صفحة الكاتب : حازم اسماعيل كاظم

زراعة العقول
حازم اسماعيل كاظم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا يخفى على احد ما آلت اليه مقتضيات العصر المعرفية و تطورها الملحوظ ،وهذا بطبيعته نتاج تراكمات من البحوث العلمية تراصفت ونُضٍجَت من خلالها المعلومة لتنتهي فيها النظرية في مختبر التطبيق الحقلي .

و لكون المعرفة هي نتاج تلاقح افكار ذلك الكائن  الانسان فلا بأس ان نعرج على ما هيته من خلال فلسفة الشخة و لنأخذ مثلا شوبنهاور الذي يتناول الانسان بنظريته مفرقا بين الفرد و الشخصية كون الاول هي الفرد بنموذجه الفسلجي و بنيته اي انه حقيقة بايلوجية اما الشخصية فهي حقيقة روحية ثم يستطرد بتفاصيل الشخصية  حتى ينتهي بأنها نتاج او مصداق لشيء أعمق داخل الانسان الا وهي الارادة .

و نتيجة لتقلب طبيعة المجتمعات الاقتصادية و السياسية و طوبوغرافية الارض التي يسكنها فقد واجه منذ خليقته الصعاب الامر الذي حفز نشاط القوة الكامنة لديه الا و هي الارادة التي حاول مساعدتها بالعقل اي ان العقل كان خادما للأرادة كما قالوا سابقا . كذلك نظرا لطبيعة الانسان و مذاهب تفكيره فقد تباينت مستويات الارادة لديه نتيجة لقابليته المعرفية و تقبله او ابداعه في التفكير وهنا تدخلت العبقرية التي قيل انها تتكون من الكمال و الطاقة .
شهدت المعرفة منذ نشأتها مع الانسان مراحل مختلفة ابتدأت بالانبياء و جدلية اتبعاهم ومناوئيهم و مروراً بالفلاسفة و نظرياتهم التي أودت بحياة بعضهم حتى عصر الثورة الصناعية حيث انتهجت فيها المعرفة طريقاً غير طريقها المعتاد داخل قرطاسية الكتب الاخلاقية و الاجتماعية في الكتب السماوية و الفلسفية لتظهر بزيها الجديد الا وهو عصر  الثورة العلمية التي ترجمت نظرياتها الى الآت و معدات صناعية استطاعات ان تخدم البشرية .

تمزيت الثورة الصناعية بشحة الافراد العلماء حيث كان العباقرة و اصحاب الخيال الفلكي الواسع قليلوا العدد على الرغم من المدارس العلمية الموجودة و التي هي حديثة العهد اضف الى ذلك الى النكسة التي مرت بها الثورة الصناعية بعد قرن و نصف القرن من بحوث علمية جبارة الا وهي استثمار تلك الجهود في الترسانة العسكرية في الحربين الاولى والثانية حيث كان الانسان ضحيتها.

بعد منتصف الستينات من القرن الماضي تنبهت الدول الراعية للثورة الصناعية و غيرها الا ان عصر العبقرية في انزال البحوث و انضاجها هو بحاجة الى اعادة النظر في ميكانكية او ادارة تلك البحوث و العمل بآلية زرع العقول في المجتمعات الا وهي العمل بالعقل الجمعي العلمي عن طريق استدراج البحوث ودعمها من خلال عدة مؤسسات و معاهد مختصة و حقيقة هذا الامر ليس وليد اللحظة اذا ما قرأنا رسالة ويلهلم فون الى الملك البلوروسيا و هو يحثه بوجوب زراعة العقول لزيادة معرفة الناس في الرفة و الاجارة و غيرها.

في الشرق الاوسط والبدان العربية و العراق بالاخص الذي امتازت انظمته السياسية بالشمولية فاننا نجد ان هنالك تدخل صريح في اهتمامات المؤسسة العلمية ،فثقافة الماكنة الدكتاتورية و عقلها الفردي لم توفر بيئة خصبة لاجتذاب او لخلق فضاء فكري هادئ ينعم بدعم حكومي ،فهو يدعمها بمزاجية شبيهه لمزاجية حكم كوريا الشمالية و هذا ما كان جليا في انشاء مفاعل تموز و دعمه لينتهي به المطاف مستويا مع الارض .

بعض دول العالم و منها ايران ايقنت ان لا مجال في محاربة الدول المتقدمة الا بأداتها الا وهي تطوير البحوث العلمية و اعلانها بتخصيب اليورانيوم للاغراض الصناعية كالطاقة الكهربائية و الادوية الامر الذي شكل تهديدا علميا اقتصاديا لا عسكريا فقط لمحور الدوة الاحتكارية في ذلك الشأن.

في عراق ما بعد ٢٠٠٣  افتتح المجال للطاقة العراقية الكامنة على الرغم من الاثار الوضعية التي خلفها النظام السابق في البنية التحتية العلمية .زاولت المعاهد والجامعات دعوتها لاستغلال تلك الملكات العلمية و توجيهها في نيل مختلف الشهادات ذات الاختصاصات المختلفة لكن تلك الطاقات بعد عودتها  جوبهت بعوامل عدة داخل المؤسسة الحكومية و منها : 

١- ان النظام الاداري للقطاع العام  لا تنسجم اهتماماته بأستثمار تلك التخصصات العلمية فالبنية الادارية تعتمد على هيكلية تحتكم الى ضوابط خلفتها قوانين وضعية بدأت مؤسساتهامؤخرا في الانضاج .

٢- عدم انسجام التخصصات مع احتياج الدائرة لها في الوقت الحاضر .

٣- عدم انسجام الاشخاص الذين نالوا تلك الشهادات مع دوائرهم نتيجواعز نفسي قد يكون بسبب تغير البيئة او بسبب تطلعاته او طموحاته المبالغ فيها في احقيته في التصدي و نيله مركز القرار على الرغم من تخرجه من مؤسسة العقل الجمعي .
لا شك ان تلك الطاقات العلمية و بالاخص ذوي الدراسات العليا تمثل موردا هاما للبلد و هذا ما تستثمره حاليا البلدان الاوربية في استقطاب الموارد البشرية وتأهيلها لانها تمثل الاجيال القادمة لها 
و لعل من اهم الاسباب في تطور المجتمعات الغربية و امريكا بالاخص هو وجود المجتمعات المهجنة من مختلف الطاقات و الموارد البشرية.

نحن امام مورد بشري هام يجب ان لا يختزل في اضابير البحوث العلمية وارشفتها في مكتبات الجامعات في الوقت الذي تتحول فيه تلك البحوث في الخارج الى صفقات تجارية تستثمر في انتاج العديد من الابتكارات ،لذا نجد من الواجب على الحكومة العراقية أنشاء مراكز بحوث علمية و بمختلف الاختصاصات و دعمها ماديا

و يجب ان تعي  الشخصية ان الدراسات العليا هو وسيلة و ليست غاية رغم أنها و سيلة غابت غايتها عن الواقع بسبب سوء التخطيط كما يقول الدكتور فؤاد زكريا "ان السمة الاساسية للنظرة العلمية هي النظر للمستقبل في الميدان البشري على انه ليس شيئا معدا سلفاً وانما هو شيء يسهم الانسان بصورة متزايدة في صنعه ....... وبعباره أخرى فالفكرة الكامنة في المجتمعات العربية هنا هي ان المستقبل ليس نتيجة منطقية للحاضر !! "

اذن حريٌ بالباحث العلمي ان يرسم هدفه الخاص في زحام المستقبل المجهول و ان لايقف على اعتاب بحوثه المنشورة على الصحف العلمية العالمية التي هي جهود مجانية ثمينة مصدرة كالعملة الصعبة التي تخرج من البلد بل عليه ان يكون مثابرا في كسر قيود الرتابة المحيطه به سواء في مؤسسته ام في غيرها و لعل اجمل عمل يجد الانسان فيه ذاته هو العمل الطوعي العلمي

ترى ما مصير الفرد الحاصل على احدى شهادات الدراسات العليا ؟ 

هذا يعتمد على مدى جدية تفكيره في تحديد هدفه المستقبلي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

حازم اسماعيل كاظم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/22



كتابة تعليق لموضوع : زراعة العقول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : الشيخ غالب الناصر
صفحة الكاتب :
  الشيخ غالب الناصر


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net