صفحة الكاتب : فلاح السعدي

الظلم وبشارة المظلومين
فلاح السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مهما أخذ الظالم من العباد وطغى عليهم فإن البشارة تكون للمظلوم والفوز والفلاح حصيلته وفي النهاية هو الذي يكون في أعلى عليين, وأما الظالم فلا يحصد إلا الخسران المبين.
قال تعالى :  (...إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)(الأنعام: من الآية21).
والظُلْم في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه المختص به إما بنقصان أو بزيادة وإما بعدول عن وقته أو مكانه ...والظلم أيضاً: التجاوز في الحق .. فيما يقل وفيما يكثر.
وهو مما قبحه العقل وأدرك قبحه كما حسّن العدل وأدرك حسنه, وهذا ما اتفق عليه العقلاء.
والله سبحانه وتعالى حرمه وهو الشرع القويم وعاقب عليه حيث انه جل وعلا,  لا يدع الظالم وشأنه بل له بالمرصاد حتى ينتقم منه ويأخذ حق المظلوم منه, كما عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ } قَالَ: ( قَنْطَرَةٌ عَلَى الصِّرَاطِ لَا يَجُوزُهَا عَبْدٌ بِمَظْلِمَةٍ), وصدق الإمام الصادق (سلام الله عليه), كما اعتبره سيد المتقين وقائد الغر المحجلين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أعظم الكبائر وألأم الرذائل حيث قال: ( الظلم ألأم الرذائل ), وقال (عليه السلام): (...وَاللَّهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلَالِ مُصَفَّداً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ وَ غَاصِباً لِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْحُطَامِ وَ كَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا وَ يَطُولُ فِي الثَّرَى حُلُولُهَا...).
آثار الظلم:
1.    تزل به الأقدام وتتهاوى.
2.    تسلب به النعم وتتلاشى.
3.    تهلك به الأمم وتتفتت.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: (الظلم يزل القدم و يسلب النعم و يهلك الأمم ), وروي عن الإمام عليٌّ (عليه السلام): «إنما أهلك من كان قبلكم أنهم منعوا الحق حتى استشرى، وبسطوا الجور حتى افتدى».
والظلم من المواضيع التي تشغل فكر كل إنسان من جهتين:
الأولى: خوفه من الوقوع تحت أيدي الظلمة والطغاة, فهو أمر مؤذٍ ومدمر لحياته في الدنيا بالكامل.
والثاني: خوفه من وقوع مظلوما تحت يده من حيث يشعر أو من حيث لا يشعر, وهو أمر مؤذٍ أيضا لأن وقوع الإنسان بورطة ظلم الآخرين لا يسقطها حتى الله تعالى, فهو حق لا يغفره الله إلا أن يتنازل المظلوم.   
روى في القصص أنه مرّ بعض الصوفية برجل قد صلبه الحجاج فقال: يا رب حلمك عن الظالمين أضر بالمظلومين، فرأى في منامه، كأن القيامة قد قامت، وكأنه قد دخل الجنة فرأى ذلك المصلوب في أعلى عليين، وإذا بمناد ينادي: (حلمي عن الظالمين قد ادخل المظلومين أعلى عليين), قال تعالى: ) وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (لأعراف:44)  وفي الروايات ونادى رجل سليمان بن عبد الملك ـ وهو على المنبر ـ: يا سليمان اذكر يوم الأذان، فنزل سليمان من على المنبر، ودعا بالرجل، فقال له: ما يوم الأذان؟ فقال: قال الله تعالى: {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين}.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ( ألا وأن الظلم ثلاث: فظلم لا يغفر ، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) والظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض بعض الهنات، وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا، القصاص هناك شديد ليس هو جرحا بالمدى ولا ضربا بالسياط ولكنه ما يستصغر معه ذلك )
والله جل وعلا هو خصم الظالم,  قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ( من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده ).
وقيل: «أظلم الناس من ظلم لغيره», أي لمصلحة غيره, وهؤلاء صنف في المجتمع خسروا دينهم لدنيا غيرهم, بل ومنهم من خسر دينه ودنياه لدنيا غيره, لا فلاح لهم ولا لمن أضاعوا حياتهم لأجلهم.
الضعيف من يحتاج إلى الظلم:
الإنسان القوي لا يحتاج إلى الظلم بل الذي يحتاج إليه هو الانسان الضعيف الخائف وإن كان يظهر بمظهر القوة, وهذا ما بينه الإمام السجاد (عليه السلام) في دعاء يَوْمَ الْأَضْحَى وَ يَوْمَ الْجُمُعَةِحيث قال:
 ( وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ، وَ لَا فِي نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ، وَ إِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ، وَ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ، وَ قَدْ تَعَالَيْتَ يَا إِلَهِي عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً)
وذكر البعض أن:
الظلم من المعاصي التي تعجل عقوبتها في الدنيا، فهو متعدٍ للغير وكيف تقوم للظالم قائمة إذا ارتفعت أكف الضراعة من المظلوم، فقال الله عزَّ وجلَّ: «وعزَّتي وجلالي لأنصُرنَّكِ ولو بعد حين».
فاتق الله وأنصف من نفسك، وسارع برد المظالم لأصحابها، من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله.
قال أبو العتاهية:
أمــا والله إن الظلـم لـؤم     ومازال المسيئ هو الظلوم
إلى ديـان يـوم الدين نمضي    وعند الله تجتمع الخصـوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا     غـداً عند الإله من الملـوم

لكل ظالم يجور حــــــــــد من دعوة تسطوا به وتحد
فاحذر من المظلوم إذا ما دعى فدعوة المظلوم لا ترد
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فلاح السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/28



كتابة تعليق لموضوع : الظلم وبشارة المظلومين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net