السيد السيستاني و رؤية مغايرة للغة الحرب
إيمان شمس الدين

رؤية إسلامية مغايرة للغة الحرب والأسر والجهاد، محورها وهدفها الإنسان.
للحرب تكتيكات وقواعد اشتباك غالب أهدافها تحقيق النصر لأحد الأطراف، والنصر بذاته له معاييره وقيمه.
ومع كثرة الحروب المتنقلة في منطقتنا تم ترسيخ نموذج واحد ذي أوجه عدة في أذهان الناس، ليشكل تصوراً منحرفاً عن قيم الحرب ولغتها وثقافة الهزيمة والانتصار ومعاييرها.
فلا الغرب، واضع القوانين الدولية في الحروب والأسر، طبق ما ادعاه من حقوق وقوانين، وسجن غوانتانامو خير شاهد ودليل، ولا الحركات الإسلامية السلفية الجهادية قدّمت قراءة معتدلة لما ادعته أنه من قيم الإسلام.

كلاهما ارتكزا في معيار الهزيمة والنصر على معايير متطرفة تقوم على امتلاك القدرة والنفوذ للتمكين ومن ثم الهيمنة، ليثبت كل طرف لغته في الحرب وفق أيديولوجيته الخاصة، والضحية في كل هذه الحروب كان الإنسان، الذي هتكت حرماته، سواء كان مقاتلاً وأداة في يد المتحاربين، أو ضحية من ضحايا الحرب، أو أسيراً في يد خصوم الفريق الآخر.
وفي خضم هذه الصراعات، التي تطغى عليها لغة الدم خصوصاً مع نموذج داعش للجهاد وفق رؤية نُسبت للإسلام، قدم السيد السيستاني رؤية إسلامية مغايرة للغة الحرب والأسر والجهاد، محورها وهدفها الإنسان، ووجه رسالة مفتوحة إلى لجان الحشد الشعبي الذين انضموا لمواجهة داعش في المناطق التي احتلها من العراق بعد فتواه الشهيرة، مبيّناً من النصوص القرآنية والروايات أحكاماً شرعية وآداباًَ عامة يجب على المقاتل اتباعها وإلا بات خارجاً عن دائرة الرضا الإلهي.
ومن يعرف العلاقة الشريانية بين المرجعية في العراق وأغلبية الشعب، يفهم أن الالتزام بوصايا المرجعية واجب يقدم دونه الروح.
لقد حفظت الوصية حرمة الإنسان بما هو إنسان بغض النظر عن دينه ومذهبه، سواء كان أسيراً أو جريحاً أو مدنياً أو مقاتلاً، وحفظت حتى الأرض والشجر وحرمت التعرض لكل ذلك إلا بالاضطرار.

إنه دستور طويل من يطلع عليه يدرك أن هناك نموذجاً ولغة أخرى للحرب هدفها الإنسان وما يحقق كرامته، وأن للاسلام لغة في الجهاد تقوم قائمتها على قيم ومعايير سماوية لا مدخلية للنفوذ والهيمنة والجشع فيها، والأساس والمحور هو رضا الله الذي يتكرس بحفظ الإنسان والطبيعة من كل عمليات الانتهاك الممنهج المعنوية والمادية.
وهو نموذج آخر لا يشبه نموذج «داعش» ولا القاعدة ولا نموذج الغرب وأميركا واضعي دستور حقوق الإنسان وقواعد الحرب والأسر.
وهنا تثبت مرجعية النجف مجدداً قدرتها على تكريس قيم المواطنة والتعايش في دولة يرفض أعداؤها أن تقوم لها قائمة، بل تقدم نموذجاً لدور المؤسسة الدينية حينما تلعب دوراً في مصلحة الإنسان والشعوب لا في مصلحة الأنظمة والسلطات الحاكمة.



بقلم إيمان شمس الدين لصحیفة "القبس" الکویتیة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


إيمان شمس الدين

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/03



كتابة تعليق لموضوع : السيد السيستاني و رؤية مغايرة للغة الحرب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net