سر ولاية الفقيه واختلف الفقهاء حولها
د . محمد الغريفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد الغريفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كان المصطلح الكلامي "نائب الإمام" هو المتداول للتعبير عن وظائف الفقيه وصلاحياته عند الفقهاء المتقدمين أمثال: أبو الصلاح الحلبي (ت: 447هـ) وابن إدريس (ت: 598هـ)، وباقي الفقهاء.
ثم أصبح مصطلح "نائب الإمام" منصب سياسي في زمان الدولة الصفوية عندما تسلم المحقق الكركي (ت:940هـ) منصب نائب الإمام من قبل الشاه طهماسب الذي كتب إليه: (أنت أحق بالملك؛ لأنك النائب عن الإمام، وإنما أكون من عمالك أقوم بأوامرك ونواهيك).
قام المحقق الفاضل النراقي من أعلام القرن الثالث عشر الهجري في كتابه (عوائد الأيام)، بالتعبير عن وظائف الفقيه وصلاحياته بمصطلح "ولاية الفقيه"، بدلا عن المصطلح الكلامي "نائب الإمام"؛ لأن (الولاية) كلمة حقوقية تتبع الشريعة بخلاف كلمة (نائب الامام) كلمة عقائدية تتبع علم الكلام.
كان المحقق النراقي يقصد من مصطلح "ولاية الفقيه" هو الزعامة السياسية، وقيادة المجتمع الإسلامي نيابة عن الامام المهدي (عجل الله فرجه). ومفهوم هذه القيادة للفقيه لا ينكرها أحد من فقهاء الشيعة، وهي محل أجماع الشيعة قاطبة علمائهم وعوامهم، كبارهم وصغارهم، ولكنهم اختلفوا في أسمها بأنها: ( نيابة أو ولاية أو حسبة) وكذلك اختلفوا في حدودها.
سبب الاختلاف جاء من قبل الشيخ الأعظم الأنصاري تلميذ المحقق النراقي، الذي قام في أبحاثه الفقهية (بحث البيع) باستبدال مفهوم "ولاية الفقيه الذي بمعنى الزعامة السياسية" بمفهوم جديد وهو (ولاية الفقيه في التصرف في الأموال والأنفس)، كأن يطلق الفقيه زوجة الرجل، أو بيع ماله، أو يأخذه منه، التي يجمع الفقهاء على نفيها لوضوح بأنها من مختصات المعصوم، كما في قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}.
بعبارة ثانية: أن "ولاية الفقيه" التي أثبتها الشيخ النراقي بمعنى (الزعامة السياسية) وتبعه على هذا الاصطلاح بعض الفقهاء منهم الامام الخميني، ليست هي نفسها "ولاية الفقيه" التي نفاها الشيخ الانصاري بمعنى (ولاية التصرف في الاموال والانفس) وتبعه على هذا الاصطلاح فقهاء مدرسته منهم السيد الخوئي.
وقد صرح آية الله محمد مهدي الخلخالي بوجود معنيين لولاية الفقيه في كلمات الفقهاء حيث قال: (ما نفاه الفقهاء في الغالب من ولاية التصرف إنما هو الولاية بالمعنى الخاص. وأما "ولاية الرئاسة" فقد أثبتوها للفقيه, وقالوا بها, ولو من باب الحسبة, وقد أوجب هذا الأمر بنفسه الاشتباه والالتباس حول محل الإثبات والنفي عند كثير من الأشخاص).
—---------------------—
المصدر: كتاب ولاية الفقيه المطلقة والحسبة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat