المطلق الوحيد في عملية سياسية نسبية : مهداة الى معين الخياط النجفي
باسل سلمان
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يقول رئيس مجلس النُوّاب ان مجلسه فضلا عما ضمه من فندق للنُوّام توسع ليضم وكر للنُهّاب يحتوي نوعيات متميزة منهم ، استطاعو ان يطوروا مواهبهم و يحرقوا المراحل الزمنية ليصلوا الى مستويات قياسية في تزوير مستندات الصرف و اوراق الحمايات الوهمية و ابتلاع رواتب افراد تلك الحمايات ، و حرصا من دولته على سلامة هذه المواهب و حفظهم من عيون الحاسدين فانه يتحفظ على اسمائهم ، و لا يرى حاجة لكشفها امام شعب جاهل لا يقدر المواهب التي انتخبها بنفسه .
انتهى حفل الديمقراطية الذي اقامته القوات الامريكية وانكشفت النوايا الحقيقية للهيمنة المغلفة بشعارات الديمقراطية مع عدم احترام واضح لتلك الشعارات ، و عرف الجميع ممن هم في السلطة او قريبين منها ان الفرصة قد لا تتكرر و الحياة فرص و الاغبياء فقط من يتركون الفرص تمر دون انتهازها ، و لكن بالتاكيد دون التجاوز على او حتى المساس بالخطوط الحمراء التي تحددها القوة الفاعلة الحقيقية في رسم السياسة العالمية ، وهو بالضبط ما عبر عنه سلوك النظام المصري الذي سمح بهامش محسوس من الممارسة الديمقراطية انسجاما مع تلك الشعارات المرفوعة انذاك ، قبل ان تتوضح له النوايا الامريكية من خلال الكثير من الممارسات التي كان التدخل الفج في نتائج الانتخابات العراقية احدى نماذجها ، ليعود النظام المصري الى ممارسة ابشع السلوكيات الدكتاتورية التي بلغت الذروة في تزوير انتخابات مجلس الشعب 2010 .
من يطلع على العملية السياسية الجارية حاليا في العراق سوف يرى انقلابا اقل وضوحا مما جرى لاحقا في الشقيقة الكبرى و ذلك ما تدل عليه المقارنة بين نتائج الانتخابات التي جرت في البلدين ، فالحالة العراقية اكثر تعقيدا حيث صيغ القانون الانتخابي بطريقة مراوغة تقلل الحاجة للتزوير و تسهل عملية الالتفاف لكل من استطاع الى ذلك سبيلا ، و النتيجة عملية سياسية مفتوحة على كل الاحتمالات .
لكن اغلب المؤشرات الاولية تعبر بوضوح عن طبيعة المرحلة القادمة في ادارة شؤون العراق ، فعلى الصعيد التشريعي تسود قاعدة بوكي و طمطم أي ان النُهّاب من حقهم التزوير و السرقة ، و ما على دولة رئيس مجلسهم الا طمطمة اوضاعهم ، اما على الصعيد القضائي و القانوني فان الامر لا يحتاج اكثر من غفوة بسيطة من اصحاب الشأن ليستيقظوا بعدها و قد اجرى اخرون اللازم ، و كما اعلنت انتخاباتنا بالامس على دفعات تعلن اليوم تشكيلتنا الوزارية بالاقساط و حسب الوزن النوعي للاحزاب و الوزارات و البعض رفع شعار ؛ الاقربون اولى بالمعروف .
مع كل هذا فان الاغلبية الساحقة من الشعب العراقي غير معترضين على ذلك لان ما يصيب نوابنا و نهابنا من خير لا يلبث ان يعود بعضه علينا و نحن ناس قنوعون علمتنا التجربة ان نرضى باقل القليل ، لكن للاسف كان لنا امنية بسيطة جدا ، و هي ان لا نرى من يذكرنا باذلالنا و هزيمتنا و تخلفنا و شتاتنا و تشردنا و تمزقنا و تمزيقنا ، و قد تصدروا المشهد السياسي .
لسنا مسكونين بروح الانتقام كما يقول الشمبانزي ، المطلق الوحيد في عمليتنا السياسية النسبية ، فمن حقه ان يعيش هو و بقية قردة البعث ، شيوخا او امراءَ او زعماء بين اتباعهم ، لكن ليس من حق الشمبانزي ان يتهم ضحايا حزبه المدحور بروح الانتقام ، عندما ترفض تلك الضحايا مشاهدة ذلك الوجه الاستفزازي الذي ابدع الباري في تشويه ملامحه البشعة التي تذكر باقذر جرائم صدام سابقا و الارهاب حاليا و هو يمتدح تلك المنظمة السرية الارهابية ، و تتمنى ان تعيش بعيدا عن تلك الذكريات المؤلمة .
لكن للاسف هُزم النسبيون امام المطلق الوحيد الذي ثبت على كل ما اعلنه منذ البداية لحد الان فلم يعترف بالتغيير الذي اتى بمن يسميهم بالانتقاميين و الطائفيين و لا برموزه ، ولم يتزحزح عن رفع العلم الصدامي الذي التزمت به فضائيته البابلية التي لم تنقطع عن الترويج للافكار البعثية و رموز البعث و استضافة نفاياته ، رغم كل الحقائق التي كشفتها محاكمة رموز النظام و الاعترافات الصريحة للبعض منهم ، حتى انه لم يكلف نفسه عناء الاعتذار الكاذب كما فعل رفاقه لضحايا البعث من العراقيين .
كل هذا مكفول بحمايته لمنظمة مجاهدي خلق ورفعه لشعارات العداء للجارة ايران التزاما امام السيد الامريكي ، الراعي المطلق للعملية السياسية الذي لن يجد خير من قردة البعث بقيادة الشمبانزي المطلق لحماية مصالحه الستراتيجية .
فهل ترى يا سيد معين ان قياداتنا الدينية و السياسية واعون للخطر الحقيقي ام ان صراعهم مع الرذيلة انساهم صراعهم مع الاراذل ؟