لنغرس المرونة في حوارنا
زوزان صالح اليوسفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الحوار هو عبارة عن نقاش، إما بين طرفين، أو عدة أطراف ويهدف الوصول إلى الحقيقة، أو من أجل إقامة الحُجة على أحد الطرفين، وقد يستخدم لدفع شبهة أو تهمة ما، أو لحل مشكلة أو غيرها، وقد ذكر الحوار في عدة آيات قرآنية كريمة: ومنها كما جاء في سورة البقرة: ( وَإذْ قَالَ رَبُّكَ للِمَلائِكةِ إني جَاعِلٌ في الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أتجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقدِّسُ لَكَ قالَ إني أعْلمُ مَا لا تعلَمُونَ ) سورة البقرة (30).
وفي قوله: ( قالَ لَهُ صَاحِبهُ وَهوَ يُحَاورُهُ أكَفرتَ بِالذِي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا ) سورة الكهف 37. وغيرها العديد من الآيات.
كيف نتناقش أو نتحاور؟ يجب أن نتعلم أبجديات النقاش، أن أسلوب النقاش هو في الحقيقة يعبر عن التكون الحضاري للفرد والمجتمع.
فنحن حين نولد نرث بعضاً من خصائص وعادات وتقاليد أبوينا ومجتمعنا وعندما ننمو ونكبر خلال السنوات التي نعيشها نكتسب من علاقتنا الأجتماعية وأرتباطاتنا ومعلوماتنا الدراسية والفكرية الكثير ونضيفها إلى بنك معلوماتنا وإلى خصالنا، فتتفاعل كل المؤثرات لتخلق لدينا دوافع تدفع بنا إلى إلتزام طريق أو فكرة أو أسلوب.
في كل مكان يدور نقاش مستمر بين هذا وذاك وبين مشكلة وأخرى، النقاش يدور على قدم وساق ليسحق الكلمات والخطوط والآمال والأهداف ثم تمهد وترسم الخيبة على وجوهنا، ظلالا كئيبة ويمضي الكل إلى حيث يبغي الهدوء النفسي بعيداً عن أنسجة المشاكل التي تحبسه، والنقاش كما نعرف يقرب بين المختلفين في الآراء، وقد يغير من المواقف، والنقاش الجاد الهادف من الممكن أن يثمر وعياً صادقاً في موضوع ما وبحال أمة ما، إذا توفرت فيها العوامل الإيجابية من حيث الصدق، وصفاء النية، والموضوعية في الطرح، والهدف الواضح.
كان وما زال الفرد العراقي يعاني ضغط تلك الدوافع، وتظهر آثار تلك المعاناة فقد عانى العنف وتفاعل مع التحولات الأجتماعية، أنفعل بتأثيرات الحياة المتقلبة، رأى من المواقف ما هزهُ، عانى الحرمان والذل حتى تبلور لديه الموقف فرسخت هذه المعاناة في أعماقه، حتى أصبحت جزء من تكوينه النفسي.
وهذا التحول إنما يعني أن يكون جدياً في طبعه وموقفه وحديثه ونقاشه، وعندما يطرح موضوعاً يحدده كما يفرض عليه منطلقه الفكري وتكوينه النفسي، لا يتنازل عن جزء مما يريد إثباته وهكذا يظل النقاش يدور ويدور من غير نتيجة، وسيظل يدور بهذا الشكل لأن الإنسلاخ عن مثل تلك المؤثرات صعب جداً، وهذه حقيقة علمية، علينا أن نغرس المرونة في ذهننا كبذرة طيبة، في أرض طيبة خيرة، لنزرع نبتة المرونة حتى تتفق كلمة الجميع على خير الجميع.
لننبذ الأفتراق في منتصف الطريق بسبب أن هذا كذا وكذا، لننبذ التفرقة، حين نجابه أخطائنا ( كلنا مخطئون ) العصمة لله وحده، فلنعمل على تخفيف حدية أسلوبنا في النقاش لأن الحدية والتطرف من أحد الأسلحة لتمزيق شخصية المواطن والسياسي بشكل خاص.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
زوزان صالح اليوسفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat