صفحة الكاتب : الشيخ مصطفى مصري العاملي

بين غداء في النجف وغداء في قم خاطرة وذكرى
الشيخ مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 استوقفني ظهر الاربعاء الفائت – أمس الاول - إعلان على باب الحسينية لم يكن موجودا  عند دخولي اليها، فوقفت أقرأ ما فيه، وكان دعوة لحضور مجلس فاتحة وعزاء سيقام يوم الجمعة -( أي اليوم)- في الذكرى السنوية التاسعة للفقيد الراحل.

قررت حضور هذا المجلس لما أحمله من بعض الذكريات القديمة ولكي نقرأ له الفاتحة.
اتصلت صباح اليوم بأخي واتفقنا على الذهاب معا فالتقينا أمام حرم السيدة المعصومة – في قم - و توجهنا نحو الحسينية ، وصلنا في البداية فشاهدت عددا من المشايخ يقف خارج الباب وكنت أظنها ستكون خالية في بداية الوقت فلربما تمتلئ قبيل الظهر، فلماذا يقف هؤلاء في الشارع ؟
لم أتأخر في اكتشاف حقيقة لم تكن في البال، وهي أن الحسينية ممتلئة ، بل وأن الغرف الجانبية أيضا مفتوحة وممتلئة ولم يكن من مجال للجلوس بعد أن رحب بنا الواقفون في المدخل إلا أن نجلس قبالة المنبر حيث كان مقرئ القرآن يتلوا بعض السور فيما كان الكثيرون يقرأون في الاحزاب الصغيرة([1]) التي توزع عليهم .
ما أن أكملت قراءة حزب من القرآن الكريم حتى صعد المنبر، خطيبُ المجالس الحسينية ، والمعروف بأنه خطيب مجالس المراجع والعلماء ، السيد آل طه ، فابتدأ حديثه بعد الصلاة على النبي وآله بالاية الكريمة : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت : 30].
لمجالس السيد آل طه نكهة خاصة وأثر خاص، فهذا السيد الذي بلغ من العمر عتيا، ويمشي ببطء متكئا على عصاه كي يصعد المنبر تراه يجذب الحضور الى الاستماع اليه بسحر بيانه، فهو لا يملك صوتا مميزا تعلو فيه النبرات وتخفو حسب الموضوع، بل له نمط خاص يبدع فيه بعمق بيانه وغزارة كلماته، فينجذب الجميع من كل المستويات الى كلامه، وكل يشعر أنه استفاد منه فائدة ، وفي كل مجلس ترى منه شيئا جديدا.
أكمل السيد آل طه مجلسه قبيل أذان الظهر، والمجلس مكتظ بالحضور المميز من أعلى الطبقات العلمية ، وكان من أبرز الحضور أستاذ الأصول بلا منازع المرجع الشيخ حسين الوحيد الخراساني، وعدد من أبناء بيوتات المراجع العظام ووكلائهم  من ذوي العلم والفضل إضافة الى مستويات مختلفة من الناس، فوقف قسم من الحاضرين لكي يخرجوا وبقي قسم آخر جالسا لتناول طعام الغداء كما يبدوا من الاستعدادات التي تبدوا لكل ناظر.
ترددت بين البقاء والخروج ولكنني حسمت الامر  وقررت الخروج إفساحا بالمجال امام الحاضرين، وتقدمت نحو قبر الراحل في الحسينية وقرأت الفاتحة متجها نحو الباب.
وقبل أن أخرج استوقفني أحد الاصدقاء ملحا علي بالبقاء ولم يقبل اعتذاري بل دعاني للدخول الى غرفة جانبية  فاستجبت له ودخلت.
جلست في الغرفة قبالة صورة على الجدار وبدأوا بتوزيع الطعام بعد أن مدت السفرة، كان الطعام عبارة عن صحن من الارز والدجاج مطبوخ على الطريقة الايرانية المعروفة، فهو الطبق المشهور (چلو مرغ ) .
وهنا بين الصورة وطبق الأرز عادت بي الذاكرة أكثر من ثلاث عقود من السنين، الى أكثر من خمس وثلاثين سنة.
ارتسمت صورة تلك الايام في مخيلتي وعدت الى تلك الحقبة لأعيش تفاصيلها ومحطاتها وذكرياتها ولم أكن قد تجاوزت عشر سنين من عمري.
كنا في تلك الفترة نعيش في النجف الاشرف، مدينة أمير المؤمنين علي عليه السلام، وحاضنة الحوزة العلمية منذ الف سنة عندما هاجر بل هجر اليها شيخ الطائفة الشيخ الطوسي([2]) من بغداد بعد إحراق مكتبته وداره، في حملة قادها مجسمة الحنابلة ضد أتباع أهل البيت عليهم السلام – والتاريخ يعيد نفسه -.
في تلك الفترة كان والدي قد رفض عودتي لمتابعة دروسي في مدرسة منتدى النشر([3])، بعد أن صادرها وأممها نظام البعث في العراق الذي لم يكن قد مضى على استيلاءه على الحكم اكثر من سنة.
لقد تمت مصادرة المدرسة وفرضت عليها مناهج تعليمية خاصة، ورفعت بها الشعارات الحزبية التي كان يتغنى بها النظام البعثي وهي:
أمة عربية واحدة *** ذات رسالة خالدة
      وحدة     حرية     اشتراكية!!!
وارتفعت صور القائد المهيب!! أحمد حسن البكر ، ونائبه صدام حسين.
أدرك والدي حفظه الله تعالى بأن هذا التأميم يحمل مؤشرا خطيرا ويدل على مخطط جهنمي يستهدف العراق وتاريخه، وهو ما أثبتته الأحداث التالية التي عصفت بالعراق ولا تزال حتى أيامنا هذه، وإن تعددت الفصول ، فما أن أكملت تلك السنة التي نلت في نهايتها تقدير ممتاز حتى بدأ الصيف مع برنامج خاص وضعه لي والدي لمتابعة دراستي في شتى الميادين التي أرغب فيها على يد أساتذة أقصدهم في بيتهم او في المسجد، وصرت مرافقا لوالدي في معظم أوقاته فأخرج معه من المنزل عندما يذهب الى درسه ، أتمشى حينا وأجلس معه في درسه أحيانا وأذهب الى موعد درس لي أحيانا أخر.
لقد فتحت هذه المنهجية أمامي آفاقا واسعة من المعرفة والعلاقات ، فلم يكن لدي أصدقاء من عمري إجمالا، ولم أكن ألعب مع أحد من عمري، بل كان زملاء الوالد وأصدقاؤه وأساتذته هم دائرة علاقاتي ومعارفي رغم التفاوت الكبير، وصرت معروفا لديهم، أو لدى أكثرهم كوني أعيش حالة فريدة لم يألفها المجتمع النجفي.
لم تكن علاقات والدي مقتصرة على زملاءه أو على أساتذته  بل كانت تتعداها الى دائرة واسعة من ذوي العلم والفضل والمكانة المرموقة ، فكان يقصد هؤلاء في أيام العطل وشتى المناسبات ، ليتباحث معهم في مسألة ، أو يسألهم عن موضوع، أو يتناقش معهم في أمر بعيدا عن نمط العلاقات العادية التي تحكم الافراد في علاقاتهم.
كان يَعتمد على بعض من يُشهَد له بالمعرفة والاطلاع في أخذ المشورة والنصيحة، وكانت النجف الاشرف في تلك الفترة تمتاز عما نعيشه الآن في مدينة قم وتعيشه الحوزة اجمالا بوجود علاقة أبوية بين الاستاذ وطلابه، فلم تكن العلاقة منحصرة بين أستاذ يلقي محاضرته أو يشرح درسه وتلميذ يستمع اليه بل تتعداها الى متابعة من قبل الاستاذ لشؤون تلميذه من أكثر من ناحية.
بل وأكثر من ذلك ، كان الطالب الجديد في الحوزة  يلجأ الى شخص من ذوي العلم والفضل فيتخذه موجها له ويستمع الى نصائحه ، بل ويخضع لاختبار عنده، فينصحه العالم العارف بأن يدرس النحو مثلا عند فلان، والفقه عند فلان والبلاغة عند فلان وهكذا.
