صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

ورطة رجل اعلامي
علي حسين الخباز


بعد برهة صمت راح يتفرس بها الحاج وجه السماء من خلال النافذة، وانا مطمئن تماما ان لابد أن يلتقط فكرة ما سؤالا ما او شيئا من هذا القبيل... فعقل مثل هؤلاء الناس لايتوانى عن التمحيص والتدقيق في كل مايمر امام نواظرهم.. واذا به يحقق ما راحت اليه فراستي، فسألني بهدوء كبير دون ان ينظر الي او يجهد نفسه وانما كان سؤالا تأمليا عابرا: ما هذه... واشار بيديه الى الاعلى الى فوق؟ قلت: هي سماء.. فسأل على طريقته المعهودة: يعني؟ قلت: يقول ابن قتيبة: كل ما علاك فأظلك... فقال: ويعني؟ اجبته: سقف البيت يسمى سماء، والسحاب سماء، فقد قال الله تعالى: و(نزلنا من السماء ماء مباركا) فعرفنا انه جل وعلا يريد السحاب... قال برضى وهو مايزال على وضعه: جيد جيد ايها الاعلامي الرائع... لكن ما الفلك؟.
قلت مع نفسي: انا عرفته.. هذا الرجل لايمكن ان يترك الامر دون ان يبحث فيه، ورحت اتأمل في معنى الفلك، فتوصلت الى مدار النجوم ـ واستشهدت بقوله تعالى: (كل في فلك يسبحون) وكنت اتصور ان القضية انتهت الى هذا الحد، لكن علمني الحاج من خلال هذه الورطة، ان لكل موضوع زاوية ـ حتى صرت اقلق فعلا من تلك الزوايا خشية الاحراج ـ قال: لماذا سمي فلكا؟ :- أوه المسألة صعبة يا حاج، لكن على ما اعتقد واتصور انه سمي فلكا لاستدارته. صاح الحاج: جيد، والاستدارة لماذا سميت فلكا؟ :- لا حاج هذه صعبة، وحتى عند اهل الاختصاص.. اجابني الحاج:ـ بسيطة بسيطة لابأس عليك سمي نسبة الى فلك المغزل... ثم قال: المهم ياولدي ان اجمل ما فيك انك تصغي جيدا، والاصغاء جزء كبير من عملية المواصلة والمثاقفة والمعرفة... ما ان سكت سألت نفسي: ولِمَ لا آخذ انا دور الحاج، فرحت كثيرا للفكرة فقلت لاستنتج سؤالا:- قل لي حاج (هكذ فخمت لهجتي) وماذا يعني الاصغاء؟ ابتسم الحاج وكأنه فهم اللعبة، وأعجبه ان يسايرني بها، قال: الإصغاء يعني طلب ادراك المسموع، بإمالة السمع اليه، ما اسمع ادراك فقط. قلت مقلدا الحاج: ويعني؟ قال: صغا ـ يصغو اذا مال ـ تأمل قوله تعالى: (فقد صغت قلوبكما) أي مالت ـ قلت: أنا اشهد انك من خيرة اللغويين في العراق؟ ابتسم الحاج ونظر الي وقال: ماعلاقة ما تشهد به الان بالعسل؟ قلت مستفسرا: نعم؟ العسل اسمه شهد؟ حينها لا بد من تقارب بين المفردة قلت بعد برهة صمت: لابد أن الحاج يقصد مفردة الشهادة. قال: ويعني؟ قلت: رؤيا لا تصح إلا مع العلم لها. سأل: ويعني؟ قلت: والعسل سمي شهدا على ماشهد في موضعه؛ فالشهادة إدراك الشيء بسمع أو دراية. قال: ويعني؟ قلت: الشاهد بمعنى الحدوث والشهيد الثبوت. قال: ويعني؟ قلت: إذا تحمل الشهادة فهو شاهد، وإذا ثبت تحمله لها لأكثر من زمان سمي شهيدا... ولو تأملت قوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) فأن الطلب أنما يكون قبل حصر المطلوب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/16



كتابة تعليق لموضوع : ورطة رجل اعلامي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net