقصاء عن الحياة السياسية الذي طال سكان كربلاء الأصليين في السنوات الأخيرة.
القائمة التي ستشارك في انتخابات مجالس المحافظات في نيسان المقبل قد تحمل التسمية ذاتها للتجمع وهي "بيوتات كربلاء" وكلمة بيوتات هي تصغير لكلمة "بيوت" وهي من الكلمات التي يستخدمها الكربلائيون الأصليون في المدينة التي شهدت هجرات متعاقبة من مدن الجنوب طوال العقود الثلاثة الماضية.
يقول علي النواب، وهو احد الداعين الى التجمع والناشط في مجالات ثقافية وحقوقية عدة لـ"نقاش" إن "هناك ضرورة لتولي أهالي كربلاء الأصليين زمام الأمور والعودة بقوة إلى إدارة مدينتهم بأنفسهم".
ويضيف النواب إن "السنوات الماضية شهدت إقصاء أهالي كربلاء عن المشاركة في إدارة الشؤون السياسية والخدمية والاجتماعية في المحافظة، وأن معظم السكان الأصليين لديهم الرغبة في تولي ابنائهم ادارة المحافظة إلا أنهم يفتقرون الى التنظيم".
موجات النزوح المتكررة لآلاف المهاجرين إلى المدينة بدأت في السنوات الأولى لاندلاع الحرب العراقية الإيرانية وانتهت بالنزوح الذي أعقب المشكلات الطائفية في بغداد، حيث فاقت أعداد النازحين طوال تلك السنوات عدد السكان الأصليين، وتسببت في الكثير من الاشكاليات الجوهرية بين شرائح المجتمع الكربلائي.
ويلقي النواب باللائمة على النازحين الى كربلاء في اثارة الصراعات الاجتماعية وعدم احترامهم لخصوصية المدينة وثقافة ابنائها، فيقول، "انهم يتعاملون مع السكان الأصليين كأنهم ضيوف عليهم وليس العكس".
آخر الاحصائيات الرسمية أشارت إلى زيادة أعداد مواطني محافظة كربلاء إلى الضعف، حيث وصل عدد السكان إلى مليون ونصف المليون نسمة بحسب إحصائية وزارة التجارة للبطاقة التموينية للسكان، فيما يؤكد بعض المعنيين أن نسبة السكان الأصليين اقل من نصف هذا العدد.
وتعد كربلاء التي تقع ضمن منطقة الفرات الاوسط من أبرز المدن الدينية المقدسة للمسلمين الشيعة في العالم الاسلامي، اذ تحتضن مراقد شيعية مقدسة، كالإمام الحسين بن الأمام علي وأخيه العباس، مما جعل منها مزارا يستقبل ملايين الوافدين سنويا.
وكثيرا ما يقفز إلى الواجهة الاجتماعية بعض الصراعات بين سكان المدينة الأصليين وبعض النازحين اليها من بقية محافظات العراق، او ممن ينحدرون من أصول غير عربية.
مصطلحا (اللفوّة) الذي يشير إلى الغرباء الذين استوطنوا المدينة و (العجم) الذي يطلقه الكربلائيون على الإيرانيين والأتراك والهنود يجري تداولهما بشكل معلن بين شرائح اجتماعية مختلفة في كربلاء.
ويقول أحد السكان الأصليين لموقع "نقاش" : "أصبحنا نسير في الطرقات ونشعر اننا غرباء بسبب كثرة المهاجرين". ويضيف، "سلبت كربلاء من تراثها وثقافتها الخاصة، وحلت مكانها عادات غريبة علينا لم نكن نعرفها، فالتقاليد الدخيلة اخترقت كل شيء حتى حجاب النساء اللواتي صرن يرتدين ألواناً مختلفة من الحجاب الإيراني والباكستاني وغيره".
احمد عبد الحسين، أحد المتحمسين لفكرة إنشاء التشكيل السياسي، يقول إن "كربلاء كانت تتميز بالتسامح والبساطة في ثقافة سكانها وطرق تعاملهم مع الآخرين، لكن تلك الثقافة المدنية المتوارثة لم تعد سارية بين الناس بعد زحف القوانين والأعراف العشائرية الريفية التي باتت هي الحاكمة".
ويضيف "اعتقد اننا بحاجة إلى مراجعة شاملة لواقع المدينة تبدأ من حراك شعبي يستعيد هوية الكربلائيين الأصليين، صعودا إلى تولي أهالي كربلاء أنفسهم ادارة حكومتهم المحلية".
موجات النزوح المتعاقبة على مدى العقود الثلاث الماضية إلى المدينة فرضتها أوضاع الحرب بين العراق وايران في عقد الثمانينات من القرن الماضي، ونتائج سياسيات نظام صدام بتجفيف الأهوار في جنوب العراق وهجرة بعض سكانها إلى كربلاء، وعواقب انتفاضة العام 1991، فضلا عن المشكلات الطائفية في بغداد عقب سقوط النظام والتي تمثل آخر موجات النزوح إلى المدينة.
كربلاء استقبلت في الحرب العراقية - الإيرانية آلاف العائلات الهاربة من القصف الجوي والمدفعي في محافظة البصرة، أعقبتها موجة نزوح تعد الأسوأ في تاريخ المدينة في أواسط عقد التسعينات وكانت من محافظتي الناصرية والعمارة بعد تجفيف النظام السابق للأهوار في تلك المحافظات.
الموجة الأكثر كثافة وجرت في وقت قياسي حدثت في العام 2006 حيث نزحت آلاف العائلات الهاربة من عواقب الاحتقان الطائفي من بغداد والموصل وديالى وصلاح الدين إلى كربلاء.
الحكومة المحلية في كربلاء سنّت في العام 2010 قانوناً للحد من الهجرة إلى كربلاء أكدت فيه عدم قدرة المدينة على استيعاب الوافدين اليها من المحافظات العراقية الأخرى، وخصصت مبلغ أربعة ملايين دينار لكل أسرة نازحة تغادر كربلاء إلى محافظاتها الاصلية.
القانون حفّز 4300 أسرة على مغادرة كربلاء والعودة إلى الديار بحسب الإحصائيات الرسمية للمحافظة. أما منظمو قائمة "بيوتات كربلاء" التي تتهيأ لدخول الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات فاشترطت ان يكون المرشح ضمن القائمة من أب كربلائي المولد يقطن المدينة منذ عقد العشرينات من القرن الماضي أي أنها لن تقبل دخول النازحين، فضلاً عن استبعادها الشخصيات السياسية والدينية عن عضوية التجمع.
ويقول الحاج علي المستوفي، أحد سكنة محلة باب الخان الشهيرة في المدينة القديمة، "يجب أن نعمل على حملة تثقيف بين صفوف السكان الأصليين لانتخاب هذه القائمة، فإظهار مشاعر التذمر والسخط غير كافية لتغيير الواقع الحالي الذي نعيشه". ويتابع:" الغرباء هيمنوا على مفاصل السلطة والوظائف العامة بشكل لا يطاق". ويشير الى انه "أصبح أبناؤنا يعانون في الحصول على الوظائف الحكومية فضلا عن صعوبة الحصول على فرص عمل جيدة".
موجات النزوح سببت بحسب بعض الباحثين أزمة سكن خانقة في المحافظة إلى جانب تضرر البنى التحتية بسبب تزايد الضغط. الباحث الاجتماعي عبد الكريم العامري يؤكد ان النازحين الى كربلاء استساغوا البقاء فيها وعدم المغادرة لظروفها الأمنية والاقتصادية الجيدة.