هل يجيب القرآن عن سؤال "لماذا اللغة هامة؟"
محمد الحمّار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الحمّار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لطالما حاول الفلاسفة و الألسنيون الإجابة عن سؤالَي "ما اللغة؟" و"لماذا اللغة هامة؟". وبالرغم من توصل المدرسة الفطرية بزعامة العلامة نعوم تشومسكي إلى اكتشاف " ما اللغة " وذلك بتبيين أنّها هبة بيولوجية، إلا أنه يبدو أن ليست هنالك جهة عدا القرآن الكريم تهدِي إلى معرفة " لماذا اللغة هامة ".
ولئن اضطر العلماء إلى الاكتفاء بتوضيح أن الكلام ميزة بيولوجية فلا يسع المؤمن إلا أن يعتبر هذه الهبة، من بين هبات أخرى عديدة، من عند الله عسى أن تحث المؤمن على شكره وحمده تعالى وبذلك تكون عبادة الله هي الإجابة عن سؤال "لماذا اللغة هامة؟" أو "لماذا نتكلم؟".
وهذا مما يحيلنا إلى البحث في القرآن الكريم- وهو دليل المؤمن- عن سبق الدين على العلم وكذلك عن تكميله لِما لم يكشفه العلم.
أ. العرض والقبول:
"وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا" (البقرة:31): استباقا في مجال الإجابة عن "ما اللغة؟" أو"كيف نتكلم؟" بما معناه أنّ اللغة هبة إلهية قبلها البشر.
"الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ القُرْآنَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ البَيَانَ" (الرحمن:1-4): استباقا أيضا في مجال الإجابة عن "ما اللغة؟" أو"كيف نتكلم؟" بما معناه أنّ اللغة هبة إلهية قبلها البشر.
ب. الدعاء والاستجابة:
الدعاء: "قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي" (طه: 21-28). وهي دلالة على أنّ فهم الآخرين لقول المتكلم مشروط بتمكين إلهي وبصيانة من لدُنه تعالى لأعضاء ومكونات الكلام: شرح الله سبحانه لـ"صدر" المتكلم وتيسيره لـ"أمره" وحل "عقدة" من "لسانه" ليفقهوا "قوله".
أي أنّ فعل الكلام المفهوم والناجع والإيجابي والسليم يحتوي على بصمة مباشرة من عند الله جل جلاله يلبيها الخالق بطلب من الناطق باللغة. وهذا مما يجيب عن السؤالين الاثنين، "ما اللغة؟ (أو "كيف نتكلم؟") من جهة و"لماذا اللغة هامة؟" (أو "لماذا نتكلم؟") من جهة ثانية.
الاستجابة: في الآية الكريمة "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (الأنعام: 162) تأكيد ضمنيّ على أنّ البشر، بمفعول استعمالهم الهبة اللغوية، مجبولون على الكلام لا فقط لأداء مهمة التواصل في ما بينهم وإنما للتواصل مع الخالق و تحقيق غاية نهائية ألا وهي عبادة الله مبدئيا وشكره تعالى على نعمة اللغة تحديدا، حيث إنّ فعل الكلام مشترك فيه بين الأبعاد المنصوص عليها بالآية والتي أرادها الخالق البارئ أن ترجع إليه: الصلاة، النسك،المحيى، وربما الممات.
في هذا المستوى تكتمل المعادلتين الاثنتين، "العرض والقبول" من ناحية و"الدعاء والاستجابة" من ناحية ثانية. لكن بقي أن نتعرف على تفاصيل "لماذا اللغة هامة؟" أي تفاصيل العبادة لمّا يتم أداؤها باعتبار المعطى اللغوي فضلا عن العوامل المتعارفة مثل العمل والتدبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبتقاطع اللغوي مع تلكم العوامل . في هذا المضمار هنالك العديد من الأسئلة التي ستوجب إيجاد إجابات لها (وقد نشرنا جانبا منها) ومن أهمها نذكر ما يلي:
هل اللغة انعكاسٌ للعقل عند المسلمين كما هو الحال عند الفطريين في الغرب؟
هل للغة دور في عقلنة العبادة؟
هل بالإمكان اعتبار العناية باللغة أداة لتغيير الفرد والمجتمع والعالم؟
ما هي مهمة اللغة في مجال تطوير الفكر السياسي من حيث أهميته في عملية التغيير؟
ألم يُراعَ العامل اللغوي في منظومات الهيمنة التي تتوخاها جهات عالمية معينة إزاء الشعوب المستضعفة؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat