متى سيرحل سربروس ؟
خالد محمد الجنابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خالد محمد الجنابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ملاحظة / سربروس هو الكلب الذي يحرس مملكة الموت في ألأساطير ألأغريقية ، سربروس كلب رهيب له ثلاثة أشداق رهيبة ومخيفة ، واستخدمتُ كلمة سربروس كبديل عن عبارة ألأدارة ألأميركية التي تديرها شبكة السي آي أي والكونغرس ومجلس الشيوخ ألأميركي ، يعني أيضا ثلاثة أطراف كأشداق سربروس .
متى سيرحل سربروس ؟ أيرحل نهاية العام ؟ أم يبقى ينبح في الظلام ؟ في مثل هذا اليوم من عام 2003 كان سربروس يجوب شوارع بغداد المصلوبة على ساق الشجرة تنادي ، من يحلٌ عني الوثاق ؟ سربروس دخل متحف ألآثار الطبيعي في منطقة الباب المعظم وراح يعبث بكل مايحتويه ، لحظات كان يبكي فيها التاريخ على تلك التي من ألف ليلتها للآن يعبق عطر في التلاحينِِ ، سربروس أخرج ثعلبا محنطاً من المتحف كان يمثل أغلى نفائس المتحف حيث مضى على تحنيطه أكثر من 400 عاما ، اخرج الثعلب المحنط وراح ينهال ضربا عليه باقدامه القذرة التي جاءت لتدنس البلاد ، وماهي الا لحظات غدا فيها الثعلب كومة من حطام ! ليس اكثر من نصف ساعة والمتحف صار مكبا للنفايات ! دقائق تمر والقلب يقتطع من مكانة وتموت أمانيه ! حتى الدموع كانت عصية تأبى النزول فرط ماشاهدت العيون من مناظر ألأسى ، الدم كان يحترق في الشرايين ، الغزاة يعبثون هنا وهناك ، وصوت المذياع الحقير ينادي في ألأثير انها أيام التحرير ! غير أن امرأة هناك ، كانت تطبخ الحجار ، لأولادها الصغار ، بعد غب انتظار ، حيث لا نقود ، فالوالد خرج دون أن يعود! سياج اكاديمية الفنون الجميلة كان يمثل أحد اسلحة الدمار الشامل التي آتى باحثا عنها سربروس ، السياج كان له بضعة قذائف شوًهت اللوحات التي رسمها طلبته بأناملهم الرقيقة التي ارعبت الغزاة ، لن يكتفِ سربروس بتدمير السياج بل راح يجهزُ على تلك التماثيل الجميلة التي وضعت على محيط الاكاديمية ولاغرابة في ذلك فالجمال لايعجب سربروس القبيح ، اقتربتُ ممن كان يحطم التماثيل ، قلت له ، Why ، أجابني بكل مايحمله من خسة ، Go ، Go ، Go ، أجابني وكانت رائحة لحم الخنزير اللعين تفيح من فمه القبيح ، هل ممكن لشخص أن يتصور لحظة واحدة يكون فيها أبن البلد غريبا في بلده ؟ أميركي غازي لعين يصرخ بوجه ابناء الوطن ، Go ، اذن من هو الذي سيبقى في البلد ؟ أأنت ايها المحتل الحقير ستبقى في البلد ؟ ودار الزمن دورته القاسية ، وماقرأناه في كتب التاريخ عن هولاكو ، وعن رمي نوادر الكتب في نهر دجلة ، شاهدناه يتكرر في مثل هذا اليوم ، يوم 17/4/2003 ، حيث اقتحم سربروس المكتبة الوطنية ، أو دار الكتب والوثائق الحالية ، أقتحمها ليكرر فعل هولاكو ، لكن ليس برمي الكتب والوثائق في النهر بل راح يرميها أرضا ومن ثم تسحق بالأقدام ، دقائق قليلة تم فيها تدمير عدد كبير نفائس الوثائق التي تؤرخ لهذا الوطن العظيم ، أفترشتُ ألأرض لعلي أجمع ماكان يتناثر فوقها من جذاذات المخطوطات التي كانت تئن ويئن معها التاريخ ، افترشت ألأرض لعلي أمنع ألأقدام اللعينة من تدوس سفرنا الكبير ، غير أن رصاصات سربروس كانت تطلق بالقرب مني ، وحين انتبهت سمعتُ ذاك الصوت المنكر كصوت الحمير يناديني ، Go ، Go ، Go ، ألم تقل ياسقراط ، بعد هذه الغيوم لابد وأن تمطر السماء ؟ ماذا ؟ لاتعلم ، بلى تعلم ، ويعلمون ، الغيوم لهم كانت وألأمطار لنا ستكون ، الفرق ياسقراط كبير بين حضارة ألأغريق وحضارة وادي الرافدين ، حضارة وادي الرافدين لن تموت ، ومملكة الموت التي يحرسها سربروس ، هي ليس العراق ، نعم سربروس باق لحد ألان ، لكن العراق يظلٌ مملكة للحياة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat