ملابس الإمبراطور الجديدة
ماجد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ماجد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يبدو أن ثمة شبها كبيرا بين المجلس السياسي الوطني للستراتيجيات العليا وملابس الإمبراطور, فبأي عين نظرنا إلى هذا المجلس , قانونية أو سياسية أو عقلائية أو ايديولجية أو ديمقراطية أو دكتاتورية أو تعبوية أو سوقية أو برلمانية أو لوجستية لا نجده يختلف إلا قليلا عن ملابس الإمبراطور الجديدة , اللهم إلا إذا نظرنا إليه بعين سحرية .
وقد يسال سائل ما هي قصة هذه الملابس الإمبراطورية التي يريد السيد الدكتور إياد علاوي المرشح لرئاسة هذا المجلس الذي لا احد يعرف رأسه من رجليه , وهل هو مجلس حكومي أم تميزي أم تشريفي أم قضائي أم استشاري أم هو السلطة الرابعة التي نعرف أنها الصحافة صاحبة الجلالة فيزاحمنا عليها الإمبراطور , ونحن الصحفيين على أتم استعداد لان نتخلى عن أقلامنا له ونتوجه على كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والشبكة العنكبوتية والفن السادس والفن السابع ليقدم عليها مسرحية ملابس الإمبراطور الجديدة كوميدية أو تراجيدية والتي ينتظر أن تحاك وان تغزل وتنسج وتخاط له حسب قياساته ويأخذ عليها بروفة ويرتديها ساعة تتويجه بحركات دون كيشوت وهدوء الدون الهادئ الذي لم يعد هادئا .
صرخ السائل بعد أن نفذ صبره وقال : ما هي قصة ملابس الإمبراطور الجديدة ..؟؟ التي نسمع بها ولا نراها كهذا المجلس السياسي الوطني للستراتيجيات العليا , وإذا ماريناه فهو كما يقول الله سبحانه وتعالى (( كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء )) أو كالخيال أو الوهم أو الشبح أو الكابوس أو جودو أو الأماني ((إن الأمانيَ والآمال تضليل )) كما قال الشاعر كعب ابن زهير أو كما قال الطفرائي :
وأعلل النفس بالآمال ارقبها
ما أضيق العيش لولا فسحت الأمل
نقول للسادة القراء والسائلين والساسة : انه كان فيما كان في قديم الزمان , في سابق العصر والمكان شخص يحلم بان يصير إمبراطورا حتى بلا إمبراطورية مهما كلف الثمن (( ليكشخ )) ويشيخ و ( بأول شيخته شرم تراجيها ), فجاءه نفر من مجموعة من الأشخاص الذين يريدون أن يرضوا غروره من اجل أن تمشي أمور ذاك الوقت وتلك القرية الكونية وقالوا له إنهم سوف يغزلون وينسجون ويحيكون ويخيطون له بدلة سحرية إمبراطورية لا تصلح إلا له كما قال أبو العتاهية:-
وَلَو رامَها أَحَدٌ غَيرُهُ ... لَزُلزِلَتِ الأَرضُ زِلزالَها فجهزهم المدعي بالإمبراطورية بكل ما يحتاجونه من أدوات الغزل والنسيج والحياكة والخياطة , واصلت هذه الجماعة التي أعطته على قدر عقله تغزل وتنسج وتحيك وتخيط له بالوهم والحركات الخيالية وتحريك الأيادي كما تحرك الأشباح بالصوت لا بالصورة وبطوباوية غير واقعية وقالوا لجلالة الإمبراطور (( حفظه الله )) إن من لا يرى هذه الملابس الإمبراطورية من الناس لا يحبه ولا يرغب فيه , وان أي شخص سوف يراها فهو يحبه وينتخبه ويريده زعيما أو حاكما أو رئيسا أوحد تعلو صلاحياته كل صلاحيات الرؤساء , فهو الإمبراطور بلا منازع , لا قبله كان احد مثله ولن يكون مثله بعده احد فهو اياديمقراطية .
وما أن جاء يوم أن يلبس فيه السيد رئيس المجلس الإمبراطوري الإستراتيجي حيث خلعت الجماعة عنه ملابسه وعرته عريا كاملا ( كما ربي خلقني ) وبانت سوءاته وعوراته فالبسوه الملابس السحرية الوهمية , وصاح جماعته بتنصيبه وصفقوا له وهتف له مريدوه والذين يخشون أن يقولوا أن الإمبراطور عارٍ لأنهم سيتهمون بالكراهية والقذف وعدم الولاء والخروج عن الاستحقاق الانتخابي الذي زاده عن بقية الكتل بنصف نفر كباب ( شيشين ) أو كما جاء في اللغة العربية الفصحى ( سَفُودين ) والسفود هو ( الشيش عوازة ) .. وهكذا فرح الإمبراطور المزعوم والموهوم الحالم بأحلام اليقظة والمنام والذي ما ترك في الأرض من فتاح فال إلا ذهب إليه ليفتح له فاله أو شؤمه ( ويفتح الله له ) وما ترك في المعمورة وغير المعمورة من منجم إلا قصده ليطالع له طالعه الحسن أو برجه النحس والسيئ ( وكذب المنجمون ولو صدقوا ) وما ترك من قارئة فنجان إلا وذهب لها فقالت له : ( يا ولدي لا تحزن فالحزن عليك هو المكتوب ) .
وسط هتافات المشجعين والمصفقين والأنصار والمؤيدين بألسنتهم ما ليس في عيونهم ولا في قلوبهم صاح احد الحضور من ذوي الجرأة والشجاعة ورجاحة العقل بان الإمبراطور عارٍ عارٍ عارٍ بلا مجلس ولا سياسية ولا ستراتيجية ولا قانون ولا تعبئة ولا سوقية ولا تكتيك ..!! فصاحت الجماهير إن الإمبراطور عار بلا ملابس ولا إمبراطورية ولا ملكية ولا جمهورية ولا أميرية ولا مختارية ولا سلطانية ولا ( خطى شريف كولخانة) .
ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه وقديما قال أبو الفلاسفة سقراط ( اعرف نفسك ) , وقديما قال الشاعر العربي :
والنفس كالطفل .. أن تهمله شب على حب الرضاع .. وان تفطمه ينفطم
وفي صدر الإسلام جاء في الأثر : ( إن الامارة رضاعها حلو وفطامها مر ) , وقيل ( إنكم تحبون الامارة ولو على الحجارة ) , ولكن يبدو أن بعض الناس يحبون الامارة ولو على الطهارة ) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat