صفحة الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي

مجلس حسيني – تحقيق في زيارة الأربعين
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يا سائرين إلى الطفوف تطهروا ..... فإذا وصلتم كربلاء فاحرموا
 
لو في يدي وضعت كفي جيدها ...... وحملت عنها ما به تتألم
 
وان المطي بكم وصلن مزارها ..... فظهورهن على الرجال تحرم
 
طوفوا بكعبتها لبوا واهتفوا ...... هذا مقامك من سماها أعظم
 
ولان سريت إلى الحطيم فأنني .....إني نزلت هنا الحطيم وزمزم
 
 
 
تعتبر زيارة الأربعين ، ومسألة حمل عيال الإمام {ع} وما إذا كانوا توجّهوا إلى كربلاء بعد خلاصهم من الأسر أم لا,وهل استطاعوا زيارة ذلك المرقد الشريف في ذلك اليوم أم لا, من المسائل التي وقع فيها الاختلاف بين الباحثين هل تكفي الفترة من قتل الحسين {ع} يوم عاشوراء من محرم , لغاية 20 من صفر , من نفس العام ان تذهب القافلة وتعود خلال فترة 40 يوما...؟
 
هذا الكلام وقع فيه اختلاف , نفيا وإثباتا ، بعض الكتاب  استشهد بأدلّة تاريخيّة لإثبات ذلك والقسم الآخر حاول  نفيه. .... اذن لا بد من الرجوع للأدلة التاريخية التي تثبت صحة زيارة الأربعين , خاصة الحوادث التي تشبه المسافة وفترة قطعها , لأنها هي الأساس في الموضوع ,,, وهذا يقول إن بعض الكتاب قالوا إن فترة الأسر كانت لمدة سنة كاملة .. ثم رجعت القافلة بعد ستة يوم العشرين من صفر  عام 62 هـ ..
 
وقد كتب احد المعلقين يقول :...  سنثبت الرأي الآخر، لعدم وجود أي دليل كافٍ يعتمد عليه في مسألة أربعين سيّد الشهداء عليه السلام، بل إنّ وصول قافلة الأسرى إلى كربلاء في الأربعين الأوّل يعتبر أمراً شبيهاً بالمحال. وفي النتيجة، فإنّ الدليل الذي يتحدّث عن إلحاق الرأس الشريف للإمام الحسين عليه السلام بجسده سيقع موضعاً للإشكال والطعن.هذا الرأي لم يلتفت إلى  الحديث الشريف القائل: (إنّ من علامات المؤمن زيارة الأربعين) يكفي لإثبات تلك الزيارة وفضيلتها.
 
       هذا يعني إننا نعالج مسالة تاريخية لم يجمع عليها علماء الشيعة ... لان ابن تيمية يقول إن الأسرى لم يرسلهم يزيد إلى الشام , بل شجنهم ابن زياد في خربة الكوفة سنة كاملة , ثم جاء بريد يزيد يأمر بإعادتهم إلى مدينة رسول الله {ص} معززين مكرمين ... ونحن لا نعول على رأي أمثال ابن تيمية لأنه أموي النزعة حاول تبرئة يزيد من دم الحسين {ع} وأصحابه عليهم السلام , وألقى التهمة على الشيعة وبعض النصارى , وكبش الفداء عنده ابن زياد ....هذا الاختلاف سبب أمور تترتب على الإثبات والنفي ..وهو مكان دفن الرأس الشريف ..منها أين دفن رأس الإمام الحسين {ع} ، لان هناك مساجد تحمل اسم رأس الحسين , مثل مسجد الرأس في مصر وأماكن أخرى ورد فيها  نفس العنوان ..!!
 
 
 
 
 
      مدفن رأس الإمام الحسين (ع ) بقي الناس إلى يومنا هذا يتساءلون : أين دُفن رأس الإمام الحسين (ع ) ؟ وقد اختلفت في ذلك أقوال المؤرخين في المكان الذي حظي بشرف دفن الرأس الشريف .
 
الرأي الأول : في المدينة المنورة :ذهب فريق من المؤرخين إلى أن الرأس الشريف للإمام الحسين{ع} دفنه حاكم المدينة في البقيع إلى جانب أمه فاطمة الزهراء{ع}  كما روي في تذكرة الخواص . فقد ذكر أنه دفن بالمدينة عند قبر أمه فاطمة {ع} فعندما وصل المدينة كان عمرو بن سعيد بن العاص والياً عليها ، فوضعه بين يديه , ثم أمر به ، فكفن ودفن عند أمه فاطمة (ع) ويضعف هذا ، أولاً : بأنه مبني على إثبات القول بوصول الرأس إلى المدينة ، وعدم انتقاله في الطريق بين الشام والمدينة إلى كربلاء مع زيارة الأهل للقبور كما سيأتي .
 
ثانياً : إن الاختلاف قائم على محل دفن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء{ع} بين منزلها وما بين قبره ومحرابه {ص} في المسجد ، وبين دفنها في البقيع ومن دون تحديد المكان .
 
الرأي الثاني : في سوريا : ذهب جمهور من المؤرخين إلى أن الرأس الشريف دفن في دمشق بعد وصوله إليها من كربلاء ، إلا أنهم اختلفوا في تحديد المكان الذي دفن فيه . فمنهم من قال أنه دفن في حائط بدمشق ، ومنهم من قال في دار الإمارة ، ومنهم من قال في المقبرة العامة لدفن المسلمين . وهناك قول بدفنه في داخل باب الفراديس ، وذلك المكان سمي بـ ( مسجد الرأس ) .  وقولاً آخر أنه في جامع دمشق ، وسمي المكان بـ ( رأس الحسين ) ، ويزوره الناس إلى الآن ، كما أن هناك أقوالاً أٌخر . واختلاف الأمكنة المتعددة لمحل الدفن دليل الضعف .
 
الرأي الثالث : في مصر : وذهب بعض المؤرخين إلى أن الرأس الشريف قد حظيت به القاهرة ، وذكر في كيفية نقله إليها قولان : الأول : وهو ما ذكره الشعراني من أن العقيلة زينب بنت علي{ع} نقلته إلى مصر ودفنته فيه .  ....الثاني : وهو ما أفاده المقريزي من أن الرأس نقله الفاطميون من باب الفراديس في دمشق إلى ( عسقلان ) ، ومنها حمل إلى ( القاهرة ) من طريق البحر ، في اليوم العاشر من شهر جمادى الآخرة من سنة ( 548 هـ ) ، وقد قام بذلك سيف المملكة مع القاضي المؤتمن بن مسكين ، أيام المستنصر بالله العبيدي صاحب مصر ، وجرى له استقبال ضخم . أما القول الأول فهو ضعيف ، ولم يذكره غير الشعراني على أن سفر العقيلة زينب{ع} إلى مصر كان بفترة طويلة بعد عودتها إلى المدينة من سبيها في الشام ، ولا يعقل أنها احتفظت بالرأس كل تلك المدة لتدفنه بعدئذ في مصر ، ولم تذكر رواية أنها دفنته ومن ثم أخرجته لتنقله معها إلى مصر .وأما ما نقله المقريزي ، فإنه يتوقف أولاً على إثبات وجود الرأس الشريف في باب الفراديس في المدة الفاصلة بين عام ( 61 هـ – 548 هـ ) ، حتى يصدق أن المنقول هو رأس الحسين{ع} ، وهو غير ثابت حتى وإن ثبت صحة خبر ما قام به الفاطميون .
 
الرأي الرابع : في فارس : وقد ذكر ذلك أحمد عطية في دائرة المعارف الحديثة ، ولعل المصدر هو ما ورد من أن أبا مسلم الخراساني لما استولى على دمشق ، نقل الرأس الشريف منها إلى مرو ، فدفن بها في دار الإمارة ثم بني عليه رباطاً . وهو قول شاذ لم يذكره أحد من المؤرخين المعتبرين ولا دليل عليه ، وهو كالقول بنقل الرأس الشريف إلى مصر متوقف على بقاء الرأس في الشام ، وهو غير ثابت حتى يثبت فيما بعد نقله إلى مكان آخر .
 
الرأي الخامس : في النجف : حيث أنه نقلت مجموعة من الأخبار عن الإمام الصادق{ع} على أن الرأس الشريف دفن في الغري ، ولكن التعبير في بعضها بأنه موضع الرأس ، وهذا لا يدل على أنه قد دفن فيه ، مضافاً إلى ملاحظة أسانيد تلك الروايات .وموضع الرأس الشريف  في مسجد الحنانة ..
 
السادس : في كربلاء : اشتهر هذا القول عند فريق كبير من علماء المسلمين من الفريقين ، فمن أهل السنة ما ذهب اليه الشبراوي ، والقزويني ، وأبو ريحان البيروني ، حيث يقول : في العشرين من صفر رُدَّ الرأس إلى جثته فدفن معها . وابن الجوزي ، حيث يقول : واختلفوا في الرأس على أقوال ، أشهرها أنه رُدَّ إلى المدينة مع السبايا ، ثم رُدَّ إلى الجسد بكربلاء فدفن معه ، قاله هشام وغيره .
 
وكما ينقل ابن شهر آشوب في مناقبه من أنه المشهور بين الشيعة ، وينقل رأي السيد المرتضى والشيخ الطوسي . وقد نص على ذلك علماء الشيعة ومحدثوهم كالمجلسي ، وابن نما ، وذكر السيد ابن طاووس أن عمل الطائفة على ذلك . وهذا القول هو المشهور والمعروف عندنا الشيعة الإمامية من أن الرأس الشريف قد أعيد إلى كربلاء ودفن مع الجسد الطاهر .
 
كيف دفنت  الرؤوس :أما كيفية نقل الرؤوس الشريفة إلى كربلاء ودفنها مع الأجساد الطاهرة فحسبما هو المعروف من أن الإمام زين العابدين{ع} طلبها من يزيد وهو أجابه . وذلك عندما أراد يزيد أن يعيد الأسرى إلى المدينة , بعد أن علم الناس واقع الأمر ، بأن المقتول هو الحسين بن بنت رسول الله{ص} .
 
وان المسبيات لَسنَ من الخوارج كما كان يدعي يزيد ، وإنما هن بنات الوحي والرسالة . فعندها نقموا عليه وكرهوا فعلته ، وصار يزيد يتنصل من ذلك ويضع اللوم على واليه في الكوفة عبيد الله بن زياد في قتله للحسين وأصحابه ، وأنه هو لم يأمرهم بذلك . وقد خيَّر الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) والعيال بالبقاء في الشام أو الرحيل منها ، وقد اختاروا الرحيل ، فأمر بتجهيز الراحلة مع الدليل ، ومعهم النعمان بن بشير الأنصاري . فلما وصل الركب إلى مفرق طريقين يؤدي أحدهما إلى العراق والآخر إلى المدينة - وهي منطقة في الحدود بين الشام والأردن والعراق تعرف حتى اليوم باسم ( المفرق ) - سأل الدليل الإمام ( عليه السلام ) إلى أين يتجه بالركب ؟  فسأل الإمام{ع} عمته العقيلة زينب ( عليها السلام ) ، فقالت : قل للدليل يعرج بنا إلى كربلاء لنجدد عهداً بقتلانا وندفن الرؤوس . فوصل الركب إلى موضع القتل بكربلاء في العشرين من صفر 61 هـ ، أي بعد أربعين يوماً من الواقعة .
 
وعندها دفن الإمام زين العابدين {ع} الرؤوس مع الأجساد ، ومن ذلك أُثِر عند الشيعة فيما بعد زيارة الحسين {ع} في يوم الأربعين ، وكذلك جلوسهم لقراءة القرآن والترحم على موتاهم بعد مرور أربعين يوماً على وفاتهم , وهذه جاءت كعادة عند الشيعة بالأساس ثم انتقلت إلى بعض الأخوة السنة ...
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
هذا الأمر أصبح شبه مؤكد إن الرؤوس أعيدت إلى الحفر وليس شرطا أن يضعها الإمام على المنحر تماما , بل يدفنها بشكل منفصل عن الرقبة ولكن في نفس الحفرة .... غير إن الاختلاف الأشد حول الفترة الزمنية ... هل تستوعب الفترة مسافة الطريق على الخيل والجمال , وهن نساء وأطفال ...؟
 
 
 
لا زال الحديث  حول قضايا صغيرة وجزئيّة مثل: المدّة الزمنيّة لحبس عيال الحسين {ع} في الكوفة-كم هي الفترة ..؟ ومتى انطلقت القافلة إلى الشام ..؟ والطريق الذي سلكوه من الكوفة إلى الشام, ومدّة إقامتهم في بلاد الشام, وأخيراً طريق رجوعهم من الشام إلى كربلاء ثم إلى  المدينة.
 
قبل الحديث عن هذا الموضوع لا بد أن  نعلم بأنّ القسم الأكبر من حوادث عاشوراء وما بعدها، قد نقلت بوساطة المؤرّخين من الاموين ..الذين حاول البعض منهم تبرئة يزيد وبني أميّة من وصمة هذا العار الأبديّ المخزي، فلا ينبغي أن لا نتوقّع نقل تلك الوقائع والأحداث من دون تحريف وتبديل. وبغض النظر عن ذلك فلو فرضنا أنّ المؤرخين أرادوا نقل الحوادث بصورتها الصحيحة ومن دون تغيير وتحريف، فإنّ حكّام تلك الأزمنة كانوا سيمنعون ذلك، ومن غير المعلوم ما هو المصير والنهاية التي كانت تنتظر ذلك المؤرّخ ومصير كتاباته أيضاً.
 
      الموروث بين أيدينا يقول إن  الإمام السجّاد{ع} رجع من الشام, مع أهل عيال الحسين {ع} إلى كربلاء، وزاروا القبر المطهّر للإمام الحسين{ع}  وقبور أصحابه الأوفياء, في يوم الأربعين، ثمّ رجعوا إلى مدينة النبيّ{ص} بعد إقامة مجالس العزاء هناك لمدّة ثلاثة أيّام. ومن المشهور أيضاً عند الشيعة أنّ الإمام زين العابدين قد ألحق الرأس المقدّس لأبيه ببدنه الشريف, في ذلك اليوم. ولكن مع كلّ ذلك فإنّ المحقّقين والباحثين قد اختلفوا, منذ زمن بعيد, حول وصول قافلة الأسرى يوم الأربعين الأوّل إلى كربلاء, فأيّده بعضهم وأقام عليه شواهد تاريخيّة, بينما ذهب البعض الآخر إلى إنكار حضور أهل بيت سيّد الشهداء عليه السلام في الأربعين الأوّل, وأنّ ذلك غير ممكن, أو أنّه غير قابل للتحقّق.
 
ــــــــــــــــــــ
 
 هل كانت الرؤوس  مع القافلة ....؟
 
    يستفاد من النصوص ان الرؤوس المقدسة كانت مع السبايا , ولكن نصوص اخرى تقول انها سبقت القافلة من الكوفة الى الشام ... المهم سارت القافلة بامرة شمر بن ذي الجوشن , ومجفر بن ثعلبه , فانطلقوا حتى لحقوا بالقوم , وانضمت الرؤوس الى قافلة الاسر ....
 
منازل الطريق من الكوفة للشام :....  لو نظرت الى خارطة العراق وسوريا مليا لوجدت طريقين يربطان مكاني الحدث الكوفة والشام ... الأول ما يتصل بإطراف العراق الشمالية وصولا إلى تركيا  وشمال الموصل ودهوك حاليا , ابتداء  من سامراء وتكريت فالموصل والبادية  وعشرات المنازل التي قيل ان بعضها خرج أهلها لقتال الجند وانتزاع الرؤوس ... وهذه الروايات ضعيفة جدا .. وان صحت فأنهم شيعة الحسين {ع} الذين شاركوا  في ثورة كربلاء , وبقوا أحياء يتبعون القافلة لتخليص زينب والإمام زين العابدين من الأسر , والشيعة هم المعنيون بالقتال من اجل بنات رسول الله {ص} كما هو الحال الآن في الدفاع عن مرقدها الطاهر ...
 
الطريق الأول :.... في حقيقة الأمر طريقان احدهما من تكريت إلى عانة ثم دير الزور إلى الرقة إلى حماه إلى حمص ثم الشام ...
 
الطريق الثاني :... من سامراء إلى الموصل ثم تلعفر وسنجار وصولا إلى الأراضي التركية ...ثم تدخل مدن سوريا الآن بعلبك مرورا بحمص وحلب إلى الشام ...
 
الطريق الثالث :... يسمى الطريق السلطاني ::...
 
   وهو الطريق المستقيم لو نظرت إلى الخارطة  الجغرافية لرايته خطا مستقيما .. وقد استبعده بعض المحققين لوعورته , وكثرة منازله في الطريق , فلا يمكن لسالك ان يستمر دون ان يتوقف في تلك المنازل , ولو سلمنا ان القافلة سلكت الطريق السلطاني , لاستغرق ذلك وقتا طويلا .....
 
تعليقا على  رأي الميرزا  النوري فن الطرق يتبين من هذه الروايات انها تعج بالحياة وكثرة المدن والقرى التي تقع على الطريق , وهذا يؤيد فكرة استخدام التجار لهذه الطرق للمقايضة والتبضع والبيع والشراء , { وهذا مستبعد جدا } لان القافلة كانت تحمل رؤوس ومهمتها أمنية بحته , ولا يمكن أن تتأخر وتمر بهذه المنازل , إضافة لخوف الجند من ردة فعل الشيعة الذين كانوا يتحينون الفرص ..
 
        ومنازل هذا الطريق سامرا وتكريت فالموصل وعين الوردة وقنسرين ومعرة النعمان .. إلى أن تصل الشام .. هذه المنازل ذكرها أبو مخنف في مقتله .وعودة للخارطة الموجودة الآن  في ملازم الأطلس , يتبين ان الطريق الذي سلكوه { بناء على هذه الروايات يكون على شكل حرف n بالانكليزي.. او حدوة حصان } وهذا المر مستبعد من الناحية العقلية , لان نظرتنا للخارطة الجغرافية يتبين ان المسافة بين الكوفة تقع مقابل الشام تماما , ولو رسمنا خطا مستقيما , يكون عندنا مسافة تعادل ثلث مسافة الطرق التي ذكرناها , فما الذي يحمل الجيش الذي يحمل مسؤولية نقل الأسيرات والرؤوس للسير بهذه الطرق التي ذكرها بعض الكتاب ... فالاحتمال الأقوى هو اتخاذ الطريق المستقيم " عرب عقيل "..
 
     الطريق الرابع : ... طريق عرب عقيل ..
 
 وهو طريق يُمكن قطعه في مدّة أسبوع؛ لكونه مستقيماً، وممّن ذهب إلى أنّ أهل البيت{ع}  سلكوا هذا الطريق منهم العلامة الكبير السيد محسن الأمين في موسوعته الكبيرة (أعيان الشيعة)يقول:(المشهور أنّهم وصلوا إلى كربلاء في العشرين من صفر، ومنه زيارة الأربعين الواردة عن أئمّة أهل البيت{ع}..
 
وقد يُستبعد ذلك: بأنّ المسافة بين العراق والشام تُقطع في نحو من شهر، ولابدّ يكونوا بقوا في الشام مدّة، فكيف يمكن استيعاب الذهاب والإياب والبقاء في الشام، والذهاب للكوفة والبقاء فيها، أربعين يوماً؟!
 
ويمكن دفع الاستبعاد: بأنّه يوجد طريق بين الشام والعراق، يمكن قطعه في أسبوع؛ لكونه مُستقيماً، وكان عرب عقيل يسلكونه في زماننا. وتدلّ بعض الأخبار، على أنّ البريد كان يذهب من الشام للعراق في أسبوع، فلعلّهم سلكوا هذا الطريق، وتزوّدوا بالماء، وأقلّوا المقام في الكوفة والشام...  نُرجّح أنّ أعداء الله ورسوله{ص} سلكوا بالركب الحسيني في سفرهم من الكوفة إلى الشام أقصر الطرق مسافة، سواء أكان طريق عرب عقيل أم غيره، ونستبعد أنّهم سلكوا ما يُسمّى بالطريق السلطاني الطويل.او الطرق الطويلة الأخرى ..!  لأنّ من الطبيعي يومذاك أن يحرص كلٌّ من يزيد وابن زياد وجلاوزتهم، الموكّلين ببقيّة الركب الحسيني على وصول هذا الركب إلى دمشق في أسرع وقت ممكن! ويتوسّلوا بكلّ الوسائل المساعدة لتحقيق هذه الرغبة! لتحقيق سبق الوصول وعدم فسح المجال للقوى المعارضة باتخاذ هذه القافلة ذريعة لقتل الجند وتخليص بنات رسول الله {ص} والرؤوس الشريفة الطاهرة...  وأمّا ابن زياد لعنه الله؛ فلكي يُري أميره يزيد كيف نفّذ أوامره كما يُحبّ ويرضى! حتّى يحظى عنده بمزيد من الوجاهة والمنزلة ، فهو على عجلة من أمر وصول بقيّة الركب الحسيني إلى الشام بأسرع وقت، ..ليدخل  على قلب يزيد السرور , وهذا سيعكس آثارها الإيجابية على حياة ابن زياد ومصيره!
 
وأمّا الجلاوزة لعنهم الله الذين رافقوا الركب الحسيني، فهم أشدّ لهفة إلى الوصول بالركب إلى الشام بأسرع ما يُمكن من الوقت؛ طمعاً في جوائز يزيد، والحصول على مزيد من الحظوة عنده!
 
فكانت جميع مصالح الطغاة وجلاوزتهم تدعو إلى الاختصار والإسراع في  أقصر الطرق من الكوفة إلى الشام!! ويُذكَر أيضاً أنّ جلاوزة ابن زياد حينما خرجوا برأس الحسين عليه‌السلام من الكوفة، كانوا يخافون من قبائل العرب أن تثور فيهم الغيرة والحميّة،إضافة لخوفهم من شيعة العراق ..
 
 فكانوا يخشون أن يأخذوا منهم الرأس المقدّس؛ ولذا كانوا يتجنّبون السير على الجادّة المعروفة، وكلّما وصلوا إلى قبيلة طلبوا العلوفة, { ربما طعام أكلهم }  وقالوا معنا رأس خارجيّ! .
 
جُملة من وقائع الطريق إلى الشام:
 
أشارت مصادر تاريخية، إلى جملة من وقائع حدثت على طريق الركب الحسيني من الكوفة إلى الشام، نورد هنا ذكر هذه الوقائع تبين إن ليس لها علاقة بالطرق الطويلة - ممّا اشتُهر منها، وممّا لم يتفرّد به المقتل المنسوب إلى أبي مخنف - في ضوء تتابعها حسب منازل الطريق ما أمكننا ذلك، وهي:
 
1 - خروج يدٍ من الحائط تكتب بمدادٍ من الدم! روى الخوارزمي ,عن أبي قبيل، قال: (لما قُتِل الحسين{ع} بعث برأسه إلى يزيد، فنزلوا أوّل مرحلة، وهم يبتهجون بالرأس! فخرجت عليهم كفّ من الحائط، معها قلم ، كتبت سطراً بدم:أترجو أُمّةٌ قتلت حسيناً ...شفاعة جدّه يوم الحساب؟!) ذكر ذلك الشيخ عبّاس القمّي (ره): (وروي عن كتب الفريقين، أنّ حاملي الرأس خرجت عليهم كفّ من الحائط، , كتبت أسطراً بدم: أترجو أُمّةٌ قتلت حسيناً ... شفاعة جدّه يوم الحساب ....!
 
ومما يؤيد قولنا إن هناك رواية تقول إن خولّي، وشبث بن ربعي، وعمر بن سعد ، وضمّ إليهم ألف فارس! وأمرهم بأخذ السبايا والرؤوس إلى يزيد، وأمرهم أن يشهروهم في كلّ بلدة يدخلونها! فساروا على ساحل الفرات، فنزلوا على أول منزل كان خراباً، فوضعوا الرأس الشريف المبارك المكرّم، والسبايا مع الرأس الشريف، وإذا رأوا يداً خرج من الحائط معه (كذا) قلم، يكتب بدم عبيط شعراً: {نفس المهموم: 386).فهربوا، ثمّ رجعوا، ثمّ رحلوا من ذلك المنزل، وإذا هاتف يقول: ماذا تـقولون إذ قـال الـنبيّ لـكم... ماذا فـعـلتم وأنـتم آخـر الأُمَـم ....
 
2-  قصّة الراهب مع الرأس المقدّس!
 
لما أنفذ ابن زياد رأس الحسين {ع}إلى يزيد بن معاوية مع الأسرى، كلّما نزلوا منزلاً أخرجوا الرأس من صندوق أعدّوه له، فوضعوه على رمح وحرسوه طول الليل إلى وقت الرحيل، ثمّ يُعيدوه إلى الصندوق ويرحلوا، فنزلوا بعض المنازل، وفي ذلك المنزل دَيْرٌ فيه راهب، فأخرجوا الرأس على عادتهم، ووضعوه على الرمح، وحرسه الحرس على عادته، وأسندوا الرمح إلى الدَيْر.فلما كان في نصف الليل، رأى الراهب نوراً من مكان الرأس إلى عنان السماء! فأشرف على القوم وقال: مَن أنتم؟  قالوا: نحن أصحاب ابن زياد.... قال: وهذا رأس مَن؟!,  قالوا: رأس الحسين بن عليّ بن أبي طالب، ابن فاطمة بنت رسول الله{ص}  ... قال: نبيّكم؟!.. قالوا: نعم! .... قال: بِئْسَ القومُ أنتم! لو كان للمسيح ولَد لأسكنّاه أحداقنا!... ثمّ قال: هل لكم في شيء؟.. قالوا: وما هو؟  قال: عندي عشرة آلاف دينار، تأخذونها وتُعطوني الرأس يكون عندي تمام الليلة، وإذا رحلتم تأخذونه! قالوا: وما يضرُّنا؟!
 
فناولوه الرأس، وناولهم الدنانير، فأخذه الراهب فغسَّله وطيّبه، وتركه على فخذه، وقعد يبكي الليل كلّه! فلما أسفر الصبح قال: يا رأس، لا أملك إلاّ نفسي،  وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ جدّك محمّداً رسول الله، وأُشهِد الله أنَّني مولاك وعبدك! ثمّ خرج عن الدَّيْر وما فيه، وصار يخدم أهل البيت!
 
 3- عن الطريحي يقول: عن أبي سعيد الشامي{ لاحظ أن حاملي الرؤوس من أهل الشام } ، قال: كنت ذات يوم مع القوم الذين حملوا الرؤوس والسبي إلى دمشق، لما وصلوا إلى دير النصارى، فوقع بينهم أنّ نصر الخزاعي قد جمع عسكراً، ويُريد أن يهجم عليهم نصف الليل، ويقتل رجالهم ويأخذ الرؤوس والسبي، فقال رؤساء العسكر من عُظم اضطرابهم: نلجأ الليلة إلى الدَّيْر ونجعله كهفاً لنا؛ لأنّ الدير كان لا يقدر أن يتسلّط عليه العدوّ.{ هذه الرواية تبين إن القافلة كانت مستهدفة من قبل المعارضين الشيعة .. الطريحي: 481، وانظر: ناسخ التواريخ: 3: 103.
 
لنناقش الموضوع من باب آخر :.....يقول المؤرخون أن معاوية بن أبي سفيان أول من ادخل نظام البريد في الدولة الأموية , فكان نظام البريد أن يجعل الخيول في عدة أماكن، وهذا الأمر ليس من أفكاره بل  اقتبسه  من الروم،  نظراً لسعة رقعة الدولة الإسلامية، قام الخلفاء الأمويون برصد طرق المواصلات التي يسير عليها صاحب البريد، لتكون تلك الطرق واضحة ومعلومة، الغاية منها سرعة وصول الأخبار إلى مقر الخلافة بالشام، وكل دولة  لا تستغني عن البريد في حالات السلم والحرب ..
 
فنظام البريد الذي استخدمه معاوية اقتباساً من البيزنطيين يقتضي أن تقسم الطرق إلى مسافات، يوضع في نهاية كل مسافة دواب (خيل) مهيأة لحمل رسائل الخليفة إلى الجهات المختلفة، تسلم الرسائل إلى صاحب البريد،وينطلق بها حتى نهاية المسافة المقررة ويسلمها لمن بعده، ..هذا النظام كان يوفر الراحة لأصحاب البريد كما كان يؤدي إلى  اختصار الوقت ...
 
    المشكلة في التاريخ إن زيارة الأربعين هي المناسبة الوحيدة التي أثيرت عليها الشبهات .. مثلا لما مات معاوية عام 60 هـ ,  كان ذلك في اليوم الخامس عشر من شهر رجب .. وصل الخبر إلى المدينة خلال الفترة المتبقية من ذلك الشهر , وخرج الحسين {ع} من المدينة إلى مكة لليتين بقيتا من شهر رجب ... هذا يحتم علينا أن نقرأ الرواية بواقع الحسابات العددية ...{ علما إن المسافة على الخارطة الجغرافية بين الشام والمدينة تساوي مرة ونصف  المسافة بين الشام والكوفة } أي لو فرضنا إن المسافة بين الكوفة والشام تساوي 100 ألف كم ... فان المسافة بين المدينة المنورة والشام تساوي 1500كم , وهذا لم يتغير فالآثار ثابتة وباقية ... لنرجع إلى موضوع موت معاوية ...
 
إذا قلنا مات معاوية يوم 15 رجب عام 60 هـ ... وخرج الحسين {ع} من المدينة لليلتين بقيتا من رجل يعني يوم 27 منه .. هذا يعني إن الفترة التي استوعبتها الفترة من إرسال الرسالة إلى خروج الحسين{ع} إلى مكة تساوي 13 ثلاثة عشر يوما .. ولا باس أن نذكر إن الحسين {ع} بقي يومين قبل سفره من لقاءه بالوليد بن عقبه,هذا يعني إن البريد وصل بعشرة أيام على الأكثر وربما اقل , فلماذا لا نعقل وصول الركب الحسيني من الكوفة التي هي اقرب للشام من المدينة المنورة بنفس الوقت ..؟ أي بحدود عشرة إلى 12 يوم ...؟.
 
قضية أخرى :.... في زماننا هذا يتوجه عدد كبير ملايين الزوار من مناطق بعيده , إلى قبر الحسين بن علي {ع} من البصرة إلى كربلاء مشيا على الأقدام , وقد سالت عددا كبيرا منهم عن المدة التي يستغرقها في زيارته , فقال اغلبهم إنهم يصلون ما بين 12- إلى 15 يوم بالأكثر.. علما إن المسافة من البصرة إلى كربلاء بحدود 450- 480 كم ... هذا يعني ان الزائر يسير مسافة 40 كم يوميا , علما ان مسيرهم لا يتجاوز 8 ثمانية ساعات تتخلله استراحات وتناول وجبتي طعام وصلاة تكون ما بين ساعة وأكثر ..
 
       وقد سالت عددا من أصحاب الخيول والبعران عن الفرق والسرعة بين من يسير على جواد او بعير ومن يسير على رجليه , فظهر ان الخيال اسرع من الماشي على رجليه 3-4 مرات .. والبعير اسرع من الماشي على رجليه بحدود 2-3 مرات .. هذا يعني ان الخيال يمكنه قطع مسافة 120 كم يوميا اذا سار بنفس الفترة 8 ثمانية ساعات ويزيد لو زاد على الوقت , وكذلك البعير يمكنه قطع 80-90 كم بنفس الوقت .. فاذا كان احتمال ان الجند في القافلة مرتبكون وخائفون ويمكنهم المسير 10 ساعات مثلا في اليوم او أكثر ..! خاصة إنهم لا يعانون ازدحاما بشريا كما يعانيه الماشي بزيارة الحسين ..!.
 
 أول من زار الإمام الحسين في الأربعين : اختلف المؤرخون في أول من زار الإمام الحسين{ع} كما اختلفوا في زيارة الإمام السجاد لقبر أبيه  بعد خروجه وأھل بيته  من الشام ، فمن ھو الزائر الأول ؟ وھل زار الإمام السجاد قبر الإمام الحسين في أربعينيةھ ؟
 
أقوال نستعرضھا في عدة نقاط :القول الأول:في أول من زار الإمام الحسين عليھ السلام :ھو عبيد الله بن الحر الجعفي, قاله: القاضي التستري في ( مجالس المؤمنين ) .فمن هو ابن الحر الجعفي..
 
الأولى : حول سيرته يلخص لنا الطبري وابن الأثير سيرته أمره بما يلي : قال الطبري : إن عبيد الله ابن الحر كان رجلا من خيار قومه  فلما قتل عثمان وقامت الفتنه من قبل معاوية قال أما إن الله ليعلم أنى أحب عثمان ولأنصرنه ميتا فخرج إلى الشام فكان مع معاوية ,وخرج مالك بن مسمع إلى معاوية على
 
مثل ذلك الرأي في العثمانية فأقام عبيد الله عند معاوية وشھد معه صفين ولم يزل معه حتى قتل علي {ع}  فلما قتل على قدم الكوفة ... وقال ابن الأثير في حوادث 68 ھـ
 
وفي ھذه السنة قتل عبيد الله بن الحر الجعفي وكان من خيار قومه ... لما قتل عثمان ووقعت الحرب بين علي  ومعاوية قصد معاوية فكان معه لمحبته عثمان وشھد معه صفين ھو ومالك بن مسمع وأقام عبيد الله عند معاوية وكان له زوجة  بالكوفة فلما طالت غيبته زوجھا أخوھا رجلا يقال له عكرمة من الخبيص وبلغ ذلك عبيد الله فأقبل من الشام فخاصم عكرمة إلى علي  فقال له : ظاھرت علينا عدونا فغلت . فقال له : أيمنعني ذلك من عدلك .قال : لا . فقص عليھ قصته فرد عليه  امرأته وكانت حبلى فوضعھا عند من يثق إليه حتى وضعت فألحق الولد بعكرمة ودفع المرأة إلى عبيد الله وعاد إلى الشام فأقام بھا حتى قتل علي .
 
فلما قتل أقبل إلى الكوفة فأتى إخوانه فقال : ما أرى أحدا ينفعه اعتزاله كنا بالشام فكان من أمر معاوية كيت وكيت فقالوا وكان من أمر علي كيت وكيت وكانوا يلتقون بذلك ... ثم جاءت  الثانية دعوة الإمام الحسين له بالنصرة وعدم استجابته لھا : وتفصيل ذلك أن الإمام {ع} في أثناء الطريق دعاه إلى نصرته ولكنه اعتذر للإمام وبعد شھادة الإمام الحسين{ع} ندم على ما فاته من نصرته وأنشأ قصيدة في ندمه.
 
 قال الشيخ الصدوق :في الطريق نظر إلى فسطاط مضروب فقال لمن ھذا الفسطاط فقيل لعبيد الله بن الحر الحنفي فأرسل إليه الحسين{ع} فقال : ( أيھا الرجل إنك مذنب خاطئ.. إن الله عز و جل آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى الله تبارك و تعالى في ساعتك ھذه فتنصرني ويكون جدي شفيعك بين يدي الله تبارك و تعالى ) فقال : يا ابن رسول الله و الله لو نصرتك لكنت أول مقتول بين يديك و لكن ھذا فرسي خذه إليك فو الله ما ركبته قط و أنا أروم شيئا إلا بلغته و لا أرادني أحد إلا نجوت عليه فدونك فخذه . فأعرض عنه الحسين{ع} بوجهه  ثم قال : ( لا حاجة لنا فيك ، و لا في فرسك ، و ما كنت متخذ المضلين عضدا ،لكنه ندم لأنه عرف الأمويين وعرف الحسين{ع} وثورته الإصلاحية فجاء نادما .بعد فوات الأوان.فقال:
 
فيا لك حسرة ما دمت حيا.... تردد بين صدري والتراقي ... حسين حين يطلب نصري..... على أھل الضلالة و النفاق....  غداة يقول لي بالقصر قولا.... أ تتركنا و تزمع بالفراق.... و لو إني أواسيه بنفسي ....لنلت كرامة يوم التلاق ... فقد فاز الأولى نصروا حسينا ....و خاب الآخرون أولو النفاق ,,, يقال ان سبب مجيئه للقبر الشريف , لان ابن زياد طلبه لعدم اشتراكه في جيش ابن زياد يوم عاشوراء ...
 
هذا ضمن مجموعة المتلونين المتملقين لمعاوية ..حيث وقف في يوم صفين مع معاوية وقاتل أمير المؤمنين {ع} ثم جاء إلى الإمام علي {ع} في قصة زوجته وعتب عليھ أمير المؤمنين{ع} وأعاد له زوجته , ثم رجع إلى الشام مرة ثانية .والأخرى امتناعه عن نصرة الإمام الحسين{ع} لما مشى إليه ودعاه  . وقال له كلمة تدل على سوء الخلق والأدب , قال : { أعييت أباك}...
 
