صفحة الكاتب : علي علي

الحلول تكمن في الداخل
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  مع مرارة العيش في العقود التي مرت على العراقيين إبان حكم البعث ورئيسه المقبور، صار حلم المواطنين في يقظتهم وصحوهم سنة بعد سنة، يتبلور في الخلاص منه بأي شكل من الاشكال، وساقت لهم الأقدار تحقيق حلمهم بهيئة لم تكن في مخيلتهم يوما ما، فتغيرت أنماط حياتهم وتفاصيلها في ليلة التاسع من نيسان 2003 وضحاها، مع متغيرات زوال الكابوس البعثي، وهو تغير مفاجئ لم تكن الأرضية تستوعبه، فاعترتها هزات ولدت تداعيات ونكوصا ماكانت بالحسبان، حتى أن بعضهم مقت التغير والتبدل والتجدد. ولاشك أن معظم الناس -الأسوياء حصرا- يهوون كل جديد في شؤون حياتهم، ويتوقون الى التغيير بين الفينة والأخرى، كما هم يمقتون التكرار والاجترار، ويكرهون الركون الى نمطية واحدة في يومياتهم، لاسيما إذا كانت جافة او معقدة، او لايرون فيها صلاحا او فلاحا، فنراهم يتطيرون ويجزعون من الرتابة والعيش بوتيرة جامدة. وقد قال تعالى: "إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا". ولعل هذا الطبع صار دافعا لابن آدم لكشف غوامض الأحداث، وسبر أغوار المخفي منها، والغوص في فك طلاسم ما يمر به من مجريات الأمور، ساعيا بهذا الى خلق حياة مستقرة، خالية من المجهول، وهو بهذا يضرب عصفورين او ثلاثة بحجر، فالعصفور الأول هو التجديد.. والعصفور الثاني هو التغيير نحو الأحسن.. والعصفور الثالث هو ضمان قادمات الأيام من شرور مايخشاه.
 هنا في عراقنا.. تطير فوق رؤوسنا عشرات العصافير التي  يتوجب علينا صيدها، كما ان هناك آلافا مؤلفة من الغربان يتحتم علينا إصابتها وإسقاطها، قبل أن تسبقنا بالضرب وتكون سببا في إسقاطنا أرضا، بضربة قاضية. ولكن أمرا حرجا يقف حائلا بيننا وبين صيد العصافير وضرب الغربان، هو أننا لانملك حجرا واحدا بأيدينا.. وقد يظن البعض أن الحجر الذي تقدمه الينا دول الغرب والشرق، وهو الحجر الذي سيلتقط لنا العصافير وطيور الحب جميعا، ويجلبها الينا منصاعة لتملأ حدائقنا زقزقة ورياضنا تغريدا وشدوا، وهو ذاته الحجر الذي سنضرب به طيور الشر، وندرأ به القادم من شرور. ولو تنبهنا -كثيرا وليس قليلا- فإننا سنعي أن الدور الأول والأخير علينا نحن العراقيين القيام به. فعلى صعيد الحرب ضد داعش على سبيل المثال، صحيح أن قدوم آليات وإمكانيات متقدمة وقدرات تقنية فينة أكبر من التي يمتلكها جيشنا وقواتنا المقاتلة، سيسهم كثيرا في تبديد سيطرة التنظيم الإرهابي على أراضينا، إلا أن العراقيين أدرى بشعاب مدنهم، كما أنهم أكثر التصاقا بأرضهم من الروس والأمريكان والبريطانيين أو غيرهم من الجنسيات من دول الجوار، إذ "ماحك جلدك مثل ظفرك". كذلك الأمر على باقي الأصعدة في البلد ولاسيما السياسية، ومايدور اليوم من تداعيات فساد دام أكثر من عشر سنوات، وإرهاصات إصلاحات تبدو واهنة غير قادرة حتى على الحبو خطوة الى الأمام، إلا صراع بين ماضٍ سقيم وحاضر يتأرجح ومستقبل مجهول. وما تدخل دول العالم في أمر الإصلاحات يغير من واقع الحال إيجابا، مالم يكن الدافع الأول من داخلنا نحن العراقيين. فالأمر يتطلب حزما أشد وعزما أٌقوى. وبذا يكون السند والعماد الأول الذي يعول عليه في الوصول الى النجاح، هو العراقي وحده، والعراقي قطعا هو من يتحمل النتائج سلبا ام ايجابا، وكما يقول مثلنا؛ (الحايط لو مال يوگع على أهله).
aliali6212g@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/22



كتابة تعليق لموضوع : الحلول تكمن في الداخل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net