صفحة الكاتب : د . نضير الخزرجي

برسم الإفراط والتفريط أعياد مع وقف التنفيذ!
د . نضير الخزرجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إن إقامة الإحتفالات وإحياء المناسبات الدينية والوطنية والإجتماعية تعتبر محطة للتزود النفسي والروحي، وهي دعوة للحياة واغتنام مباهجها في الحدود المعقولة، ومن يحظر على الناس الفرح والسرور، يحظر عليهم استنشاق نسيم الحياة! فالأعياد الدينية والقومية والوطنية فرصة طيبة للشعور بالفرح والحبور، وبخاصة لأولئك الذين صرفتهم متاعب الحياة ومشاغلها عن تلمس راحة الحياة وكرمها وفيضها، فيسعد الجميع كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، راعيهم ورعيهم.
  فالعيد مناسبة طيبة لتنشيط دورة الحياة وتفعيلها، فظاهرها الإستراحة والدعة، وحتى في تعبها راحة، فالتنقل والسفر وصرف الأموال لزيارة الأهل والأقرباء والأصدقاء يعتبر من الناحية الإقتصادية هدرا  للمال والزمن، ولكن في العرف الإجتماعي تمثل هذه الحركة شدّا من لحمة المجتمع، وتجديدا للدماء في شرايينه، وتحريكا للمياه الإجتماعية الراكدة، فإسعاد الأب لأسرته راحة، وإدخال الفرح في بيوت الأرامل والثكالى والأيتام سعادة ما بعدها سعادة، وإكرام الضيف سعادة، وإغناء الفقير سعادة، وإنارة الأزقة فيه إدخال للبهجة في قلوب الأطفال وعموم الناس، فكل فعل منضبط على طريق إنعاش النفوس وبخاصة في المناسبات والأعياد هو أداء راق، يوافقه الشرع ويرضاه العرف ويتقبله المجتمع.
ولكن هل يقف الشرع الإسلامي أمام الأعياد والإحتفال بها؟
مثل هذا السؤال الذي يتقلقل في صدور البعض، يجيب عليه الفقيه آية الله الدكتور الشيخ محمد صادق بن محمد الكرباسي في تصنيفه الفقهي الجديد "شريعة العيد" المنضود فقراته من 159 مسألة شرعية، الصادر حديثا عن بيت العلم للنابهين ببيروت في 88 صفحة من القطع الصغير، بتقديم و113 تعليقا لقاضي الشرع الفقيه آية الله الشيخ حسن رضا الغديري... فالأعياد دينية كانت أو وطنية، جمعية أو فردية تعلوها غمامة الحبور، لأن الحياة هي إحياء للنفوس المتعبة، وإحياء للموات من الإرادات المعطلة، وإماتة للأعراف التي تنسجها عناكب التعاسة، وبخاصة في المنظور الإسلامي الذي يرى أن العمل الصالح عيد وإصلاح الفاسد من أمور الناس عيد... ومن يكن شغله الشاغل نشر الغم، ولا ينزع عنه لباس الحزن فإنه ولا شك ينقل للآخر رسالة غائمة عن الإسلام، وحسب الدكتور الكرباسي سيكونون: (سببا في مزيد انتقاد الأعداء والمتربصين بالإسلام، إذ اشتهر منهم بأن الإسلام دين الحزن والكآبة، ودين لا يتماشى مع العصر، مما دفع ببعض المسلمين إلى الوقوع في التفريط بسبب إفراطهم، ونسوا بأن ديننا الحنيف دين الوسط ودين تطور يناسب كل عصر وكل مكان، وفيه الثابت والمتحرك مما جعله يفوق كل الأديان ويرتقي على جميع الحضارات)، ولهذا يؤكد على الاحتفال بالأعياد الإسلامية الأربعة: (عيد الأضحى المبارك، عيد الفطر المبارك، عيد الغدير الأغر، عيد الجمعة الجامعة) حیث شُرِّع عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة، كما أن الأضحى شُرِّع في السنة الثالثة (بحار الأنوار: 20/8)، كما أن: (هناك مناسبات أخريات يمكن تسميتها بالإصطلاح الحديث أعياداً، كمواليد المعصومين (ع) وذكريات البعثة والإسراء والمعراج وما إلى ذلك).
ربما يتساءل المرء: كيف يحتفل المسلمون بأعيادهم في البلدان غير الإسلامية؟
صار الإحتفال بالعيدين واحدا من معالم الحياة في بريطانيا بعامة والغرب بخاصة: (إذا أصبح إحياء هذه المناسبات أو بعضها شعاراً للمسلمين أو المؤمنين أو وسيلة للحفاظ على أصل العقيدة، وجب إحياؤها، وكذلك إذا أصبحت وسيلة لترويج الدين)، ولهذا نجد بعض المؤسسات الإسلامية الخيرية في بريطانيا على سبيل المثال تولم في شهر رمضان للفقراء وبخاصة للمشردين من غير المسلمين كتعبير عن المحبة وإنسانية الإسلام في إعانة الفقير، وهو مشروع ينبغي أن يعمم لبيان أهمية الإسلام في متابعة أحوال الإنسان من مسلم أو غير مسلم، لأن الإنسان أخو الإنسان، والناس كما يقول الإمام علي بن أبي طالب (ع) في وصيته للصحابي الجليل مالك بن الحارث الأشتر النخعي (ت 37 هـ) عندما ولاه مصر: (أن الناس صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق) (نهج البلاغة، شرح محمد عبده: 3/605)، وقد سئل النبي محمد (ص): (من أحب الناس إلى الله؟ قال: أنفع الناس للناس) (الكافي: 2/164)، فالمبعوث إلى الناس رحمة يتحدث عن النظير في الخلق لا خصوصية الأخ في الدين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . نضير الخزرجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/10



كتابة تعليق لموضوع : برسم الإفراط والتفريط أعياد مع وقف التنفيذ!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net