صفحة الكاتب : ماجد عبد الحميد الكعبي

الأكرادُ ..هم أعراب الفرس !
ماجد عبد الحميد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 قد يستغرب القارئ الكريم من هكذا عنوان - كما استغرب التابعي المحدّث مجاهد بن جبر المكي -  لأنه لم يسمع بذلك من قبل ، فالأعراب دائما يقرنون بالعرب ، فما بال الفرس والأكراد ؟ لكن الدهشة حتما ستزول لو تأملنا جيدا ودققنا النظر بمصطلح الأعراب معجميا ودينيا وثقافيا. ولقد سبق ان تطرقت الى مصطلح الأعراب واختلافه عن مصطلح العرب اعتمادا على معجم لسان العرب والأحاديث النبوية الشريفة فضلا عن القران الكريم.
ان معظم الناس – قديما وحديثا – لا يفرّق بين الأعراب والعرب ، الامر الذي ادى  الى اثارة اشكاليات معرفية وثقافية كثيرة . ولكي لا يميل الموضوع نحو السرد الانشائي ، نقول : ان العرب ليسوا جنسا بذاتهم ينحدرون من جدّ اعلى يسمى (عرب) او ( يعرب) ، كما ينتسب الفرس الى جدهم  الاعلى (فارس )، او كما هو معروف في الانتساب القبلي عندما تُنسب القبيلة كلها الى الجد الاعلى ، فنقول قبيلة تميم ، هذيل ، عُقيل ، كعب ، غالب ، لؤي ، مالك ..الخ ، وكذلك هو الحال مع الأعراب ، فلا يوجد رجل يدعى أعرابي ينسب له الأعراب بل ان التسميتين اشتقتا من اصل المكان الجغرافي الذي يقطنه هؤلاء الناس ، وعلى ذلك فالعرب قد يوصفوا بالأعراب اذا ما سكنوا مناطق الاعراب والتي منها : ( البوادي والصحاري والفيافي والجبال والمناطق المعزولة عن المدنية والتحضر) واتخذوا حياتهم ومعيشتهم وثقافتهم سبيلا لهم ، وكذلك هو الحال مع الأعراب ، فقد يسمّون بالعرب اذا تركوا حياتهم الاولى وسكنوا الحاضرة فنشأت اجيالهم التالية على ثقافة اهل المدينة.
ولكي نحدد الدلالات  المرتبطة بهما لا بد من تتبع ذلك في معجم لسان العرب لابن منظور المصري ، فقد ورد في باب ( عرب) ما يلي : العرب ( بضم العين وسكون الراء ) والعرب ( بفتح العين والراء) : جيل من الناس معروف ، خلاف العجم...، والعرب العاربة : الخلص منهم ..، والعربي منسوب الى العرب ، وان لم يكن بدويا. والأعرابي : البدوي ، وهم الاعراب ، و الأعاريب : جمع الاعراب ) . اذن التسميتان تتعلقان بأسلوب عيش وثقافة وليس بنسب او بأصل لجنس او عرق معين ، و اذا اردنا الدقة نقول هو الفارق بين المدنية والبدائية بين الحضارة والهمجية ، وهذا ما يؤكده ابن منظور مستشهدا بما حكاه الازهري الذي قال : ( رجل عربي اذا كان نسبه في العرب ثابتا ، وان لم يكن فصيحا ، وجمعه : العرب ،...ورجل أعرابي ، بالألف ، اذا كان بدويا ، صاحب نجعة وانتواء وارتياد للكلأ ، وتتبع لمساقط الغيث ، وسواء كان من العرب او من مواليهم ،..و الأعرابي اذا قيل له : يا عربي ! فرح بذلك وهش له ، والعربي اذ قيل له : يا أعرابي ! غضب له ، فمن نزل البادية ، او جاور البادين وظعن بظعنهم ، وانتوى بانتوائهم : فهم أعراب ، ومن نزل بلاد الريف واستوطن المدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي الى العرب : فهم عرب وان لم يكونوا فصحاء. وقول الله عز وجل : ( قالت الأعراب امنا ، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا : اسلمنا ) فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي ، صلى الله عليه وسلم المدينة ، طمعا في الصدقات ، لا رغبة في الإسلام ، فسماهم الله تعالى الأعراب ، ومثلهم الذين ذكرهم الله في سورة التوبة ، فقال : ( الأعراب اشد كفرا ونفاقا ) .
اذن الربط واضح بين المكان والتسمية الذي يحيلنا الى علاقة التسمية بالعيش والسلوك والقيم المعروفة في المدن و الحواضر واختلافهما اختلافا واضحا عن قيم الصحراء ، وضرب الازهري امثلة تعزز ذلك الفهم عندما قال رادا على الذين لا يفرقون بين العرب والأعراب فقال : (والذي لا يفرق بين العرب و الأعراب والعربي و الأعرابي ، ربما تحامل على العرب بما تأوله في هذه الاية وهو لا يميز بين العرب والأعراب ) .
 وطالما اقترنت التسمية بالمكان والثقافة فإننا نستطيع ان نفهم المعنى الذي قصده  الصحابي عبد الله بن عمر في قوله الاتي مخاطبا التابعي مجاهد بن جبر : ( أ تدري يا مجاهد من الذي اشار بتحريق ابراهيم بالنار ؟  قلت : لا. قال : رجل من أعراب فارس . قلت : يا أبا عبد الرحمن ، وهل للفرس أعراب ؟ قال : نعم ، الكُرْدُ هم أعرابُ فارس ، فرجل منهم هو الذي أشار بتحريق ابراهيم بالنار) .
واستنادا الى قول  الصحابي عبد الله بن عمر ، ها قد اصبح للفرس أعراب كما  للعرب أعراب ، فلا يغضبنَّ احدٌ علينا..  فلكلِ أمَّةٍ أَعرابُها.  
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد عبد الحميد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/23



كتابة تعليق لموضوع : الأكرادُ ..هم أعراب الفرس !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net