فالناسُ العاديونْ
الخالونَ من داءِ الشعرْ
يعرفون مواعيدَ سفرهمْ ورجوعهمْ
أمّا أنا
فحينَ يبدأ الركابُ بالنزولْ
أشدُّ الحزامَ استعداداً للرحلةِ التالية
وكلما هبطتُ في مطار
وسمعتُ المضيفةَ تهنئُ الناسَ بسلامةِ الوصولْ
أرى وجهها يتحولُ خارطةً غريبة
وأرى على الوجه الثاني من تذكرتي
دعوةً مفتوحةً للحزنِ والدموعْ
وأستنطقُ الشوارع
والجدران
والبيوت الهادئة
بحثاً عن قصص الحزن المنسية
وبقايا الدموع
وأتخيلُ واجهاتِ المحلاتْ
نوافذَ غُربة
تعرضُ أحزاني كأسماكِ الزينة
وأتخيلُ كل اللافتاتِ والإعلاناتْ
نداءاتٍ عاجلة لي بالانتحارِ قبل فواتِ الشعرْ
وقبل إقلاعِ الحُلمْ
وأتخيلُ الألوانَ والأضواءَ وإشاراتِ المرور
لعبةَ أرقامٍ واحتمالاتْ
ونوعاً من القمارِ أو النردْ
يراهنُ على ضياعي
أفعلُ كلَّ هذا في السفر
وإذا لم أجد ما أريد
اخترعتُ حزناً عابراً
بحجمِ غيمةٍ ترافقني
قبلَ أن تتلاشى في بكاءْ
ما أتعسَ الشعراءَ في أسفارِهِمْ
ألا يمكنُ أن أكونَ ولو لمرةٍ واحدة
مسافراً عادياً
في رحلةٍ عادية
7 تشرين الثاني 2015