تتنوع الرؤى الاجتهادية لمراجع الشيعة كل بحسب مداركه في صناعة القرار الديني , والاجتماعي على وفق معطيات الواقع , وعلى هذا الاساس كانت عوامل الأعلمية تساهم في تزاحم صدارة احدهم على الاخر ضمن سلم التقليد .
وليس من السليم ان توضع جميع المسميات في سلة حكم واحدة , ولا من المنطق اطلاق التمايز بين المراجع من دون لحاظ البيئة الاجتماعية لمجتمع كل مجتهد , والعناوين الضرورية والمهام المتزاحمة في اولوية كل مجتهد , فلا بد من ملاحظة ذلك جميعه حينما يرغب العقل في بيان التراتبية بين العلماء .
وما مرَّ به العراق من ظروف , وهيئات اجتماعية عصيبة , وتدخلات مغرضة , واعلام ضال مضلل , وجهالة غريبة عند بعض القيادات المحلية , والاجنبية , وقواعد متنافرة لا تستوعب هموم الرسالة الاسلامية , متأطرة في خندق ما تراه صحيحا , وغيرها من الظواهر كل ذلك صَّعب من نجاح مشروع المرجعية الدينية في العراق , وجعلها في رقابة مستمرة لأولوية الاحكام , والقرارات مما جعلها مراقبة حاضرة على الدوام في معترك الظروف ؛ لتحديد أي القرارات يناسب الحال .
ولو رصدنا التدخلات والمشاريع الخارجية بشتى أنواعها وجهاتها , لوقفنا على حقيقة واحدة تهدف الى تشظي العراقيين بمختلف تعددياتهم الدينية , والمذهبية , والعرقية , والاجتماعية , من خلال التركيز على بؤر الاختلاف وتنميتها وتوسيعها , الشيء الذي دفع المرجعية ان تجعل مواجهته من أولويات عملها , على وفق منهج يحافظ على الجميع , ويرشد الى الحقائق بما هي من دون ظلالا ولا افتعال , وقد حاول اعداء العراق ان يجعلوا من التعددية نقطة انطلاق في تمرير مايريدون , لهذا فقد شخصت المرجعية بؤرة المعانات , وعملت على منع تحققه بالقدر الممكن , وإن كان قد حصل الكثير من تلك الاهداف العدوانية , غير ان المرجعية لولا مواقفها في حفظ العراق لكان الأسوء ممكناً , واليوم نراها تحاول ترميم ما احدثه الحمقى من تهور وخيانة , لتعيد اللحمة الى نفوس الناس بعد أن أدرك الجميع ضلال وخداع الوعود التي اطلقها اعدائهم , فتنبهوا الى زيف ذلك الإدعاء , وبطلان كلامهم , وهذ المواقف التي صدرت من المرجعية هي على طول المنهج النبوي الكريم حينما تمكن رسول الله , وانتشر السلام , وبات قوة لا تنكر , وقدم الى العمرة في عام ستة للهجرة ومنعت قريش دخوله الى مكة , وحصلت بيعة الرضوان بعد ان تم صلح الحديبية ونزل قوله تعالى إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا () لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا () وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ( الفتح 1-3)حيث انكشف زيف ادعاءات زعماء قريش بحق رسول الله بانه لا يدعو الى السلام بل يريد التسلط عليكم , وظهر خلاف ذلك , فلو ان رسول الله كان همّه ان يحكم ويتسلط لكان دخل مكة , عنوة في الوقت الذي لا يمكن لقريش من صده ومنعه .
كذلك ما تريده المرجعية هو بيان تلك الحقائق ونشر السلام بين العراقيين , ولا تهدف الى أي توسع او هيمنة بل تريد الحقوق محفوظة للجميع .
وقد امرت اليومين الاخيرين قوافل المواكب بمساعدة وارسال المعونات الى اهالي الموصل وهي تحقق بذلك المكاسب الاتية :
1. بيان رسالة الاسلام الحقة بالسلام والمحبة والمودة بين الاخوة
2. بيان الوحدة الوطنية وان ما يحصل على اهالي الموصل وغيرهم فإخوتهم في الوسط والجنوب لم تناسوهم ولم يتخلوا عنهم
3. تقويض المشاريع الهدامة التي استوردها البعض من الخارج التي تهدف الى تشتيت العراقيين لأهداف يريدونها
4. على الاخرين اعادة التفكير جديا بحقيقة ما صدر منهم من افعال وما يترتب عليه من مواقف مستقبلية بعد ان انكشفت اللعبة التي دمرت مناطقهم
وقد يكون لها اهداف اخرى نابعة من حرصها على البلد وانها القائد الحقيقي للشعب بعيدا عن المسميات والعناوين وبعيدا عن الاداء الحكومي وتقييماته
حفظ الله المراجع الكرام ولا حرمنا الله من ظلهم