آية التبليغ و أعراب معاصرة ( الجزء الثاني )
عمار الجادر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم تقتصر آية التبليغ على زمن رسول الرحمة فقط, ولكنها تستمر مع تطور الزمن, ولا زال الأعراب هم آفة أنفسهم والمجتمع, لأنهم آلة لغيرهم في تهديم مشروعهم السامي.
إن مشروع الإسلام هو مشروع سلام للعالم, حيث العدل والمساواة وقوانين الرحمة والتكافل الاجتماعي, وما يقوم به الأعراب اليوم هو ليس من ضمن متبنيات المشروع مطلقا, بل يعتبر من مهالك العالم, حيث التخطيط اليهودي الغربي وآلة الهدم الأعرابية, وقد تطورت الآلة لكي تشمل اغلب المدعين للإسلام نظرا للجهد العقلي الذي عاشوه طيلة الفترات السابقة, فعندما علم اليهود آن التهم أصبحت مسنة فكريا, عمدوا إلى تطويرها بإضفاء بعض الصبغة المتمدنة عليها, واليوم يسعون جاهدين على اختيار داهية, كابن مرجانة والي على الكوفة لأنها أصبحت تؤرقهم.
نعم كادوا ينجحون, فحزب الشيطان الباحث عن السلطة موجود, وعمر ابن سعد لازال ملك الري يشغف قلبه, كذلك مدحج يترنحون بين إنقاذ هاني ابن عروة, وبين الأموال ونسائهم و أطفالهم الذين ينتظرونهم في البيت! وما بين هذا وذاك قد يقتل الحسين مظلوما من جديد, و لات ساعة مندم.
هكذا هو الحال اليوم في العراق, فبعدما أقحم الشعب مرجعيته حاملة المشروع السامي, جهلا منهم في واقعهم السياسي, فريقا كذبوا, وفريقا يستهزئون, فكما قالوها سابقا للحسين ( عليه السلام ), يقولونها اليوم بأفعالهم لوكيل الإمام الشرعي: (( قلوبنا معك, وسيوفنا ضدك )).
لو أفلح الشعب العراقي الذي يعتبر هدف اليهود اليوم, في أتباع مرجعيتهم التي حيرت العالم أجمع بسلامة رأيها, و إنسانية مشروعها, لكان أهل العراق السهم الذي يقضي على التغطرس الصهيوني, ولكنهم تاهوا بين الأهواء القلبية, وغرهم في نفسهم الغرور, حيث زين لهم الشيطان قبح فعلهم, فانقادوا وراء هوجاء الفتن, وتمسكوا بعجل السامري, وتركوا مسلم أبن عقيل تائها في شوارع الكوفة, ولكن لن يستطيع أبن مرجانة القضاء عليه.
لازالت آية التبليغ معاصرة, فكما بلغ رسول الرحمة مشروعه وقلد رايته لحاملها الحقيقي, بلغت المرجعية الدينية مشروعها وقلدت رايته لحاملها, ولكن الناقة ومن عليها, فكما نجد بغضا غير مبرر له لعلي (( عليه السلام)), نجد أيضا بغضا لذلك القائد الذي تقلد لواء الشرف من المرجعية, ولا نعلم مبررات الأعراب لذلك البغض, فكيف يساوي المجتمع بين من لا يؤمن أصلا بالمشروع, ولا بالمرجعية, وبين من حمل المشروع على صغر سنه, وله من الأصل والشرف ما تضيق الكتب من إحصاءه, إلا يخجل أعراب العراق من تكرار خذلان المنقذ لهم؟!
اليوم على كل عاقل أن يتدبر أمره, وما هي إلا أيام قلائل لنرى حامل المشروع الغائب, ظاهرا وقد أطوى الصحف, ولا إسلام لمن لم يدخل الإسلام قلبه, ومن لم يزل شغف الهوى وحكم الري يداعب قلبه, وسترد راية المشروع الشريف صفراء فاقع لونها إلى صاحبها, حتى ترضى السماء لمن صدق نصره فيحقق قوله: (( اليوم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )).