صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

*محا📝 ضرات رمضـــ🌙ـــانية12* [الظلم والظالمين وأقسامه في القرآن]
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
☀الظلم مرتعه وخيم، وشؤمه جسيم، وقد توعّد الله سبحانه وتعالى أهله بالنكال والعذاب الأليم فقال : ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً ﴾. وبيَّن سبحانه وتعالى أن الظالم محروم من الفلاح في الدنيا والآخرة، ومصروف عن الهداية في دينه ودنياه، فقال: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ وقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ وهدد الله جل جلاله الظالمين بسوء العاقبة وشؤم المنقلب فقال: ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾ يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة". الظلم ما شاع في أمة إلا أهلكها ولا انتشر في بلدة إلا خربها ولا حل في قرية إلا دمرها قال تعالى ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا ﴾. عباد الله:لا يجوز لأحد كائناً من كان أن يظلم عباد الله، أو يؤذيهم أو يضرهم، أو يتجنى عليهم، أو يعتدي على مصالحهم، أو يمنعهم حقوقهم أو يبخسهم أشيائهم أو يقصر عليهم فيما يجب عليه تجاههم فالخلق خلق الله وكلنا عبيد الله. فلماذا كثرت المظالم بين الناس وامتلأت المحاكم بالقضايا والخصومات وبغى الناس بعضهم على بعض فالراعي يظلم الرعية ويهدر حقوقهم والمسئول يظلم السائلين ويبخسهم أشيائهم والمدير يظلم الموظفين ولا يعطيهم مستحقاتهم والأب يظلم أبنائه ولا يعدل بينهم والزوج يظلم زوجته ويهدر حقوقها والزوجة تظلم زوجها ولا توفيه حقه يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ﴾ ويقول ﴿ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِه ﴾. عباد الله:لقد بلغ السيل زُباه، والكيدُ مداه، والظلم منتهاه، ولكن الظلم لا يدوم ولا يطول، وسرعان ما ينتهي ويزول، وسيعلم الظالمون عاقبة الغرور فالزمان عليهم سيدور يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾.
☀ والظالمُ لا يحبه الله، ولا يهديه، ولا يغفرُ له، إلا إذا شاء ربنا تبارك وتعالى، وما أكثرَ ما تجدُ في القرآن الكريم ﴿ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ ﴿ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ ﴿ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ ﴾ ﴿ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً ﴾ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا ﴾. لقد ضرب الله سبحانه وتعالى مثلاً في كتابه الكريم لنبي من الأنبياء ظُلم أشد الظلم إنه نبي الله يوسف عليه السلام فقد ظُلم من إخوته حين عزموا على قتله ظلماً وعدواناً وألقوه في غيابت الجب ظلماً وعدواناً ثم باعه المسافرون بثمن بخس دراهم معدودة ثم انتقل من ظلم الجب إلى ظلم الحب حيث اتهمته امرأة العزيز ظلماً وعدواناً بأنه كان يراودها عن نفسها ثم صدر القرار الظالم بسجنه حتى حين فلبث في السجن بضع سنين ثم ظلمه إخوته مرة أخرى فقالوا ﴿ قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ﴾. لقد اتُهم في عرضه وهو العفيف، وسُجن وهو البريء، وبِيعَ في سوق النخاسة وهو الحر الكريم بن الكريم ولكن ماذا كانت النهاية بعد هذه المظالم المتتالية، والابتلاءات المتنوعة، لقد مكَّن الله له في الأرض، وجعل له العاقبة في الدنيا والآخرة، وآثره على كل من آذاه وظلمه . يقول الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ ﴾ ولما اندهش إخوته من مكانته وقالوا ﴿ أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
☀ بعض آثار الظلم ومضاره:
الظلم يجلب غضب الرب سبحانه، ويتسلط على الظالم بشتى أنواع العذاب، وهو يخرب الديار، وبسببه تنهار الدول، والظالم يُحْرَمُ شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بجميع أنواعها، وعدم الأخذ على يده يفسد الأمة، والظلم دليل على ظلمة القلب وقسوته، ويؤدي إلى صغار الظالم عند الله وذلته، وما ضاعت نعمة صاحب الجنتين إلا بظلمه، {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا} (سورة الكهف:35-36)، وما دمرت الممالك إلا بسبب الظلم، قال تعالى: {فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين} (سورة الأنعام:45)، وقال تعالى عن فرعون: {فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين} (سورة القصص:40)، وقال عن قوم لوط: {فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود  مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد} (سورة هود:82-83).وأهلك سبحانه قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الأيكة، وقال: {فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} (سورة العنكبوت:40)، وندم الظالم وتحسره بعد فوات الأوان لا ينفع، قال تعالى: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا} (سورة الفرقان:27).والظلم من المعاصي التي تعجل عقوبتها في الدنيا، فهو متعدٍ للغير وكيف تقوم للظالم قائمة إذا ارتفعت أكف الضراعة من المظلوم.
☀ من أقوال الإمام علي عليه السلام :يَوْمُ الْمَظْلُومِ : عَلَى الظَّالِمِ .أَشدُّ : مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ ، عَلَى الْمَظْلُومِ.شرح الحديث :إن يوم المظلوم : يوم جزاء الله وعقابه للظالم ، وهو يوم طويل ، سواء عند الموت ، وفي البرزخ ، أو يوم القيامة ، وفي النار .وإن الله سبحانه لا يدع : حق لمظلوم ، إلا وأخذه له من الظالم ، وإن عذاب الله شديد وعقابه أليم ، وأخذه أخذ عزيز مقتدر .وإن الظالم : مهما طالت أيامه في الدنيا ، فهي زائلة فانية ، والآخرة باقية دائمة .وجاء في هذا المعنى : كثير من الآيات والروايات تحذر الظالمين ، وتصبر المظلومين ، وأنه كل شيء في عين الله وهو المحاسب والمثيب والمعاقب .طبعا والظلم أنواع كثيرة : وهو كل غصب لحق من الحقوق ، سواء لحق الله وهو التمتع بنعمه وعدم شكره ولا الإيمان به وعدم إقامة عبوديته ، أو ظلم الإنسان نفسه وعدم أعطاء حقوق روحه مما تحتاج من الآداب والأخلاق والعبودية لله والتمتع بمناجاته ودعاءه بل هناك حقوق للبدن كثيرة . أو حقوق العباد : وما أدراك ما حقوق العباد ، وسلبها يكون سواء بقتل أو فساد وجور وطغيان على الآخرين ، أو غيبة أو نميمة أو كتم شهادة أو غيرها مما يلحق الضرر بالآخرين ـ أو سلب حريتهم وراحتهم وأمنهم أو أمانهم ، أو الانتقاص منهم والسخرية بهم وغيرها الكثير .
☀أقسام الظلم في القرآن
(الظلم ثلاثة: الأول، ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى، وأعظمه: الكفر، والشرك، والنفاق، ولذلك قال: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، وإياه قصد بقوله: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18]، وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإنسان: 31]، في آي كثيرة، وقال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ[الزمر: 32]، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا [الأنعام: 93].والثاني: ظلم بينه وبين الناس، وإياه قصد بقوله: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا إلى قوله: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ الآية وبقوله: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ [الشورى: 42]، وبقوله: وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا [الإسراء: 33].والثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وإياه قصد بقوله: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ [فاطر: 32]، وقوله: ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل: 44]، إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ[النساء:64]، فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ [البقرة:35]، أي: من الظالمين أنفسهم، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة:231].وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس؛ فإنَّ الإنسان في أول ما يهمُّ بالظلم فقد ظلم نفسه، فإذا الظالم أبدًا مبتدئ في الظلم، ولهذا قال تعالى في غير موضع: وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[النحل:33]، وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة:57]، وقوله: وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ [الأنعام:82]) .
ويبين ما ذكر حديث اﻹمام الباقر (ع) حيث يقول الإمام عليه السلام :الظلم‏ ثلاثة : ظلم يغفره الله ، و ظلم لا يغفره الله ، و ظلم لا يدعه الله .فأما الظلم : الذي لا يغفره ، فالشرك .و أما الظلم : الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه و بين الله .و أما الظلم : الذي لا يدعه ، فالمداينة بين العباد.
أعاذنا الله من شرور أنفسنا والتسلط على رقاب العباد وجعلنا في عداد من ينتصر ﻷخيه المظلوم وعونا له ويدا على كل ظالم
ولو كان متلبس بلباس الدين وهو يسير بسيرة الظالمين والمنافقين.
          والحمد لله رب العالمين
   🍃🌴🍃🌴🍃🌴🍃🌴

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/24



كتابة تعليق لموضوع : *محا📝 ضرات رمضـــ🌙ـــانية12* [الظلم والظالمين وأقسامه في القرآن]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net