صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

صلاة السيد المسيح خلف المهدي (عج). رؤية جديدة.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لا يعرف أحد السبب الذي من اجله كان السيد المسيح يُصلي وحده . فحسب رواية الإنجيل فإن المسيح كان ينفرد دائما فيصلي وحده حتى أن تلاميذه طلبوا منه أن يعلمهم الصوم والصلاة ولكنه لم يستجب لهم ، فقط علمهم صلاة مسترجلة سريعة يؤديها الانسان في اي موضع وفي اي وضع من دون وضوء او طهارة ولا يحتاج فيها حتى لخلع الحذاء وهي (صلاة الأبانا) التي يبلغ طولها سطر واحد. بينما نرى المسيح نفسه يذهب للاغتسال قبل الصلاة وكان ينفرد ويُصلي بلجاجة وسجود طويل ودموع وتضرعات ولكنه لم يُعلّم اتباعه الصلاة والصوم.

هذه الثغرة المخيفة في معتقد المسيحية لم يستطع اي من مراجع الكنيسة العظام ان يسدها ، ولم يقدم لنا اي احد منهم تفسيرا لهذا السلوك من السيد المسيح تجاه دينه، فكما نقرأ في كتب كل الاديان فإن الصلاة عادة تكون العمود الفقري لكل دين.
ففي التوراة نرى أنها ركزت على صلاة الجماعة وهذا يعني ان موسى علّم قومه الصلاة وكان يُصلي فيهم جماعة كما نقرأ ذلك في سفر المكابيين الثاني 3: 18((وكان الناس يتبادرون من البيوت أفواجا، ليُصلوا صلاة عامة)).

وكذلك نقرأ في سفر المكابيين الثاني 8: 29 ( وبعدما فرغوا من ذلك . أقاموا صلاةً عامة)).
ولكن عندما تذهب إلى المسيحية فإنك ترى المسيح يُصلي بمفرده وحوارييه نيام حوله او جلوس حوله حتى أن احد تلاميذه لم يصبر على ذلك حيث طلب من المسيح ان يعلمهم الصلاة.
ففي إنجيل متى 14: 23 ( وبعدما صرف الجموع صعد إلى الجبل منفردا ليُصلي. ولما صار المساء كان هُناك وحدهُ). يعني ساعات طويلة يصلي وحده .

ونقرأ كذلك في إنجيل مرقس 1: 35 (وفي الصباح باكرا جدا قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء، وكان يُصلي هناك). وكذلك قوله في إنجيل لوقا 5: 16( وأما هو فكان يعتزل في البراري ويُصلي). وكذلك نقرأ في إنجيل لوقا 6: 12( خرج إلى الجبل وقضى اللي كلهُ في الصلاة لله).
وفي إنجيل لوقا 9: 18نقرأ وبكل وضوح ان التلاميذ كانوا حوله جلوس وهو يُصلي ( وفيما هو يُصلي على انفراد كان التلاميذ معه). وفي نفس الانجيل يقول انه كان يُصلي وتلاميذه حوله نيام : ( ثم ذهب ليُصلي ولما عاد وجد التلاميذ نيام).

ولذلك نرى أن التلاميذ طلبوا منه بلسانهم ان يُعلمهم الصلاة كما نرى ذلك في إنجيل لوقا 11: 1(وكان يُصلي في موضع، لما فرغ، قال واحد من التلاميذ : يارب علمنا أن نُصلي كما علّم يوحنا أيضا تلاميذه)!!.

ولم يهمل المسيح الصلاة ابدا بل كان مثابرا على الصلاة ولكنه لم يُعلمها لحوارييه بل لم يُعلمهم الصيام ايضا كما نقرأ في إنجيل لوقا 5: 33 (وقالوا له : لماذا يصومُ تلاميذ يوحنا كثيرا ، وكذلك تلاميذ الفريسيين أيضا وأما تلاميذك فيأكلون ويشربون؟).

إذن من كل ذلك نرى أن السيد المسيح لم يكن يُصلي بأحد ولم يُعلمهم الصلاة، ولكننا نقرأ شيئا عجيبا آخر وهو أن المسيح صلى خلف (إيليا) (1) عندما زاره على الجبل في ليلة التجلي وإيليا ليس بنبي بل إمام ؟ إنما هوعلى راي المسيحية  من المتنبأين الذي يتكلمون بالغيبيات .

