صفحة الكاتب : مجاهد منعثر منشد

شهادة وصي النبي
مجاهد منعثر منشد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



أأبلغ النبي الإمام بعد أصابته بداء وخاف عليه أبو بكر وعمر وعثمان من الموت بالمرض , أخبرهم الرسول : لا يموت بهذا , يموت مقتول . ووصف القاتل وقرنه بالشقاوة، عاقر ناقة ثمود .

أجتمع عدد من ُغلاة الخوارج الفارين من معركة النهروان , بالساحة القريبة من بيت الله , تذاكروا القتلى‏ من رفاقهم وذويهم، دلفوا من بين مصراعي الباب، متفرقين، واحداً بعد الآخر، أووا إلى‏ بقعة نائية من المكان، عمياء خرساء، لا تشي بهم، لا تطلع عليهم فيها عين، لا تسمع منهم أذن، لا ينقل عنهم لسان...جلسوا يتسارون...ظلوا ساعة في حديث موصول، يلم بالنفس مختلف النبرات. أخيراً التفت أحدهم إلى‏ رفيقه، قال: لو أننا شرينا أنفسنا للَّه عزوجل، فأتينا أئمة الضلال، وطلبنا غرتهم، وأرحنا منهم البلاد والعباد، وثأرنا لإخواننا الشهداء بالنهروان.

تأمَّلَ قولَهُ الآخران. أجمعوا رأيهم على‏ أنّ وِزْرَ هذه الدماء إنّما يقع على‏ ثلاثة هم «أئمة الضلال» حسب ما يسمّونهم . من بينهم الإمام عليّ بن أبي طالب .

هتف: عبد الرحمن بن ملجِم ، لصاحبيه: أنا أكفيكم أمر عليّ بن أبي طالب .

تعاهدوا وتعاقدوا وتواثقوا بالله على ذلك أن لا ينكص واحد منهم عن صاحبه الّذي تكفّل به حتّى يقتله أو يموت دونه ، أخذوا أسيافهم شحذوها وأسقوها السمّ ، توجّه كلّ واحدٍ منهم إلى‏ جهة صاحبه الّذي تكفّل به ، تواعدوا على أن يكون وثوبهم عليهم في ليلة واحدة ، توافقوا على أن تكون هذه اللّيلة هي اللّيلة الّتي يسفر صاحبها عن ليلة تسع عشرة من شهر رمضان المعظّم.

دخل ابن ملجم الكوفة، وفد فيمن وفدوا على‏ أمير المؤمنين، ليأخذ عطاءه...فما امتدت يده حتى‏ أمعن الإمام فيها النّظر بلحظ خاطف ثاقب الشّعاع، صوَّبهُ بعد هنيئة إلى‏ وجهه، نطق في هدوء:ما يحبس أشقاها ؟

مرّ ابن ملجم بدارٍ من دور الكوفة فيها عرس ، خرج منها نسوة رأى‏ فيهنّ امرأة جميلة فائقة في حسنها تسمى قَطام بنت الأصبغ التميمي , نظر إليها هواها , وقعت في قلبه محبّتها ، خاطبها : يا جارية أيم أنتِ أم ذات بعل ؟

نظرت إليه قائلة : بل أيم .

أردف : هل لك في زوج لا تذمّ خلايقه ؟

ـ ردت : نعم ، ولكن لي أولياء اُشاورهم .

تبعها دخلت داراً , خرجت إليه فقالت : يا هذا إنّ أوليائي أبوا أن يزوّجوني إلّا على ثلاثة آلاف درهم وعبدٍ وقينةٍ .

تفوه :لكِ ذلك .

ـ نطقت : وشريطة اُخرى ؟

قال : وما هي ؟

ـ أردفت : قَتلُ عليّ بن أبي طالب فإنّه قتل أبي وأخي يوم النهروان .

شد جبهته ,لصق حاجبيه , نهرها بصوت : : ويحك !

ترقق لها , تفوه: ومنْ يقدر على قتل عليّ؟ وهو فارس الفرسان وواحد الشجعان؟

ـ غضبت , نهرته , كلمته بشدة : لا تكثر ، فذلك أحبّ إلينا من المال ، إن كنتَ تفعل ذلك وتقدر عليه وإلّا فاذهب إلى‏ سبيلك ؟

تبسم لها وحرك شفتاه : أمّا قتل عليّ بن أبي طالب فلا ، ولكن إن رضيتي ضربتُه بسيفي ضربةً واحدةً وانظري ماذا يكون ؟

ـ انفتحت شفتيها واساريرها قائلة : رضيتُ ولكن ألتمس غرّته لضربتك ، فإن أصبته انتفعت بنفسك وبي ، وإن هلكت فما عند الله خيرٌ وأبقى‏ من الدنيا وزينة أهلها .

ارتد طرفه إلى‏ ماضيه الموسوم , أفصح عن سره : والله ما جاء بي إلى‏ هذا المصر إلّا قتل عليّ بن أبي طالب .

ـ فإذا كان الأمر على ما ذكرت دعني أطلب لك من يشدّ ظهرك ويساندك.

همس في أذنها : أفعلي .

بعثت إلى‏ رجل من أهلها يدعى وَرْدان من تيم الرباب كلّمته أجابها .

اتفقا على‏ الخطبة والخطب! وعدته الفتاة عوناً تقدمه له في شخص رجل من قبيلها مطاوع جليد جسور، يشد أزره، ويحمي ظهره .

خرج وصادفه شبيب بن بُجرة من أشجع من الخوارج قال له : هل لك في شرف الدنيا والآخرة ؟

ـ وكيف ذلك ؟

رد عليه : قتل عليّ بن أبي طالب .

ـ هبلتك الهبول، ثكلتك أُمّك لقد جئت شيئاً إدّا، إذ كيف تقدر على ذلك ؟

قال المتآمر بهدوء : أكمنُ له في المسجد الأعظم، فإذا خرج لصلاة الفجر، شددنا عليه فقتلناه، وأدركنا ثأرنا، وشفينا أنفسنا، وإن قتلنا فما عند الله خيرٌ من الدنيا وما فيها ، ولنا أُسوة في أصحابنا الّذين سبقونا .

ـ ويحك ! لو كان غير عليّ كان أهون عليَّ، وقد عرفت بلاءه في الإسلام وسابقته ‏مع ‏النبيّ‏ ‏وما أجدُ نفسي‏ تنشرح لقتله.

أردف : أما تعلم ‏أنه ‏قتل ‏أهل النّهروان العبّاد المصلّين ؟

ـ بلى‏.

ختم كلامه , تفوه : فنقتله بمن قتل من إخواننا.

رد ابن ملجم : ولكن يكون ذلك في ليلة الحادية والعشرين منه فإنّها اللّيلة الّتي تواعدت أنا وصاحباي فيها على أن يبيّت كلّ واحد منّا على‏ صاحبه الّذي تكفّل بقتله ، أجابوه إلى‏ ذلك .

كان الإمام عالماً بما سيجري عليه عارفاً بقاتله، يتوقّع ضربته , جاءه عبد الرحمن بن ملجِم يستحمله فحمله قال :

أُريد حياتَهُ ويُريدُ قتلي‏ *** عذيري من خليلي من مُرادِ

هذا والله قاتلي لا محالة .

قال أصحابه : يا أمير المؤمنين أفلا تقتله ؟!

ـ أجابهم : لا؛ فمَنْ يَقتلني؟ أنشد :

اشْدُدْ حَيازيمكَ للموتِ‏ *** فإنّ الموتَ لاقيكا

ولا تَجْزَعْ من الموتِ *** إذا حَلّ بناديكا

ولا تغترّ بالدهرِ *** وان كان يواتيكا

كما أضْحَكَكَ الدهرُ *** كذاكَ الدهرُ يبكيكا

قام السبط الحسن في تلك الليلة , وجد أبيه قائماً يصلّي في مسجد داره , كلمه : يا بني أيقظ أهلك يصلّون فإنّها ليلة الجمعة صبيحة بدر ، ولقد ملكتني عيناي فنمت ورأيت رسول الله , سألته : يا رسول الله ماذا لقيتُ من اُمّتك من الأوَد واللّدد !

رد الرسول : ادْعُ عليهم.

تضرع بالدعاء : اللّهمّ أبدلني بهم مَن هو خيرٌ منهم وأبدلهم بي مَن هو شرٌّ منهم.

جاء المؤذّن فأذنه بالصلاة خرج وخرجت خلفه . خرج عليا فكبّر في الصلاة ، قرأ من سورة الأنبياء إحدى‏ عشرة آية ، ضربه ابن ملجم من الصفّ على قرنه - بسيفه فأصابه . هتف الإمام : « فُزْتُ ‏وربِّ الكعبة » .

مات علي بن أبي طالب شهيد عظمته...مات والصلاة بين شفتيه...

مات وفي قلبه شوق إلى ربه...

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مجاهد منعثر منشد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/04/10



كتابة تعليق لموضوع : شهادة وصي النبي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net