صفحة الكاتب : عبد العزيز ال زايد

الصدقات وعجائب تُرْوى
عبد العزيز ال زايد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 هل ضاع منك مبلغًا من المال وشعرت بالأسى؟ هل خسرت بعض مالك ذات يوم؟ هل تذوقت مرارة النفقة على أمر لم تجني منه أي فائدة؟ الحياة تضعك على محطات الفقد بشكل أو بآخر، الحديث يرتبط بالإيمانيات والمعتقدات، وتحديدًا في أمر الصدقة، فهناك معتقد لدى الكثيرين يصرح أن الصدقات تنمي المال وتجنب الخسائر، البعض يدفع صدقة قبل أن يبدأ في مشروعه أو أي أمر يهمه، البعض لا يضع أقدامه في سفر دون أن يخرج من محفظته بعض الدراهم، يعتقد الكثير في أهمية الصدقات في دفع المكروهات وجلب المنافع والخيرات، سمعت الكثير من المواقف وقرأت الكثير من الحكايات التي ترغب في دفع الصدقة، حتى أن البعض يروي آثارًا عجائبية عند دفع مبلغ زهيد لفقير أو محتاج، البعض يقول: "إنفق بعض ما لديك وتأكد بنفسك".

البعض يقول متهكمًا: "ما ضرك لو دفعت بعض القروش الزهيدة لتجنبك خسارة متوقعة أو غير متوقعة"، والخسائر على أنواع واحدة منها الخسائر المالية، فقد تخسر في صفقة تجارية أو معاملة بنكية أو تقع فريسة مخالفة مرورية أو يتعطل لديك جهاز لم تحسب له حسابًا، والأمثلة لا حصر لها. يقول التابعي الشهير سعيد بن المسيب مخاطبًا نفسه: "ماذا فعلت؟"، حينما عثرت به دابته، أي أنه يرى أن عثرات الفرس والدواب مرتبطة بأفعال صاحبها، هكذا يعتقد وكأنه يفرغ عن معنى الآية التي تقول: (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّـهِ وَ ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ).

كثير منا لا يتفكر فيما تؤول إليه الأمور، فهل تعرفنا على جواهر المسببات ومباعث تكونها؟ ألا يعقل أننا السبب الأساس في تراكم كثبان المصائب التي نتعرض لها كل يوم؟، ماذا إذا كان غياب البشاشة والعبوس في وجوه من حولك له ثمن ويترتب عليه بعض الكوارث؟

هناك رأي يعتقد به البعض أن سوء تعاملنا مع الغير له فواتير باهظة من صحتنا وثروتنا وتطول قائمة مستردات الديون، سؤال عفوي نطرحه عليك: هل الذنوب والمعاصي تبدد النعم؟ وتحجب البركة؟ وتحرمنا من توافر الرزق؟

تحدثنا سورة القلم عن حكاية أصحاب الجنة الذين اتفقوا على البخل بما في أيديهم فأصبحت جنتهم كـ (الصريم)، والصريم هو الليل البهيم المظلم. في حكاية واقعية يدخل أحدهم فجأة غرفة والدته فيسمع هذا السؤال: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً)، في البداية ظن أن هذه الآية صدحت مصادفة، لكن التسجيل كرر عليه ذات الآية، وكأنها تخاطبه، فقال على الفور: "أنا يا رب"، لكنه نسي دفع الصدقة، فلما رجع لأمه سمع آية أخرى تخاطبه: (وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً)، فاقشعر بدنه ووقف شعر جسده وقال: "حالًا وفورًا"، ومن هنا بدأت رحلته مع دفع الصدقات. نهاية الحكاية أن راتبه تضاعف ثم تطوّر عمله ليربح خمسة أضعاف ما كان يجنيه.

 

حكايات البر كثيرة ولعل كلّ واحد لديه حكاية يرويها، سمعت قصة تقول أن أحدهم رجع إلى وطنه ليكتب وصيته بعد أن عرف أنه مصاب بمرض خطير، ومن خلال نافذة منزله شاهد امرأة تجمع العظم الملقى في الطريق من أمام محل بائع اللحم، فاندفع يسألها عن هذا الصنيع المستغرب، فأجابته أنها امرأة أرملة وفي رعايتها ستة بنات، ومنذ عام أو يزيد لم يتذوقوا طعم اللحم، وكانت تصبر عيالها بالعظم والشحم، فسخى عليها بدفع قيمة اللحم لمدة عام، فتبخر عنه المرض الذي كان يؤرقه! 

 

السؤال الذي نطرحه: هل للصدقات أثر في مداواة المرضى؟ أم هي محض تخرصات؟ لننقل قصة أخرى لمرأة أخرى فقيرة متسولة ترمق بعيونها السماء وتنتظر من الله الرحمة، نهضت هذه المرأة واختارت رجلًا محددًا ومدّت إليه يدها مستجدية، هذا الرجل لم يكن في محفظته إلا ورقة نقدية واحدة من العيار الثقيل والذي 

 لا يجرأ على دفع نصفها لسائل الطريق، فكيف يدفعها بأكملها؟ 

 

فلما أدار لها ظهره منصرفًا حثه

شيء ما  بداخله أن يلقي نظرة على المرأة قبل المغادرة، فوجدها ترمق السماء بضراعة، هنا رقّ لها قلبه وقرر أن يدفع الورقة النقدية بأكملها، وبالفعل دفعها دون أن تطرف له عين أو يرف له جفن، وهي بدورها لم تنظر لما وهبها الرحمن، فقط تمتمت بالخير له، ورجع إلى منزله، في اليوم الذي يليه حَدَث ما لم يتوقعه، تبدلت أموره الاقتصادية رأسًا على عقب، الأسهم ارتفعت والصفقات نجحت وأدرك من فوره أنه تحت عناية الله فخر له ساجدًا شاكرًا، فلم يبصر في سجوده غير تمتمات تلك المرأة التي تصدقت عليه ببعض دعواتها، وفارق كبير بين ما دفعه لها وما وهبته له.

 

هل جربت أن تنفق بعضَ ما لديك؟ هناك إدعاء يقول: "المنفق يكسب أضعاف ما أنفقه"، هذا الإدعاء يحتاج لتجربة وإليك يعود القرار، أحدهم أنفق من ماله على قطط صغيرة ليس لها أحد، فوهب الله له أمه التي شارفت على الرحيل، العجيب أن هذه الأم روت لابنها أنها رأت في منامها قطط صغيرة تدعوا لها، فهل هذه مجرد مصادفة؟

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد العزيز ال زايد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/03/21



كتابة تعليق لموضوع : الصدقات وعجائب تُرْوى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net