صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الثقافة النفسية ضرورة ديمقراطية!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يمكن تقييم ديمقراطية النظام السياسي في أي بلد بمدى إهتمامه بالثقافة النفسية , وكلما إزداد النظام عداءً للثقافة النفسية , كلما أكد على نوازعه الإستبدادية ودوافعه الطغيانية. 

 

فالأنظمة الديكتاتورية تعادي الثقافة النفسية والقائمين عليها والمهتمين بها , وتستخدمهم لأغراضها وحسب, وتحاول أن توظفهم  ليكونوا أدواتها  لتسهيل إستعباد الجماهير وإمتلاكهم.

 

ويكون التجهيل النفسي من الخطوات  المهمة والأساسية اللازمة لتحقيق أعلى درجات الأمية السلوكية عند الناس , وبهذا يفقدون قدرات الفهم والتقدير الصحيح لما يرونه من تطورات وأحداث وسلوكيات يقوم بها النظام.

 

والمختصون بالعلوم النفسية يعرفون السلوك وبواعثه وبوصلة إتجاهاته وما سينجم عنه  من تداعيات  وتطورات , ولهذا فأن موقفهم سيكون دقيقا وصائبا في أكثر الأحيان , مما يضع النظام المستبد في حرج.

 

كما أن المستبد ربما يعاني من  الإضطرابات السلوكية والإنحرافات الشخصية , أو ربما لديه عاهة خفية تقرر ما يقوم به , ولهذا تراه في خشية من المختص النفسي ويسعى لتعويقه وإبعاده عن بلده وتحجيم تماسه مع الشعب.

 

ولهذا تشيع في الأنظمة الديكتاتورية نشاطات الشعوذة والسحر وغيرها من النشاطات اللاعلمية , لأنها تحقق درجة مطلوبة من التشويش والتعويق للثقافة النفسية , ويتم في ذات الوقت توفير المسوغات والعناصر اللازمة لمحاربتها أو التقليل من أهميتها.

 

أما في المجتمعات الديمقراطية  , فأن الثقافة النفسية لها دورها وقيمتها الإجتماعية , حيث يجري توعية الناس في البيت والمدرسة والشارع , وهناك برامج كبيرة ومتطورة لتعزيز الثقافة النفسية في المجتمع.

 

وترى المؤسسات المعنية بالتثقيف النفسي فاعلة في وسائل الإعلام والمجتمع , ولا تخلو صحيفة من مقالة في موضوع نفسي , أو تعالج مشكلة سلوكية وتضع لها الحلول المناسبة.

 

ذلك أن الثقافة النفسية ركن مهم من أركان المعرفة البشرية اللازمة لإتخاذ القرار السليم والخيار الناضج الصحيح.

 

والمجتمعات الغير مثقفة نفسيا تكون ضعيفة وممعنة في جهلها وأخطائها وسلوكياتها السلبية الضارة بأجيالها , ولا يمكنها أن تقيم نظام حكم سياسي يحقق مصالحها , لأنها ستسمح للمضطربين سلوكيا وأخلاقيا من تسنم مراكز القيادة والتعبير عن نوازعهم الشريرة , وما يساهم بإرضاء رغباتهم المنحرفة وإضطرابات شخصياتهم وعوج أفكارهم ودوافعهم النزقة.

 

ومن الواضح أن أي مسؤول في الدول الديمقراطية يعرف أنه تحت أنظار الذين يقيّمون كل ما يبدر عنه ويحللونه وفقا لمناهج ونظريات العلوم السلوكية والنفسية ,  ولهذا فأنه يتحلى بأعلى درجات الإنضباط والدقة فيما يقوله ويشير إليه بلغته وحركة بدنه.

أما في مجتمعات الإستبداد فيتم إضفاء هالة التفديس والنزاهة والعصمة على المُتسلط حتى لتعمى الأبصار فلا تراه , وإنما تتخيله وتنضوي تحت إرادته الشرسة وقبضته الحديدية.

فتحسبه صاحب دلالات وأنوار سماوية وعليها أن تسبّح بإسمه  , وتتعني به وبرسمه الفائق الإنتشار والمهيمن على المكان والزمان.

 

وعليه فالأنظمة العربية التي تسعى للديمقراطية يجب أن تهتم بالثقافة النفسية , وتؤازر المختصين بالعلوم النفسية , لتحقيق درجات من الثقافة النفسية اللازمة لبناء المجتمع المعاصر القادر على الوصول إلى تحقيق آماله وطموحاته وتقرير مصيره ومستقبله.

 

ومن غير ثقافة نفسية سلوكية مُجتمعية , لا يمكن للحرية والعدالة والديمقراطية وقيمة الإنسان أن تتأكد في الحياة الإجتماعية والوطنية.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/15



كتابة تعليق لموضوع : الثقافة النفسية ضرورة ديمقراطية!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net