(قراءة في خطبة الجمعة لسماحة السيد احمد الصافي)// 20 محرم 1441 هـ الموافق 2/9/2019 م
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

قراءة الواقع التاريخي في معرفة ارتباطاته الفكرية والروحية، وما يتعلق بمستقبل الإدراك الإنساني، بمعنى لا نريد قراءة التاريخ قراءة سردية، بل نبحث عن الرؤية المعبرة في نهضة الإمام الحسين عليه السلام، عن روح المستقبل فيها، عن الوجدان المؤمن، وهذا الجهد الإبداعي الذي تجسد عند أئمة أهل البيت عليهم السلام، في قراءة عاشوراء عبر النصوص الواردة في زيارة عاشوراء، قراءة واعية تعطي القيمة الروحية لمنهج الحسين عليه السلام، أيقاظ شعوري لمعنى أن نكون من أنصاره،
ركز خطاب سماحة السيد أحمد الصافي على حقائق مهمة،
فهو يرى أن قضية سيد شهداء عليه السلام هي قضية جديرة بالتأمل على مدار السنة، وقراءة الظروف التي تزامنت مع الواقعة المباركة، ما قبل واقعة الطف وما بعدها من أحداث في غاية الأهمية أي بمعنى أن يوم عاشوراء هو ليس يوما مستقطعا من جسد التاريخ، بل هو قلب التاريخ، له أحداث ترتبط بواقع هذا اليوم قبل حدوثه بعقود زمنية وما بعد الواقع إلى يوم ظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، وضع لنا معادلة مهمة عن وعي القراءة، كلما زاد اطلاع الإنسان بجوهر الواقعة وعن معطياتها التاريخية، ازداد معرفة من حيث الفارق بين تخمين قوة الذات وبين وضع القوة في الواقع الحقيقي للإنسان، وخصوصية الخطاب الإبداعي هو البحث داخل القدرة الروحية، داخل روافد الواقع المعرفية، لنجد المعنى الأوسع للتماسك الروحي عند المؤمن، واقعة الطف لم تنتم يوما إلى المتخيل التاريخي، لكننا نجد واقعية التاريخ تعيد نفسها بين فترة وأخرى، تشعرنا أن الواقعة مستمرة وأن تبدلت شخوصها، لأن ملخص الطف الحسيني هو صراع بين الحق والباطل، وهذا الصراع مستمر إلى اليوم، هناك علاقة مباشرة بين الإنسان في أي عصر كان والواقعة.
أمنيات النصرة وحدها لا تكفي، نحتاج إلى موقف إلى ابتلاء يمحص القناعة، ضعف الإنسان الحقيقي حين يعلم الحق ولا يواجه الباطل.
ليس للإنسان المؤمن عذرا إذا وقع تحت حوافر التدليس وتأثر بالباطل، عليه ألا يخضع لهذا التدليس، أن يبحث عن الحقيقة
جميع الزيارات التي نعتمد عليها هي للائمة عليهم السلام، الزيارة المطلقة للإمام الباقر عليه السلام، وكثير من الزيارات للإمام الصادق عليه السلام، والزيارة الجامعة للإمام الهادي سلام الله عليهم.
تنتمي هذه الزيارات في معظم عباراتها إلى المضمون القرآني مثل إعلان البراءة من أعداء الحسين عليه السلام، فقد تبرأ الله سبحانه ممن يستحق العقوبة، مثل قوم لوط وفرعون وقوم نوح.
الإمام الباقر سلام الله عليه يريد أن يلفت النظر إلى أن هؤلاء صنعوا في واقعة الطف شيئا كبيرا، فهم يستوجبون اللعن، مجموعة من عتاة البشر ظلموا سيد الشهداء عليه السلام ظلما لا مثيل له.
الزيارة مشحونة بعبارات تبين أن الله تعالى والملائكة والسماوات كلها حزنت على سيد الشهداء عليه السلام، ويمكن لنا من خلال هذا الحزن أن نعرف عظم الجرم الذي يستوجب منا أن نتبرأ إلى الله تعالى من هذا الفعل، الواقعة شكلت رافدا مهما من منهج أئمة أهل البيت عليهم السلام، منهم من يحث على زيارة الحسين عليه السلام، ومنهم من يحث على البكاء وعقد المجالس، يقول الإمام الرضا سلام الله عليه (قتل الإمام الحسين أقرح جفوننا) لا يوجد مبرر حقيقي لقتله وإنما هي جرأة على الله وعلى النبي صلى الله عليه واله وسلم.
الإمام الباقر عليه السلام يؤكد على المنصب السماوي للحسين عليه السلام منزلة أعطاها الله ونبيه، الدعاء تحت قبته مستجاب، وجميع الأئمة يشجعون على التواصل مع سيد الشهداء الحسين عليه السلام، ليشعر الناس على مر الأجيال بتلك المشاعر الجوهرية الكامنة في أغوار النفس الإنسانية.
شخص سماحة السيد أحمد الصافي أن لقضية سيد الشهداء جنبتان في غاية الأهمية...
(الجنبة الأولى) مدعاة بهداية كثير من الناس إلى الصيام والصلاة، طاقة روحانية تشد الإنسان إلى واقعية الدين.
(الجنبة الثانية) أصبح رمزا للثورة، لا تجد طاغوتا ظالما يحب سيد الشهداء الحسين أو يرتاح للشعائر الحسينية، وإن اختلف الزمان، فهو يهز مضاجع الطغاة إلى اليوم، عندما يفكر رئيس دولة من القرون المتقدمة أن يذبح شجرة تأوي تحت ظلها الزائرين، ورئيس دولة يظهر بعد قرون يقتل الزوار ويسجن من يسقيهم، أو يطعمهم،
هو السمو الإنساني الذي يقول عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم (الحسين مصباح الهدى) ومصباح الهدى يعني في كل زمان ومكان منبع النور وأعماق الوجود الإنساني والوجدان، حب الحسين كرامة كما جاء في الزيارة المباركة (اسأل الله الذي اكرمني بمعرفتكم) الصفاء والنور والجوهر المشع بالكرامة يختزل البعد الإيماني بالبراءة من أعداء الحسين عليه السلام، (ورزقني البراءة من أعدائكم) هذه الزيارة من صياغة الأئمة هكذا نزور الأئمة ونعلن البراءة من أعداء الحسين عليه السلام، ارتباطا بقوله تعالى (براءة من الله ورسوله) والخطر الحقيقي هو حين يرفع قتلة الحسين عليهم السلام هوية الإيمان بالله، قتلوا الحسين يوم الطف وهم ينادون عجلوا بقتل الحسين حتى لا تفوتنا الجماعة، وهم رشقوا صلاة الحسين بالسهام فأصابت مجموعة من صحبه.
الخطاب بما يحتوي من مفاهيم يتناول المعطيات المهمة، قضية سيد الشهداء ليست حدثا عابرا وإنما هي عبارة عن منهج قد فرغ الأئمة عليهم السلام جهدا من وقتهم لزيادة هذا المعنى في قلوب الناس ونفوسهم في كل زمان ومكان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat