صفحة الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري

المصالحة بين حظر النازية وحظر حزب البعث في العراق
عبد الكاظم حسن الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تتشدق الولايات المتحدة الامريكية والغرب بشعاراتها الرنانة الخاصة بالإنسانية والتسامح والديموقراطية, وتحاول تصدير هذه الشعارات وفرضها على دول الشرق والدول الافريقية, بل تذهب بعيدا من ذلك, اذ وضعت عقوبات دولية صارمة تجاه الدول التي لا تلتزم بالديموقراطية ومعايير حقوق الانسان من وجهة نظر الغرب.
ما بين ايدينا من مشاهدات ومواد فيديوية تذهب بادعاء الغرب ادراج الرياح, حيث نرى القمع للتظاهرات التي تطالب بحقوق الفلسطينيين وايقاف الابادة بحقهم, وايضا نرى كمية الدمار التي تلحقها امريكا بالشعوب وقتلها الملايين بحجة نشر الديموقراطية الكاذبة.
من الادلة التي تدحض كذب الغرب هو قوانينهم الخاصة بتجريم النازية, حيث ما زال الغرب صارما متشددا تجاه من يمجد او ينشر او يتظاهر او يدعو او حتى يعلق بتعليق يمتدح فيه النازية -رغم مرور اكثر 70 عام على ذهاب النازية لكنها مازالت مادة جرمية يعاقب عليها القانون الغربي- بينما نجده يطالب في العراق ودول اخرى بالمصالحة واحتواء البعث وبقية التنظيمات الديكتاتورية والارهابية كل في بلده.
في العراق عاش الشعب تحت نير الديكتاتورية والاضطهاد البعثي, ومورست بحق العراقيين ابشع صور القتل والتنكيل والاخفاء القسري, واغتصاب النساء وسجن الاطفال وقتلهم وتشريدهم, ومارس البعثيون ابشع انواع العنف ضد العراقيين.
جاءت امريكا الى العراق بحجة تخليصهم من البعث وسطوته, لكنها في الحقيقة حمت البعثيين وقربت كبارهم, واعطت اللجوء لكبار القادة البعثيين ممن تعاونوا معها, وايضا فرضت على العراقيين تحت عناوين براقة القبول بالبعثيين بحجة المصالحة.
جاء النظام الجديد بعد 2003 بكل المعارضين للبعث تحت عباءة امريكا, وكنا نظن ان عصر البعث سيولي الى غير رجعة, وحسبنا ان القادة المعارضين سيكونون اشداء على البعث, وظننا ان قوانين تجريم النازية التي تصل عقوباتها الى الاعدام سيتم تطبيقها في العراق لاجتثاث البعث, وان امريكا الراعي الدولي للديموقراطية –كما تدعي- ستساعد العراقيين على القضاء على البعث.
هذه الآمال ذهبت ادراج الرياح, فبرغم ان الدستور العراقي جرم البعث وتشكلت هيئة لأجل ذلك بمسمى هيئة اجتثاث البعث, الا اننا فوجئنا بالاستثناءات المتتالية للبعثيين, وراينا تهاون امريكا في هذا الملف, ثم ان قادتنا المعارضين رأيناهم يتماهون مع امريكا, فيصدر رئيس الوزراء العراقي المالكي وقتها الاستثناءات تلو الاستثناءات, وتم تحول هيئة اجتثاث البعث الى هيئة المسائلة والعدالة, ودعمها ببدعة المصالحة الوطنية, ولعمري لا ندري اي مصالحة مع القتلة والارهابيين, ليبدا فصل جديد من فصول عودة حزب البعث للواجهة ولو خلف اقنعة براقة او وجوه مختلفة.
نلاحظ في الشوارع وفي المؤسسات عودة وجوه البعث بعد رفع الاجتثاث عنهم, ومنهم من تم استثناءه ليكون في البرلمان نائبا او في الحكومة وزيرا, وبدأ الانحدار شيئا فشيئا ليتم احتضان البعثيين وتقريبهم من دوائر القرار, بل الأمرَّ من ذلك ان الحكومات –المعارضة للبعث- ذهبت ابعد من ذلك حيث عملت على تكريمهم واعطاءهم الحظوة مقابل ابعاد الضحايا المتضررين من نظام البعث, وركنهم على جنب, ولم يأخذ القادة وخصوصا الشيعة نصيحة المرجعية لهم في عام 2019 اثناء فتنة تشرين حيث قالت (إنّ الأعداء وأدواتهم يخطّطون لتحقيق أهدافهم الخبيثة من نشر الفوضى والخراب والانجرار الى الاقتتال الداخليّ، ومن ثَمّ إعادة البلد الى عصر الدكتاتوريّة المقيتة، فلا بُدّ من أن يتعاون الجميع لتفويت الفرصة عليهم في ذلك).
الحقيقة ان البعثيين وافكارهم المنحرفة لم ينتهوا في العراق, وهناك دوائر محلية واقليمية ودولية تعمل على عودتهم لتسيد المشهد العراقي, وللأسف ان السياسيين الشيعة وهم المتضرر الاكبر من البعث في سبات عميق عن هذه الحالة, بل تجاوزوا الحد في الاستهزاء بنا نحن ضحايا النظام السابق, فاخذوا يقربون البعثيين بدعاوى بطالة بحجة الاحتواء وهذه حجة واهية فالبعثيون كالأفاعي السامة ما ان تربيها في حجرك حتى اذا نشبت انيابها فاجأتك بلدغة مميته تنهي وجودك, لذا اقول احذروا الملمس الناعم للبعثيين, واحذروا ثعلبيتهم الماكرة, وادعوا كل من عانى وعاش ويلات البعث ان لا يدخر جهدا في فضح كل مسؤول يجامل البعث, وان يعمل على اظهار الحقائق امام الجيل الناشئ كي لا يغرهم ويغريهم الاعلام بان البعث كان افضل من الان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الكاظم حسن الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/06/22



كتابة تعليق لموضوع : المصالحة بين حظر النازية وحظر حزب البعث في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net