كان نمط العلاقة هذا يؤسس لنمط خاص من التربية نفتقد اليه في زماننا ولا أنسى مثلا أننا عندما رزقنا بأختي الصغيرة كانت لدينا رغبة في إطلاق اسم عليها، ولكن والدي غير رأيه وأطلق عليها اسم خديجة تيمنا باسم المظلومة خديجة الكبرى استجابة لاختيار أستاذه الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم.
وفي أحد أيام الجمعة كنا مع والدي إضافة الى أخواي اللذان يصغراني ببضع سنين،- والذي صاحبني أحدهما اليوم الى مجلس الفاتحة، وهاتفني الاخر اليوم من الصين - كنا في زيارة لأستاذ استاذ والدي، أستاذ الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم([4])، واستاذ الشهيد السيد محمد باقر الصدر([5])، في زيارة الى عالم تبدوا عليه علائم الوقار، إلى عالم غدا بعد سنين قلائل، مرجعا من المراجع الكبار الذين اختلفت حولهم الاراء ، لا لعلمه ولا لفقاهته ، بل لمواقف يؤمن بها ويخالفه عليها آخرون، هذا المرجع الكبير الذي غيبه الموت سريعا هو الذي حضرت اليوم مع أخي مجلس الفاتحة في حسينيته حيث دفن و الذي أقيم في الذكرى السنوية التاسعة لرحيله.
 إنه المرجع الراحل السيد محمد الروحاني.
لا شك إن أخي علي يتذكر رحلتهم الى كربلاء، بل وحتى أولاد السيد يذكرونها، إنها آخر سنة كان قد سمح بها النظام البعثي في العراق بأن يتوجه المؤمنون مشيا لزيارة سيد الشهداء في كربلاء في ذكرى الاربعين، بعد أن منع مواكب التطبير في عاشوراء، كان ذلك عام 1974 م .
في تلك السنة قرر والدي مع عدد من اللبنانيين في النجف الاشرف  الذهاب مشيا الى كربلاء، وبما أنه كان سيغيب لعدة أيام فلم يكن من الممكن أن أذهب معه ، وكان عليّ أن أبقى مع والدتي وأخوتي وذهب حينذاك أخي علي.
توجه والدي وأخي نحو الحرم العلوي الطاهر كي يصلوا الظهر ويزوروا وينطلقوا نحو كربلاء ، ولكن لم يحضر أحد من اللبنانيين الى ذاك المكان حسب الموعد المتفق عليه.
لم يرجع والدي الى المنزل فقد قرر الذهاب بمفرده ومعي أخي، فمر بعد خروجه من حرم أمير المؤمنين عبر السوق الكبير واشترى علما عليه ( يا حسين ) ليحمله أخي ويتجها بمفردهما مشيا نحو كربلاء ومعهما شنطة صغيرة فيها بعض الحوائج.
ما أن غادرا مدينة النجف وقبل أن يحل الظلام حتى التقيا بمجموعة من الاشخاص متجهة نحو كربلاء، ومعهم عربة يجرها حمار عليها ما يحتاجون من مؤن وأغراض.
كان على رأس تلك المجموعة السيد محمد الروحاني.
ما أن وصل والدي وأخي والتقيا به حتى وجه كلامه وبشكل جازم نحو أخي: أنت تحمل العلم فأنت قائد الحملة، وضعوا الشنطة في العربة، وتسيرون معنا.
حدثني والدي عن تلك الرحلة بأنهم عندما وصلوا الى خان النص([6]) باتوا ليلة هناك وتجمع عدد من الشخصيات العلمية والقضائية والامنية ، وكانت سهرة في احدى الخيم، وبينما كان والدي يناقش بعض المسؤولين في المنطقة ممن حضر الجلسة حول بعض الافكار، مبيّنا فشل الانظمة الوضعية ، وأن الحل لمشاكل الامة يكون باتباع مناهج الاسلام ، التفت أحدهم الى والدي سائلا: هل أنت لبناني ؟
أجابه والدي: نعم .
قال له: أنتم اللبنانيون ..
وقبل أن يكمل قاطعه والدي قائلا: إن مقياس التفاضل في الاسلام هو ما ذكره القرآن الكريم : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13].
وما أن خرج الجمع حتى التفت السيد الى والدي قائلا:
يا أبا مصطفى ، أنت هنا في العراق ، ولست في لبنان، لا بد من أن تكون حذرا.
هذه الرحلة مما لا شك بأن والدي وأخي يتذكراها جيدا.
تذكرت تلك الحكاية وتذكرت ذالك اليوم الذي ذهبنا قبلها فيه اليه ، وأنا جالس في الغرفة المجاورة لقبره أنظر الى صورته تارة وأنظر الى صحن الأرز الذي وُضع أمامي تارة أخرى، وأتذكر بعض كلماته التي لا تزال ترن في أذني، فقد رفض السماح لنا في ذلك الوقت بمغادرة منزله دون أن نتناول معه طعام الغداء، واستدعى ولديه الصغيرين التوأم السيد علي والسيد حسن الذين استقبلاني اليوم في مدخل الحسينية، استدعاهما لنتاول الغداء معا ، فجلسنا جميعا على تلك السفرة في منزله على الارض كما جلست اليوم، وأحضروا لنا طعاما كطعام اليوم ، طبق من الارز المطبوخ على الطريقة الايرانية وعليه تلك الحبيبات الصفراء بلون الزعفران، مع الحبوب الحمراء ذات النكهة الحامضة، والمعروفة عند الايرانيين ( زرشك)، ومع طبق الأرز هذا فخذ من الدجاج .
بالطبع لم أكن في ذلك الوقت أدرك أن هذا الطبق من الطعام هو طبق مميز عند الايرانيين، وبما أنني لم أكن منذ صغري ممن يحب أكل اللحم فقد اكتفيت بأكل الأرز مع شيء من اللبن، وكذلك فعل أخواي.
لفت سلوكنا هذا نظر السيد ونظر باستغراب نحو والدي قائلا: لماذا لا يأكلون؟
قل لهم أن يأكلوا..
حاول والدي أن يطعمنا شيئا من اللحم ولكن لم تكن النتيجة كما كان يرغب السيد فأجابه والدي : إن الاولاد عندي لا يرغبون بأكل اللحم.
فضحك رضوان الله عليه وقال بابتسامة :
يا أبا مصطفى .. إن عند أولادك زهد طبيعي.
تذكرت ذاك الغداء في النجف أثناء تناولي الغداء في قم، وتعمدت أن لا أبقي في الصحن شيئا وكأني أخاطب صورته أمامي وهو في قبره خلفي، ها قد أكلت الطعام بأكمله ولم أزهد فيه.
وقفت و قبل أن أخرج مودعا قرأت الفاتحة .
 
 
 
        ([1])   القرآن الكريم ثلاثون جزءا، والجزء حزبان، والحزب نصفان.
([2])    محمد بن الحسن بن علي الطوسي : قال النجاشي : " محمد بن الحسن بن علي الطوسي ، أبو جعفر : جليل في أصحابنا ، ثقة ، عين ، من تلامذة شيخنا أبي عبد الله .
له كتب ، منها : كتاب تهذيب الأحكام ، وهو كتاب كبير ، وكتاب الاستبصار ، وكتاب النهاية ، وكتاب المفصح في الإمامة ، وكتاب ما لا يسع المكلف الاخلال به ، وكتاب الشيعة ، وأسماء المصنفين ، وكتاب المبسوط في الفقه ، مقدمة في المدخل إلى علم الكلام ، وكتاب الايجاز في الفرائض ، ومسألة في العمل بخبر الواحد ، وكتاب ما يعلل وما لا يعلل ، كتاب الجمل والعقود ، كتاب تلخيص الشافي في الإمامة ، مسألة في الأحوال ، كتاب التبيان في تفسير القرآن ، شرح المقدمة ، وهي رياضة العقول ، كتاب تمهيد الأصول ، وهو شرح جمل العلم والعمل " .
وقال الشيخ نفسه في الفهرست ( 713 ) : " محمد بن الحسن بن علي الطوسي ، مصنف هذا الفهرست ، له مصنفات ، منها : كتاب تهذيب الأحكام ، وهو يشتمل على عدة كتب من كتب الفقه ، أولها كتاب الطهارة ، وكتاب الصلاة ، وكتاب الزكاة ، وكتاب الصوم ، وكتاب الحج ، وكتاب الزيارات ، وكتاب الجهاد ، وكتاب الديون والكفالات والضمانات والحوالات ، وكتاب الشهادات ، وكتاب القضايا والاحكام ، وكتاب المكاسب ، وكتاب التجارات ، وكتاب النكاح ، وكتاب الطلاق ، وكتاب العتق والتدبير والمكاتبة ، وكتاب النذور والايمان والكفارات ، وكتاب الصيد والذبائح ، وكتاب الأطعمة والأشربة ، وكتاب الوقوف والصدقات ، وكتاب الوصايا ، وكتاب المواريث ، وكتاب الحدود ، وكتاب الديات ، وله كتاب الاستبصار فيما اختلف من الاخبار ، وهو يشتمل على عدة كتب تهذيب الأحكام ، غير أن هذا الكتاب مقصور على ذكر ما اختلف من الاخبار ، والأول يجمع الخلاف والوفاق ، وله كتاب النهاية في مجرد الفقه والفتاوى ، وهو يشتمل على عدة كتب تهذيب الأحكام ، وله كتاب المفصح في الإمامة ، وله كتاب تلخيص الشافي في الإمامة ، وله مختصر ما لا يسع المكلف الاخلال به ، وله كتاب العدة في أصول الفقه ، وله كتاب الرجال الذين رووا عن النبي والأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، ومن تأخر عنهم ، وله هذا الكتاب وهو فهرست كتب الشيعة وأصولهم وأسماء المصنفين منهم ، وأصحاب الأصول والكتب ، وأسماء من صنف لهم وليس هو منهم ، وله مسائل الخلاف مع الكل في الفقه ، وله كتاب المبسوط في الفقه ، وهو مشتمل على ثمانين كتابا ، وفيه فروع الفقه كلها لم يصنف مثله ، وله كتاب ما يعلل وما لا يعلل ، وله مقدمة في المدخل إلى علم الكلام ، لم يعمل مثلها ، وله شرح لهذه المقدمة ، وله كتاب الجمل والعقود في العبادات مختصر ، وله مسألة في الأحوال مليحة ، وكتاب الايجاز في الفرائض مختصر ، وله مسألة في العمل بخبر الواحد ، وله كتاب شرح ما يتعلق بالأصول من جمل العلم والعمل ، وله مسألة في تحريم الفقاع ، وله المسائل الجنبلائية أربع وعشرون مسألة ، وله المسائل الرجبية في تفسير آي من القرآن ( لم يصنف مثلها ) ، وله المسائل الدمشقية اثنتا عشرة مسألة ، وله كتاب التبيان في تفسير القرآن لم ير مثله ، وله المسائل الرازية في الوعيد ، وله المسائل في الفرق بين النبي والامام ، وله المسائل الحلبية ، وله ( كتاب ) النقض على ابن شاذان في مسألة الغار ، وله مختصر في عمل يوم وليلة ، وله مناسك الحج ( في ) مجرد العمل والأدعية ، وله مسائل ابن البراج ، وله كتاب مصباح المتهجد في عمل السنة كبير ، وله كتاب أنس الوحيد مجموع ، وله كتاب الاقتصاد فيما يجب على العباد ، وله كتاب مختصر المصباح في عمل السنة ، وله المسائل الإلياسية وهي مائة مسألة في فنون مختلفة ، وله كتاب مختصر أخبار المختار بن أبي عبيدة رحمه الله ، وله كتاب الغيبة ، وله كتاب المسائل الحائرية نحو من ثلاثمائة مسألة ، وله كتاب هداية المسترشد وبصيرة المتعبد ، وله كتاب اختيار الحال ، وله كتاب المجالس في الاخبار ، وله كتاب مقتل الحسين بن علي عليهما السلام ، وله كتاب في الأصول كبير خرج منه الكلام في التوحيد ، وبعض الكلام في العدل " . ( إنتهى )  
ويشتمل كتاب المبسوط على كتاب الطهارة ، كتاب الحيض ، كتاب الصلاة ، كتاب صلاة المسافر ، كتاب الجمعة ، كتاب الجماعة ، كتاب صلاة الخوف ، كتاب صلاة العيدين ، كتاب صلاة الكسوف ، كتاب الجنائز ، كتاب الزكاة ، كتاب الفطرة ، كتاب قسمة الصدقات بالأخماس والأنفال ، كتاب الصوم ، كتاب الاعتكاف ، كتاب الحج ، كتاب الضحايا والعقيقة ، كتاب الجهاد وسيرة الامام ، كتاب الجزية ، كتاب قسمة الغنائم ( والفئ ) ، كتاب البيوع ، كتاب السلم ، كتاب الرهن ، كتاب التفليس ، كتاب الحجر ، كتاب الصلح ، كتاب الحوالة ، كتاب الضمان ، كتاب الشركة ، كتاب الوكالة ، كتاب الاقرار ، كتاب العارية ، كتاب الغصب ، كتاب الشفعة ، كتاب القراض ، كتاب المساقاة ، كتاب الاجارات ، كتاب المزارعة ، كتاب احياء الموات ، كتاب الوقوف والصدقات ، كتاب الهبات ، كتاب اللغة ، كتاب الوصاية ، كتاب الفرائض ، كتاب الوديعة ، كتاب النكاح ، كتاب ( الصدقات ) الصداق ، كتاب القسم ، كتاب الخلع ، كتاب الطلاق ، كتاب الرجعة ، كتاب الايلاء ، كتاب الظهار ، كتاب اللعان ، كتاب العدد ، كتاب الرضاع ، كتاب النفقات . كتاب العتق ، كتاب المكاتب ، كتاب المدبر ، كتاب أمهات الأولاد ، كتاب الايمان ، كتاب النذور ، كتاب الصيد والذبائح ، كتاب الأطعمة ، كتاب السبق والرمي ، كتاب الجراح ، كتاب الديات ، كتاب القسامة ، كتاب كفارة القتل ، كتاب قتال أهل البغي ، كتاب المرتد ، كتاب الحدود ، كتاب السرقة ، كتاب قطاع الطريق ، كتاب الأشربة ، كتاب قتال أهل الردة ، كتاب الدفاع عن النفس وصول البهائم ، كتاب آداب القضاء ، كتاب الشهادات ، كتاب الدواعي والبينات ، الجميع واحد وثمانون كتابا .
وقد ذكره ابن شهرآشوب في معالم العلماء ( 766 ) وعد كتبه ، وذكر فيها كتبا غير ما ذكرنا .
وقال العلامة في الخلاصة ( 46 ) من الباب ( 1 ) من حرف الميم ، من القسم الأول : " ولد ( قدس الله روحه ) في شهر رمضان ، سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ، وقدم العراق شهور سنة ثمان وأربعمائة ، وتوفي ( رضي الله عنه ) ليلة الاثنين الثاني والعشرين من المحرم سنة ستين وأربعمائة ، في المشهد المقدس الغروي ، على ساكنه السلام ، ودفن بداره " .
ثم قال : " قال الحسن بن مهدي السليقي ، توليت أنا والشيخ أبو محمد الحسن بن عبد الواحد العين زربي ، والشيخ أبو الحسن اللؤلؤي ، غسله في تلك الليلة ودفنه ، وكان يقول أولا بالوعيد ، ثم رجع وهاجر إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام خوفا من الفتن التي تجددت ببغداد ، واحترقت كتبه وكرسي كان يجلس عليه للكلام " . ( إنتهى ) .
و في ترجمة محمد بن محمد بن النعمان الشيخ المفيد – قدس سره - ، أنه توفي سنة ( 413 ) ، وعليه كانت تلمذة الشيخ الطوسي على الشيخ المفيد - قدس سره - لمدة خمس سنوات .
وفي ترجمة علي بن الحسين بن موسى السيد المرتضى - قدس سره - ، أن وفاته كانت سنة أربع مائة وست وثلاثين ، وعليه كانت تلمذة الشيخ الطوسي - قدس سره - عليه بمدة أربع وعشرين سنة .
قال ابن حجر في لسان الميزان : " محمد بن الحسن بن علي أبو جعفر الطوسي ، فقيه الشيعة ( إلى أن قال ) قال ابن النجار : أحرقت كتبه ، عدة بمحضر من الناس في رحبة جامع النصر ، واستتر هو على نفسه ، بسبب ما يظهر عنه من انتقاص السلف " .
و هذه الفتنة التي ذكرها العلامة عن السليقي ، وهي التي أوجبت انتقال الشيخ إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام ، سنة أربعمائة وثمان وأربعين ، أو تسع وأربعين ، وعليه كان توطن الشيخ في الغري نحوا من اثنتي عشرة سنة .
فقد أسس الشيخ - قدس الله نفسه - في مشهد أمير المؤمنين عليه السلام مدرسة ما أعظمها ، وأجل شأنها ، فقد تخرج عليه عدد كثير من الفقهاء والمجتهدين ، ومن العلماء المفسرين والمتكلمين ، وبلغ - قدس الله نفسه - من العلم ، والفضل ، مرتبة كانت آراؤه وفتاواه تعد في سلك الأدلة على الاحكام ، ولذلك عبر غير واحد من الاعلام عن العلماء بعده إلى زمان ابن إدريس بالمقلدة ، وهذه المدرسة المباركة تتخرج عليها العلماء ، جيلا بعد جيل إلى زماننا هذا ، وقبره - قدس الله نفسه - مزار في الغري في مسجده إلى اليوم ، وإني لم أظفر في علماء الاسلام من هو أعظم شأنا منه ، فقد كتب في الفقه ، والأصول ، والكلام ، والتفسير ، والرجال ، وكتبه تتناولها الأيدي ، ويستفاد منها إلى اليوم ، فحقا قيل له شيخ الطائفة ، وزعيمها ، فجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء .
قال الوحيد - قدس سره - في التعليقة : " قال جدي رحمه الله : كان ( الشيخ الطوسي ) مرجع فضلاء الزمان ، وسمعنا من المشايخ وحصل لنا أيضا من التتبع أن فضلاء تلامذته الذين كانوا مجتهدين ، يزيدون على ثلاثمائة فاضل من الخاصة ، ومن العامة ما لا يحصى " .
([3])    مدرسة منتدى النشر كانت تتبع جمعية " منتدى النشر " التي أسسها المرحوم الشيخ محمد رضا المظفر.
([4])   السيد عبد الصاحب الحكيم بن المرجع الراحل السيد محسن الحكيم ولد سنة 1942 م في النجف الأشرف واستشهد في 5 آذار سنة 1985 م درس في النجف وكان من أساتذته السيد محمد الروحاني والسيد محمد باقر الحكيم والشهيد السيد محمد باقر الصدر ، هذا فضلا عن تلقيه دروس ( الخارج ) على السيد الخوئي . وبلغ درجة الاجتهاد وهو في الثلاثين من عمره تولى تدريس الفقه والأصول واهتم بتدريس الأخلاق ، كما كان له في أواخر أيامه بحث في التفسير . وله كتابات في الفقه والأصول ، وشرح الكفاية في الأصول . استشهد على أيدي الطغاة البرابرة جلادي الشعوب جماعة النظام العراقي التكريتي مع ستة من أهل بيته في مذبحة من أشجى مذابح العالم الإسلامي . وكان قد سبقهم إلى الاستشهاد السيد محمد باقر الصدر والألوف من أبناء الشعب العراقي المسلم ، كما لحقهم بعد ذلك الألوف ، قتلوا صبرا برصاص البغي والعصبية اللئيمة بلا جرم سوى انهم مؤمنون.( مستدركات أعيان الشيعة ج1 ص97).
([5]) الشهيد السيد محمد باقر الصدر وهو من علماء الشيعة وفقهائهم ومفكريهم ومراجعهم درس ودرس في النجف الأشرف حتى استشهد في سجن " صدام التكريتي البعثي " تحت التعذيب وقد شاركته في التعذيب والاستشهاد أخته السيدة " بنت الهدى " تغمدها الله برحمته الواسعة، ومن المفارقات التي لا تخلو من الدلالات العميقة هو أن استشهاد السيد محمد باقر الصدر كان في اليوم التاسع من شهر نيسان من عام 1980 م وفي نفس التاريخ وبعد ثلاث وعشرين سنة تهاوى نظام الاجرام في العراق وسقط نظام صدام حسين، وكأن فيما حدث تطبيق لقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً [مريم : 83]   .       
([6])   خان النصف هو مكان في منتصف الطريق بين النجف الاشرف وكربلاء، وكان محطة استراحة للمسافرين.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/21



كتابة تعليق لموضوع : بين غداء في النجف وغداء في قم خاطرة وذكرى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net