إيليا هذا كان يمتلك قدرات كثيرة جدا حيث تخضع له كل ذرات الكون وتستجيب لأمره فهو يمنع المطر ، ويُنزل نارا من السماء يحرق بها الاعداء ويمتلك شجاعة فائقة حيث انه قتل بسيفه جنود مدينة كاملة، وكذلك يُحيي الموتى بإذن ربه واشياء كثيرة تذكرها التوراة عنه كما نقرأ في سفر الملوك الأول 17: 23 ( فقال لها أعطيني ابنك واخذهُ من حضنها ، فسمع الرب لصوت إيليا فرجعت نفسُ الولد إلى جوفه فعاش. ودفعه لأمه، وقال إيليا: انظري ابنك حي).وهو وحسب التوراة المقدم على الأنبياء .

فكما قرأنا فإنه من الجائز جدا في الديانات السابقة ان يُصلي الانبياء خلف اوصيائهم كما نرى في نص سفر الملوك الأول 18: 7 أن عوبديا النبي كان يسجد امام إيليا : ( وفيما كان عوبديا في الطريق إذا بإيليا قد لقيه فعرفه، وخرَّ على وجهه وقال: أأنت هو سيدي إيليا؟).
لا بل نرى نصوصا غريبة تقول بأن الأنبياء كانوا يتركون حتى آبائهم واموالهم ويتبعون إيليا ليخدموه كما نرى ذلك واضحا في سفر الملوك الأول 19: 20 (ووجد أليشع ، فترك البقر وركض وراء إيليا وقال : دعني أقبّل أبي وأمي وأسير وراءك .. ومضى وراء إيليا وكان يخدمهُ). ولكن ماهو نوع الخدمة التي كان يُقدمها هذا النبي لإيليا ؟

نرى في سفر الملوك الثاني 3: 11أن النبي اليشع كان يصب الماء على يدي إيليا : ( فقال يهوشافاط : أليس هنا نبي للرب فنسأل الرب به ؟ فأجاب واحد من عبيد الملك وقال : هُنا أليشعُ بن شافاط الذي كان يصب ماءً على يدي إيليا).

إذن من كل ما تقدم يتبين لنا أن صلاة المسيح خلف المهدي والذي لم يجد لها المسلمون تفسيرا (2) وذلك لأنهم لم يكتشفوا من أن الاديان السابقة كان تُجوّز صلاة النبي خلف الإمام (3) ولذلك وانطلاقا من هذا المعنى فإن السيد المسيح يرى أن صلاته خلف الامام بناءا على رسالته وعقيدته هي صلاة صحيحة خصوصا إذا عرفنا ان (إيليا) اضطربت الروايات في شخصه هل هو إيليا الذي جاء مع النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أم انه الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف والمصاحب لحركة الزمان وهذا ما يتبين لنا من أحد القابه بانه : (صاحب الزمان، أو صاحب العصر والزمان ، أو هو الساعة ).

حيث اننا نرى أن الشخصيتين تتجسدان في علي والمهدي ولا شيء آخر سواهما ولكن نصوص الكتاب المقدس تُشير في آخر فصول التوراة بأن إيليا لربما تكون لشخصيتين وهما إيليا (علي) وحفيده إيليا (المهدي) ويدلنا على ذلك هو قول التوراة التي تصف مجيء (إيليا) فينطبق الوصف تماما على الامام المهدي كما نرى ذلك في سفر ملاخي 4: 5
(هأنذا أرسلُ إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب، اليوم العظيم والمخوف فيرُد قلب الآباء على الأبناء، وقلب الأبناء على آبائهم). والمعروف ان هذا اليوم لم يأت بعد بل هو قبل نهاية الدنيا وما فيها ولذلك نرى أن المسيح يُبشر بهذا اليوم أيضا ولكنه يصف القادم بأنه يتقدم بروح إيليا وقوته كما نرى ذلك في إنجيل لوقا 1: 17 (ويتقدم ..بروح إيليا وقوته، ليرد قلوب الآباء إلى الابناء،والعصاة إلى فكر الأبرار، لكي يُهيئ للرب شعبا مستعدا). وهذه هي مهمة المهدي الذي سوف يُهيئ كل الشعوب لعبادة الله تعالى وحده بروح علي التي لا تُساوم وقوته التي لا تُرد.

ومن هنا نرى ان الانجيل كان اكثر وضوحا في بيان هذا اليوم وتسميته فقال في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 16: 14 (أرواح شياطين ، تخرج على ملوك العالم وكل المسكونة، لتجمعهم لقتال ذلك اليوم العظيم، يوم الله القادر على كل شيء. ها أنا آتي كلص! فجمعهم إلى الموضع الذي يُدعى بالعبرانية هرمجدون).

وكما هو معلوم فإن هذا اليوم (هرمجدون) هو من أشهر معتقدات الغرب المسيحي الذي يقوده اللوبي الصهيوني وكما يقول يوسف الحسن : (أن سبعة ملوك من رؤساء أمريكا يؤمنون بمعركة هرمجدون). (4)

المصادر .
1- يقول القس انطونيوس فكري في شرح الكتاب المقدس متى 17: إيليا لم يمت بالجسد بينما موسى مات بالجسد أي ان إيليا هذا لم يمت بل باقي حي على مر الدهور بينما موسى النبي مات وقد ظهر بشكل نوراني، أمّا إيليا فقد ظهر بجسده لأنه لم يمت، ويقول : ان إيليا ممثل الأنبياء.

2- ومن هنا يستغرب السيوطي ذلك فيقول في الحاوي للفتاوي: هذا من أعجب العجب، فإنّ صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدّة أحاديث صحيحة بإخبار رسول الله، وهو الصادق المصدّق الذي لا يخلف خبره.

3- هناك فرق بين النبي والمتنبأ ففي الامم السابقة قد تتنبأ امة بكاملها بنسائها واطفالها ولكنهم ليسوا انبياء وهكذا كان إيليا فقد كان يتنبأ اي يخبر بالغيبيات ولكنه ليس بنبي بل إنه الامام الاكبر ممثل الانبياء جميعا حسب اقوال مفسري الكتاب المقدس.
4- البعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي - الصهيوني (دراسة في الحركة المسيحية الأصولية الأمريكية),يوسف الحسن. وكذلك انظر القمص بعد المسيح بسيط في كتابه المجئ الثاني متى يكون وما هي العلامات.
 ملاحظة : يقولون ان السيد المسيح عليه السلام علمهم هذه الصلاة (صلاة الابانا) وهي سطر واحد يصلوها بالحذاء حتى لو كان حيض او جنابة او سكارى كلمات مع عقد اليد على الصدر . وإذا قالوا هناك صلاة أخرى فنقول لهم أين هي ؟ مالنا لانراها في سلوكيات المسيحيين اليوم .
اما الصلاة التي يُصليها المسلمون واليهود فهي صلاة تامة فيها سجود وركوع وقيام وقراءة نصوص معينة .
وحسب ما نقرأ في الروايات فإن الصلاة إنما اقيمت عبر الاجيال لكي تصل إلى غايتها وتمامها على يد المسلمين وهذا ما نراه في كتاب غاية المأمول ـ شرح التاج الجامع للاصول ـ (ج 5، ص 365) للطبراني حيث يقول : (يلتفت المهدي، وقد نزل عيسى بن مريم(عليه السلام) كأنّه يقطر من شعره الماء فيقول له المهديّ: تقدَّم صلِّ بالناس فيقول: انَّما اقيمت لك الصلوة فيصلّي خلف رجل من ولدي: وهو المهدي) ولو تمعنا في قول عيسى (إنما أقيمت لك الصلواة ). سوف نعرف اسرار كثيرة بحاجة إلى بحث كامل في كيفية تدرج الصلاة عبر مسيرة الاديان حتى وصولها إلى ما هي عليه اليوم
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/16



كتابة تعليق لموضوع : صلاة السيد المسيح خلف المهدي (عج). رؤية جديدة.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net