قد لاأكون المتعجب الوحيد والمتسائل الفريد عن تصرفات ساستنا وصناع قرارات حياتنا ومستقبلنا، إذ كيف يغمض لهم جفن ويهدأ لهم بال وهم على علم بملايين الأفواه الفاغرة التي قلما تكتمل لديها وسائل العيش بالحد الأدنى، ومن المؤكد ان أصحاب الأمر والنهي في مراكز قيادة إدارات البلد، على دراية بأعداد الأطفال الذين لم يتذوقوا فرحة الأعياد السابقة، وهم كذلك في هذا العيد أيضا، إذ أن كثيرا منهم لم تصلهم رائحة (هدوم العيد) ولو بقطعة واحدة منها، ونحن في بلد يفيض نهراه حبًا وخيرًا وعطاءً، وتتنوع فيه مصادر الخيرات والثروات بما لاتقف عند حد، في باطن أرضه وفوقها، وفي مياههه وجباله وأهواره، ومع كل هذا لم نلمس أي تغيير من الذي يتشدقون بأن الخير آتٍ منذ عام 2003 حتى ساعة إعداد هذا المقال..! وأظنهم قد استهلكوا (السين المستقبلية) ومفردة (سوف) من شدة ولعهم بهما وتكرارهم إياهما في كل مقام ومقال وتصريح وحديث ولقاء. وأراهم قد سبقوا بإخلاف المواعيد "عرقوب"، وجاوزت شهرتهم شهرته في المماطلة والتسويف، وعرقوب هذا هو رجل كان يعد الناس ويخلف الوعد ولا يفي به. ومما يرويه التاريخ عنه أن له أخا ذهب إليه يطلب منه شيئاً. فقال عرقوب: إذا أطلعت هذه النخلة فلك حملها. فلما أخرجت طلعها أتاه، فقال له: دعها حتى تصير بلحا. فلما أبلحت أتاه فقال له: دعها حتى تصير زهدا. فلما أزهدت قال له: دعها حتى تصير رُطبا. فلما أرطبت قال له: دعها حتى تصير تمرا. فلما أتمرت قام عرقوب بجذّها بالليل قبل أن يأتي أخوه في الصباح. فلما جاء أخوه في الصباح ليأخذ التمر لم يجد شيئا، ولهذا قالوا فيه: مواعيد عرقوب. وأرى أن الحكومات المتعاقبة على العراق دأبت على رفع سقف الوعود، وإبعاد تنفيذها قدر مااستطاعت، وأراها تجسد قول كعب بن زهير:
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat