جئنا نزورك يا سنا الأنوار
د . بهجت عبد الرضا

جئنا نزوركَ يا سنا الأنوارِ

مستأذنين بدمعنا المدرارِ...

موسى بن جعفر أي فخـرٍ بعدهُ

وكفاك هذا الإسم من مقدارِ...

جئناك يا باب الحوائج والمنى

وقلوبنا كمراكب الأسفارِ...

شوق إليك يقودها مهما رأتْ

من شدة الأمواج والإعصارِ...

إفتح لنا باب الضريح تكرُّماً

لنعانقَ الأقداس دون ستارِ...

نفدي الغريب الهاشمي فقلبهُ

هو موطن الغرباء دون ديارِ...

يا مرعبا أهل القصور بزهدهِ

وغناه عن جاه وعن دينارِ...

يا راهبا ما أرهبتك سجونهمْ

وزرعت فيهم رهبة الأقدارِ...

ما حط شأنك سجنهم تحت الثرى

لما رموك بقعره المتواري...

ذهباً تظل وليس ينقص قدره

لو لوثوه بظلمة وغبارِ...

ذخر لكل العالمين برغمهمْ

كالكنز مخفيا عن الأنظارِ... 

بيديك بعض سلاسل هي عروةٌ

وثقى بهذا العالم المنهارِ...

فبها تـَـمـَـسـُّكـُـنا وطوق نجاتنا

يوم القيامة من دخول النارِ...

وبقيت تعلو في بلائك إنهُ

جسرٌ رقيتَ به إلى الأقمارِ...

كم عذّبوك وأنت عذبٌ رائقٌ

ما شوهتك قساوة الكفارِ...

اللارشيد كسرت ظهر غرورهِ

وقصمته بيقينك البتارِ...

صبر لديك محير بل معجزٌ

أيوب جنبك قطرة ببحارِ...

هارون خافك أن تنافس ملكه

متمزق بهواجس الأفكارِ...

لم يدر أن لديك ملكاً أعظماً

هو توأم الملكوت والأسرارِ...

والكون رهن يديك لو شئت انحنى

متساقطا كسفا على الفجارِ...

فلديك إرث نبوةٍ وإمامةٍ

ويداك حبل إرادة الجبارِ... 

لكنك القلب الرحيم وكاظم

الغيظ الكبير ومنبع الإيثارِ...

فوضت أمرك للإله مسلماً

بقناعة هي فيك خير إزارِ...

طول السجود لديك عنوان التقى

هو مضرب الأمثال للأطهارِ...

وشمٌ به أرض السجود وشمتها

لـبـِـسـَـتْ به زهواً بثوب وقارِ...

أبصرتَ بالحق المبين محوّلاً

ظـلـَـمَ السجون إلى ضياء نهارِ...  

أما الرشيد فبالضلالة ناظرٌ

وعيونه معمية الإبصارِ ...

متخاذل في قصره متصاغرٌ

مهما علا هو كومة الأقذارِ...

ظن الأمور له استتبت واثقاً

بالدهر وهو مذبذب الأطوارِ...

شاء اغتيالك سولت له نفسه

سوءً وتلك طبيعة الأشرارِ...

أين البطولة في اغتيال معارضٍ

هو أعزل في جبهة الثوارِ...

لم يطلب الملك العقيم لنفسه

فهو المليك بدولة الأبرارِ...

حكم الرعية بالعدالة همهُ

وسلاحه رفض مع الإصرارِ...

لا خوذة تحميه أو جند سوى

التسبيح مسبوقا بالاستغفارِ...

دسوا إليك السم غدراً ويلـهـُم 

والحقد فيهم نهر سمٍّ جاري...

ماتوا بقتلك وانتهت أيامهم

وتكفنوا بنذالة وبعارِ...

 

5 حزيران  2013  

الموضوع السابق قراءة في ديوان " بكائيات الربيع" للشاعر عبدالزهرة لازم شباري ...

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat