صفحة الكاتب : بارعة مهدي بديرة

آخر وداع
بارعة مهدي بديرة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بفرحة لاتوصف ودعت فاطمة بناتها الايتام  واحبابها ، في شهر صفر من العام الماضي حيث كانت تعد اللحظات لانطلاق السيارة التي ستأخذها من الشام لتوصلها الى كربلاء المقدسة موطن سيد الشهداء الحسين بن علي (ع ) لتحضر مناسبة الاربعين الحسينية ،
 الانطلاق  معد من حرم العقيلة زينب (ع )حيث زارت المرقد المبارك  وطلبت كفالة السيدة ع لبناتها في غيابها  وتركتهم وديعة في أمانتها ورعايتها ومن مثل زينب (ع ) و من اعظم من زينب (ع ) بالرعاية والكفالة؟ وانطلقت السيارة وركابها يعيشون لحظات الاستعداد للقاء سيد الشهداء ع وكانت فاطمة لاتملك اي
وسيلة  اتصال بطريق السفر لتطمئن على بناتها سوى استعارة جوال السائق ، ومازالت السيارة تقطع المسافات الى ان وصلت مدينة (الرمادي) وقد لاحت بوادر التعب والنعاس على السائق وبدأ النعاس يغلبه في بعض حالاته كونه لم يأخذ قسطا من الراحة طوال الطريق، وفي احدى غفلات النعاس  أغمض العين مرغما  دون ان يدري ، واذا به يصطدم بشاحنة كبيرة  ، و جميع من في السيارة الصغيرة  يفارقون الحياة الا السائق ، رحلت فاطمة لتلتحق ومن معها بركب الحسين عليه السلام ، وصلوا الى الحسين
 قبل ان يصل الطريق ،لقد استقبل الحسين ع زواره في الرمادي قبل وصولهم لكربلاء ولاينال شرف الشهادة في الطريق الى كربلاء الا من يستحقه، وكان الركاب
سبعة وفيهم عائلة مكونة من اب وام وطفلة بعمر الورد ، ورجل قطع رأسه من الاصطدام كان قد جلس في المقعد الامامي ، بهذه اللحظة المأساوية رن موبايل السائق  واذا بابنة  فاطمة تريد ان تطمئن على امها ،
فزف لها السائق خبر شهادة الأم ومن معها..شابات يفتقدن الأم التي كانت بمثابة الأم والأب
 لكن هل في الشهادة حزن؟؟ ان الذين يستشهدون مكانهم في جوار الله.. فلم الحزن عليهم؟ أنحزن لأنهم خرجوا من دار القيود والاغلال ووقعوا في رحمة الله؟ نفرح لفوزهم بأعظم مكانة نعم..هذا مؤكد لكنه حزن الفراق والاشتياق الذي لايزول .. وخاصة ان كانت صحبة سنين لاتحسب بالساعات والأيام.. سنين لاشأن لها بالزمن..
هذا الحزن الذي لازمني لكوني فقدت صحبة انسانة طيبة
أدمنت على محبتها ووجودها وفجأة أستيقظ على زلزال رحيلها..تلك فاجعة ،
صمتت فاطمة وصوتها بأذني اسمعه باستمرار..
غابت وصورتها بعيني لاتفارقني..
مهما ناديتها لايصلها صوتي الضعيف.. ولكني مازلت اسمع صوتها و أراها الى اليوم .. لقد اورثتني الغربة المرة ،كانت فاطمة عراقية من بغداد تعيش بالشام ولم تر فاطمة انوار كربلاء ابدا لكنها التقت بنور سيد الشهداء ع والتحقت به
رحمها الله فهي كانت طوال حياتها مثالا للمرأة الموالية المؤمنة بكل معنى الكلمة وتركت وراءها اروع بنات تربين على حب الولاية والتمسك بها والثبات عليها.. فسلام على من سيدوم في القلب ذكراهم، مهما استفحل الموت ، وهذا يجعلني اتذكرها دائما في كل مسير وعند كل  حادث من الحوادث  كالقتل والتفجير والتفخيخ ويجعلني ارى صديقتي  فاطمة في وجه ابنتها  زهراء واخواتها  ليكونن في كل فعل فاطمة في كل صلاة ستطلع فاطمة وهي تربت على اكتاف بناتها بالرضى ، مع كل سفرة حسينية ارى في وجوه العابرين وجه فاطمة وابتسامتها المؤمنة  ، اقول لها احذري الطريق تقول  .. واي سعيد سيعانق الضريح  شهيدا في ارض كربلاء  ومع الحسين عليه السلام ، علمتنا هذه المرأة   ان لا شيء
يمنع انصار ابا عبد الله ع بالسير اليه ابدا ولو كره المنافقون ، ولو كره اعداء الله ورسوله (ص) ـ تذكرتها اخيرا  باحداث سوريا الأخيرة  التي تزداد خطرا كل يوم لم يمتنع الموالون من جميع انحاء البلاد الاسلامية الوصول لزيارة روح الحسين( ع ).. زينب عليها السلام .. العقيلة زينب ام المصائب ..هي روح الحسين ع لتعزيتها وزيارتها الكل هنا
 
يتمنى ان يمن الله عليه  الشهادة بحرم السيدة (ع )او بالطريق لكربلاء  لنيل الفيض العظيم الذي يتمناه كل عشاق لقاء المحبوب كي يصير اخر الوداع لقاء حسيني


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بارعة مهدي بديرة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/10



كتابة تعليق لموضوع : آخر وداع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net