صفحة الكاتب : د . عبد الخالق حسين

حول رسالة عزت الدوري المفبركة
د . عبد الخالق حسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نحن نعيش في عصر الخديعة، حيث يسهل صنعها ونشرها على أوسع نطاق. والمفارقة أن جميع هذه الخدع والغش والأكاذيب والتلفيقات هي من إنتاج وترويج المثقفين أو المتعلمين، وبالأخص البعثيين وأشباههم، وبغطاء مصلحة الشعب والوطن! ومحاربة الفساد والإرهاب. وقد أشرتُ في مقالي الأخير (أين مؤسسة الذاكرة العراقية؟)(1)، إلى ضرورة تذكير شعبنا إلى ما تعرض له من مظالم على يد حزب البعث الفاشي، كي لا تتكرر المأساة. كذلك أشرت فيه إلى ما صرح به البعثي السابق، والمغازل للبعث حالياً، السيد حسن العلوي في مقابلة خاصة له مع احدى الفضائيات، تم ترتيبها خصيصاً لنشر فبركة مفادها أنه (العلوي)، تلقى رسالة من عزت الدوري، مؤلفة من أربع صفحات، تضمنت برنامج عمل للبعثيين لإنقاذ العراق من الفرس المجوس!!! وفيها تخويل للعلوي للحديث باسم الدوري والبعث للتفاوض مع دول الجوار... الخ، ليليها تعليق هستيري على حلقتين في أحد مواقع البعثيين، من البعثي صلاح المختار، مؤيداً للرسالة وإبرازها كأنها حقيقية لا شك فيها، مهدداً بالويل والثبور، والثأر الشديد من الفرس وعملائهم في بغداد!!.

 

وكالعادة، استلمتُ الكثير من تعليقات إيجابية مفيدة، ومكملة للمقال المشار إليه في أعلاه، من عشرات الأخوات والأخوة الأعزاء، إضافة إلى ما تفضل الكثير منهم بإعادة نشر رابطه على مواقعهم في التواصل الاجتماعي، مشكورين.

 

واللافت أن معظم التعليقات تركزت على تصريحات حسن العلوي عن الرسالة التي ادعى أنه استلمها من الدوري، وعن مواقفه الانتهازية، وتقلباته حسب ما تقتضيه مصالحه الشخصية المادية. ولم أكن راغباً في التعرض للسيد العلوي، لأسباب عديدة، منها أنه شخص مثقف من الوزن الثقيل، وقدم خدمة جليلة في العديد من مؤلفاته القيمة بعد أن ترك حزب البعث على إثر اعدام صدام لقريبه عدنان حسين الحمداني مع عدد كبير من القياديين البعثيين عام 1979، ولما أحس بالخطر على حياته وحياة عائلته، هرب إلى سوريا، ومن هناك بدأ حملته ضد البعث، وحاول التقرب إلى العراقيين في المهجر وكسب عطفهم، وخاصة في سوريا. وهناك قصة طريفة كيف تقرب العلوي من العراقيين في مقال للسيد أحمد السيمياوي، نضع رابطه في هامش هذا المقال(2). 

فالعلوي في مؤلفاته كشف الكثير عن حقارة وفضائح حزب البعث المافيوي، وخاصة في كتابه الموسوم (دولة المنظمة السرية). كذلك ما جعلني أتجنب توجيه النقد للعلوي قبل هذا الوقت هو أن له نقاد كثيرون بما فيه الكفاية، ولا حاجة لمشاركتي في نقده. ولكن في تصريحاته الأخيرة رأيت من المفيد أن أدلو بدلوي، لأن الفبركة التي ساقها لا يمكن هضمها، والسكوت عنها، ولأنه تمادى في إهانة ذكاء العراقيين، واستغبائهم ومحاولته الضحك عليهم. 

 

وفي هذا الخصوص علق الأخ الفاضل وليد حسين في الفيسبوك قائلاً: 

((الحراك البعثي واضح المعالم ولكنه غبي كما هم دائما فما زال الخطاب هو هو! رسالة عزت الدوري كانت في الحقيقة مجرد مسخرة، ولولا كان لحسن العلوي الإستعداد لتصديقها لما خرج بها بهذا الشكل الكاريكوتوري المضحك. الرسالة كانت واضحة أن البعثيين يحتقرون العراق والعراقيين وأن لا يهمهم منهم شيئاً بالمطلق، لذا ترى أنها توجهت إلى إيران والكويت حصراً! لو تسمح لي دكتور أن أضيف فأن الحراك الإعلامي البعثي قد تزامن مع إنكسارات أجنحتهم العسكرية في الأنبار وصلاح الدين وآخرها في الموصل، لأني شخصياً لا أؤمن بأن هناك قاعدة أو داعش في العراق، بل هم البعثيون أنفسهم أو قل مؤسسات صدام القمعية لبست هذا اللبوس [داعش]، كي تكتسب الشرعية الطائفية، ولكنها خسرت مرة أخرى كما خسرت شرعيتها القومية وقبلها الوطنية.))انتهى

 

أتفق كلياً مع ما تفضل به السيد وليد حسين، مشكوراً، ما عدى نقطة واحدة وهي، قوله أن (... لحسن العلوي الإستعداد لتصديقها، أي رسالة الدوري). في الحقيقة العلوي لم يصدقها، بل هو كاتبها، وملفقها ومفبركها لغاية في نفسه، وهي كما ذكر الكاتب السيد جمعة إبراهيم في مقاله القيم (دعاية رخيصة لحزب البعث): "لأن العلوي يريد ان يشارك في الانتخابات النيابية  القادمة، ضمن قائمة (اياد علاوي) كما صرح في اللقاء التلفزيوني، في كسب اصوات الناخبين من حزب البعث، وهي اصوات لا يستهان بها، بهذه المزايدة الرخيصة والفجة، وبهذا الاسلوب في العهر والدعارة السياسية الثعلبية".(3)

 

أقول، وكصديق قديم له، لم يكن لائقاً بالسيد حسن العلوي أن يسلك هذا السلوك الانتهازي المشين في خدمة البعث بعد أن بلغ من العمر عتيا، حيث بلغ الثالثة والثمانين، وهو ذو ثروة لا بأس بها، خاصة بعد أن حقق لنفسه راتباً تقاعدياً برلمانياً ضخماً في حدود ثمانية ملايين دينار شهرياً على الأقل، والذي يعادل أضعاف راتب الأستاذ الجامعي الذي خدم نحو 40 سنة. في هذه الحالة، ما كان عليه أن يطمع لعضوية البرلمان أيضاً بعد أن حقق ما أراد في دورة سابقة، بل كان عليه أن يتفرغ للكتابة والتأليف لما ينفع الشعب العراقي، ويكشف المزيد من جرائم دولة (المنظمة السرية)، لا أن يتملق لهذه العصابة ويتزلف لها طمعاً في منصب وهو في خريف حياته. ولكن مع الأسف الشديد، خذلنا وأحرجنا كما خذل وأحرج كل أصدقائه ومعارفه الآخرين. وهل هذا الحزب يستحق من يتزلف له، أو يدافع عنه بعد أن جلب كل هذا الخراب على العراق، سواء خلال حكمه أو بعد سقوطه؟؟ فجميع الأعمال الإرهابية من تفجيرات وقتل الجماهير، وما حصل باسم داعش، هي من صنع البعث. لذا فبأية ذريعة يحاول السيد العلوي التقرب من هذا الحزب ومحاولة تجميل وجهه؟ يقول المثل العراقي الشعبي: (الدجاجة تموت وعينها ع المزبلة).

 

والجدير بالذكر، أن عزت الدوري قد نُفِق في جبال حمرين على أيدي الأبطال العراقيين قبل عامين إثناء مطاردتهم للإرهابيين الدواعش كما نشرت الأنباء آنذاك، ثم اختفى عن الظهور تماماً مما يؤيِّد مقتله، فلو كان حقاً لم يقتل (بل شبِّه لهم!!)، لظهر في الفضائيات البعثية والمتعاطفة مع البعث، ليثبت بقاءه حياً، وأنه ما يزال القائد الضرورة، وليثير السخرية على أعدائه الذين اعلنوا موته، و ليحقق نصراً إعلامياً كبيراً على "حكام بغداد، عملاء الفرس المجوس"، كما يزعمون. لذلك اعتقد أن عزت الدوري مقتولاً إلى أن يثبت العكس وذلك بظهوره على الفضائيات بشكل مقنع وليس لقطات قديمة أو صناعة الفوتوشوب. والعلوي متأكد جيداً من موت الدوري، لذلك لفق هذه الرسالة ومنح نفسه ما منح من تخويلات، لأنه واثق من نفسه ويعرف أن الدوري لا ولن يظهر ليناقضه أو يكذبه.

 

وكما يعرف البعض، أن هذه ليست المرة الأولى التي يفبرك فيها حسن العلوي رسائل من الموتي ، بل أدعى أيضاً قبل سنوات أن صدام حسين قد اتصل به تلفونياً بعد فترة من اعدامه، طبعاً ليدعم نظرية المؤامرة أن صدام لم يتم إعدامه، وإنما اعدموا شبيهاً له، وهو الآن يلعب الغولف مع بوش في أمريكا!!!

ولمن يريد المزيد عن سلوك حسن العلوي وتقلباته وحنقبازياته، أرجو فتح الرابط رقم 2 في الهامش. 

abdulkhaliq.hussein@btinternet.com  

http://www.abdulkhaliqhussein.nl/

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

روابط ذات صلة

1- د.عبدالخالق حسين: أين مؤسسة الذاكرة العراقية؟

http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=887

 

2- أحمد السمياوي: حسن العلوي... سيرة سرسري 

http://www.iraqcenter.net/vb/showthread.php?t=32156

 

3- جمعه عبد الله: دعاية رخيصة لحزب البعث

http://www.akhbaar.org/home/2017/3/225374.html


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الخالق حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/15



كتابة تعليق لموضوع : حول رسالة عزت الدوري المفبركة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net