السياسة الخارجية للعراق بين الدبلوماسية والمؤثرات الأجنبية ..
راسم قاسم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تبرز أهمية السياسة الخارجية كونها معيارا قياسيا لوزن هيبة الدولة ومصداقيتها في التعامل ، من هنا يبرز دور السياسة الخارجية للعراق في المستقبل بعد أن تعرضت سياسته الخارجية في الأعوام السابقة لتعثرات سببها قصور الدبلوماسية العراقية عن فهم الطبيعة العالمية والإقليمية للعراق وانطلاقها الخاطئ في تمثيل العراق دوليا وإقليميا وتغلب الروح الفئوية والعنصرية على مجمل سلوكها الدبلوماسي متناسية أنها تمثل العراق بمجمله لا جزءا منه ووسط هذا الخضم المتلاطم من المؤثرات والتجاذبات السياسية العالمية والاقليمية والداخلية كيف يمكن للعراق من بناء سياسة خارجية مستقلة تبعده عن مؤثرات هذا الخضم وتداعياته وهل بامكانه ذلك في الوقت الحاضر، وهل يستطيع العراق انتهاج سياسة خارجية تقوم على مسافات متساوية من ظاهرة المحورية العالمية والاقليمية في المنطقة؟ وبصريح العبارة بين محور روسيا الاتحادية وإيران وسوريا من جهة وأمريكا وتركيا و ودول الاتحاد الخليجي والاردن واللواحق من جهة أخرى؟ الجواب كما يرى مهتمون في الشان العراقي يؤكد صعوبة ذلك، ، فالعراق ليس دولة قوية عسكريا بما فيه الكفاية ليحقق مثل هذه الاستقلالية الخاصة به، والقوة العسكرية ليست طائرات وجيشا مفككا، والعراق ليس قويا اقتصاديا، والقوة الاقتصادية ليست اموالا طائلة في السوق، والعراق ليس بالمستوى الناضج من الوئام الاجتماعي بكل صراحة، والعراق ليس جغرافية تحت سيطرة المركز بشكل محكم وحكيم، والعراق ليس مستقرا امنيا كما هو واضح وبيِّن للعيان، ثم، وهذا مهم للغاية، صناع القرار السياسي العراقي منقسمون ولائيا بين هذا المحور وذاك، والقرار السيادي ا لعراقي ضعيف، وبناء على كل هذا فإن سياسة الاتفاق الكامل في خضم هذه التناقضات والتجاذبات عملية في غاية الصعوبة، أي هو مضطر إن يكون ملقيا في هذا المحور أو ذاك،وفكرة اللعب على هذه التناقضات والتجاذبات ضرب من الخيال، خاصة مع تلك المفارقات المخيفة، ولعل البقاء على سياسة التذبذب تضر بالعراق أكثر مما تحميه، فما عليه سوى التفاهم مع هذا المحور أو ذاك، ولكن مع الاخذ بنظرالاعتبار وبشكل جدي وصارم مصالح الشعب العراقي بالدرجة الاولى، ينبغي في هذه الحال على العراق أن يقوم بمسح عملي للاوضاع في العالم العربي ويستنتج إلى أين تسير كفة هذه التمحور، وان يدرس بشكل جيد ودقيق إمكاناته العسكرية والأمنية والاقتصادية في سياق قراءة موضوعية لمحيطه الجغرافي، ثم، مدى حضور وفاعلية كل من طرفي الحرب الباردة الجديدة في الشرق الاوسط، اي روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الامريكية، ومدى حضور كل من محوري التجاذب الاثني في المنطقة والعراق بالذات، أي محور تركيا ودول الخليج والأردن ومصر وعلى ضوء هذه القراءات ينبغي أن يتخذ الموقف الذي يخدم مصالح العراق، وذلك على صعيد أمنه الوطني، وأمنه الاجتماعي، ومصالحه الاقتصادية، في حاضره ومستقبله، وليس من شك أن ذلك يجب ان يكون بالتفاهم والحوار بين فرقاء العملية السياسية بشكل عام، وليس شرطا أن يكون التفاهم كليا بحيث يشمل كل فرقاء العملية السياسية وبكل مفردات الموقف، فلسنا نعيش في عالم مثاليات واخلاق، بل في عالم الصراع على القوة والمصلحة ، إن سياسة االاتفاق الكامل مع كل هذه المفارقات عملية خيالية، كما أن محاولة اللعب المستقل على أطراف النزاع في العالم والمنطقة لا تسمح به ظروف العراق على الاطلاق حتى بالتفاهم بين فرقاء العملية السياسية، المطلوب تحديد موقف نهائي في ظل هذه الخبطات السياسية المقلقة، وإلا سيكون العراق نهب الجميع، وسيبقى ساحة صراع شديد بين مختلف أجندة دول العالم الكبرى ودول الجوار، سيبقى كرة تتقاذفها القوى الفاعلة العالمية والاقليمية في الشرق الاوسط، هكذا تقول مدرسة السياسة الواقعية.والبحث بجدية عن امكانية سياسة خارجية عراقية مستقلة، أو بتعبير آخر سياسة خارجية تقوم على فكرة تساوي المسافات بين القوى العالمية والاقليمية ..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
راسم قاسم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat