صفحة الكاتب : حامد گعيد الجبوري

للمتسولين!! فرصة للإستثمار
حامد گعيد الجبوري
   يرسم الشاعر الحلي ( موفق محمد ) صورا جميلة ساخرة ومتبرمة وهو يرى نفسه ميتا ، ويشيعه أصدقائه لمثواه الأخير ، وفي الليلة الأولى لموته يزور الشاعر ( موفق محمد ) الشهداء القديسين كما يسميهم ويراهم يفركون راحتهم ندما لتربع ( شعيط ومعيط ) على صدورنا ، ويقول لهم ،
( طبتم موتا ...
فما زال أطفالكم يشحذون في الإشارات الضوئية ..
والحكومات تسميهم شموخا ...
أطفال الإشارة ) .
     الحلة الفيحاء رابطة العقد لمحافظات الوسط والجنوب ، ومن يتسنى له زيارة محافظة بابل وهو يمر عبر طرقها المؤدية لمبتغاه سيلحظ الكثير من النسوة والصبية والشيوخ وهم يستعطفون أصحاب السيارات المارة بعبارات ذليلة  ليعطونهم ما تيسر من المال على طريقة ( الكديه ) ، ونحن أبناء المدينة تطرق أبواب بيوتنا في اليوم الواحد أكثر من مرة للغرض نفسه ، وأعتقد أن مسألة التسول ليست في الحلة أو العراق وحده ، بل هي آفة تطال أغلب بلدان العالم ،  ونذكر كيف عالج الفنان ( عادل إمام ) هذه الآفة المجتمعية من خلال فلم ( المتسول ) ، والغريب في محافظة بابل أنها تستقطب المتسولين من خارج المحافظة  وهذه ظاهرة غريبة على المجتمع الحلي ، ونحن نقرأ أو نشاهد عبر الفضائيات العراقية وغيرها أن محافظات العراق قد وقعت عقودا استثمارية مع شركات أجنبية وعربية كثيرة لتعزيز وبناء البنى التحتية لتلك المحافظات العراقية ، ولا أنكر أن محافظة بابل قد وقعت مثل هذه العقود الاستثمارية بنسبة تقل كثيرا جدا عن زميلاتها محافظات العراق ، وأغرب هذه العقود عقدا أراه وهميا وقعته محافظة بابل مع هؤلاء المتسولين ، وإلا فمن أتى بهذه الأعداد الكبيرة من المتسولين ليشحذوا في مدينة الحلة ، وأن كان ما أدعيه خطأً فمن سمح لهؤلاء الشحاذين أن يجوبوا شوارع وأزقة محافظة بابل ويطرقون أبواب بيوتها ومساجدها وجوامعها طلباً للرزق غير المشروع ، ولم لا يتخذ إجراءا رادعا لمنع المتسولين طالما أن القانون يمنع التسول ويحاسب ويعاقب عليه ، سألت أحد المتسولين قائلا له لم لا تجد لك عملا يناسب قدراتك وشهادتك أن وجدت ؟ ، أجابني أنا أعمل وهذا هو عملي ، وأراه عملا مشروعا ، وأنا أفضل بكثير من السياسي الذي سرقني وسرق أموال الناس وتركنا نتسول في شوارع البلد ، وحقيقة لم أستطع أن أحاوره أكثر من ذلك ، وتذكرت حادثة وقعت لأحدهم أيام خلافة ( المأمون العباسي ) وقد سرق مالا فحكم عليه بقطع اليد ، وكان السارق ملتحيا دلالة على التعبد ، فسخر منه المأمون وقال له أما تستحي على هذه الشيبة وأنت تسرق أموال الناس ؟ ، فأجاب السارق خليفته قائلا أنت علمتني السرقة ، قال له المأمون كيف علمتك السرقة ؟ ، أجاب السارق أنت سرقت بيت مال المسلمين قبلي فتعلمت ذلك منك ، قال الخليفة أقطعوا يد السارق ، قال السارق أنت لا تستطيع قطع يدي لأنك عبد لي ، قال المأمون أنا عبد لك ؟ ، قال نعم أبوك ( الرشيد ) وقع على أمك ( مراجل ) وهي أمة أشتراها أبوك من بيت مال المسلمين ، وأنا أحد هؤلاء المسلمون ، فأن أعتقك المسلمون فأنا لا أعتقك – راجع الطبري والمسعودي بترجمة حياة المأمون العباسي - .
  ما أوردته من معلومات عن التسول ليس من عندياتي  وإنما استقيته من إحصائية جميلة أستطلعتها قائم مقامية قضاء  الحلة التي أفادت بوجود (2910 ) متسول موزع على ثلاثون منطقة من قضاء الحلة كما نشرت ذلك جريدة الفيحاء الحلية بعددها 355 في 42 / 8 / 2011 م ، والعدد أكثر بكثير مما أوردته قائم مقامية الحلة ، وأكثر أيضا لو أجرينا مسحا للمتسولين في عموم محافظة بابل ، ولو افترضنا قيام شبكة الرعاية الاجتماعية بواجبها الإنساني وحجب معونة الرعاية عن الكثير من موظفي الدولة الذين تجرئوا على أخذ مال سحت كرعاية اجتماعية لقل عدد المتسولون كثيرا ، ويحلو لي الآن أن أدعوا كافة متسولي العراق لشد الرحال لمحافظة بابل فأنها مرتع خصب للتسول ، للإضاءة ... فقط .       
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حامد گعيد الجبوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/08



كتابة تعليق لموضوع : للمتسولين!! فرصة للإستثمار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net