 هذا الرجل ولغ في دماء المسلمين وغاراته على الأطراف في بلاد المسلمين .وعدم قتاله مع التوابين ، كل ذلك يدلل على عدم استقامته , والحاصل أنھ لم يتبين لنا أن عبيد الله بن الحر الجعفي ھو أول من زار الإمام الحسين عليھ السلام وذلك :
 
1-لم يعلم وقت ذھابھ إلى كربلاء
 
2- لم يثبت أن قصائده قالھا في كربلاء بل بعض النصوص دلت أنھ قالھا في غيرھا .
 
القول الثاني: في أول من زار الحسين عليھ السلام : رجل اسمه عقبة بن عمرو السھمي : عندما قصد كربلاء وزار قبر الحسين{ع} رثاه شعرا وحين وقف على القبر وشاهد القبر الشريف بكى عليه كثيراً .
 
ورثاه: سلام على أھل القبور بكربلا .... و قل لھا مني سلام يزورھا ... الخ,قال السيد الأمين في ( أعيان الشيعة ) : أول من رثاه فيما حكاه سبط ابن الجوزي عقبة بن عمرو السھمي . وإذا ثبت أن عقبة ھو أول من رثى الإمام الحسين عليھ السلام فينتفي القول الأول .
 
القول الثالث أن أول من زار الحسين عليھ السلام : ھو سليمان بنَ قنة العدوي المتوفى 126 ھـ بدمشق
 
قال السيد الأمين  في ( أعيان الشيعة ) أول من رثاه سليمان بن قتة ..كان منقطعا إلى بني هاشم مر بكربلاء بعد قتل الحسين{ع} بثلاث فنظر إلى مصارعھم و اتكأ على فرس له  و أنشأ يقول :..
 
مررت على أبيات آل محمد...  فلم أرھا أمثالھا يوم حلت ...أ لم تر أن الشمس أضحت مريضة ....لقتل حسين و البلاد اقشعرت ....و إن قتيل الطف من آل ھاشم .... أذل رقاب المسلمين فذلت
 
القول الرابع :  أن أول من زار الإمام الحسين {ع} جابر بن عبد الله الأنصاري فقد دلت الروايات المتعدد وأقوال العلماء المحققين أن أول من زار الإمام الحسين{ع} في كربلاء ھو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري . وذكر ذلك عدد من العلماء منھم :
 
1- الشيخ المفيد قال في ( مسار الشيعة ) وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا ومولانا أبي عبد الله عليھ السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليھ وآلھ وھو اليوم الذي ورد فيھ جابر بن عبد الله بنَ حزام الأنصاري – صاحب رسول الله{ص} من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر سيدنا أبي عبد الله {ع} فكان أول من زاره من المحبين 2- الشيخ الطوسي في مصباح المتھجد ذكر مثل ما ذكره الشيخ المفيد3- العلامة الحلي في كتابھ منھاج الصلاح مثل ما تقدم عن الشيخ المفيد .4- الكفعمي في المصباح  
 
5- الميرزا حسين النوري في كتابھ اللؤلؤ والمرجان . وغيرھم من العلماء .
 
مجيء جابر إلى كربلاء :قد ثبت بأكثر من رواية مجيء جابر إلى كربلاء وزيارته, ھنا نذكر روايتين في ھذا الصدد وھما كما يلي :
 
1- روى عماد الدين الطبري في كتابھ ( بشارة المصطفى ) بسنده عن اْلأَعَمِشَ عْنَ عِطَّيَة اْلَعْوفِي قال :
 
خَرْجُتَ مَعَ جابر بن عبد الله الأنصاري زائرين قبر اْلُحَسْيِنْ َفَلَّماَ وَرْدَناَ كْرَبَلاَءَ دَناَ جاِبٌرِ مْنَ شاِطِئ اْلفُراِتَ فاغتسل ثم اْئَتَزَر بإزار ارتدى بآخر ،ُثَّم َفَتَحُ صَّرًة فِيَھاُ سْعٌد َفَنَثَرَھ على بَدِنِه  ،ُثَّمَ لْمَ يْخُطُ خْطَوًة إِلا ذكر الله تعالى ،َحَّتى إِذا  َدَناِ مَن اْلَقْبِرَ قالَ :المسنيه ،فألمسته ،فخر على اْلَقْبِرَ مغشيا عليه ،َفَرَشْشُتَ عَلْيِه شيئا من اْلَماِء ، فلّماَ افأَق . َقالَ :َياُ حَسْيُنَ ثَلاثاً ،ُثَّم قال حبيب لاُ يِجيُبَ حِبيَبُه .وانا لك بالجواب  وقد ُشِحَطْت أَوَداُجَك َعَلى أَثَباِجَك َو فُّرَقَ بْيَنَ بَدِنَكَ وَرْأِسَكَ فأَشَھُد أَّنَك اْبُنَ خاتم الَّنِبِّييَنَ و اْبُنَ سِّيِد اْلُمْؤِمِنيَنَ و اْبُنَ حلِيِف التقوى وسليل اْلُھَدىَ وَخاِمُس أَصَحاِب الكساء اْبُن َسِّيِد الُّنَقَباِءَ و اْبُنَ فاِطَمَةَ سِّيَدِة الِّنَساِءَ وَماَلَكَ لاَ تُكوُن ھَكَذا ؟.وقد غذتك كُّفَ سِّيِد المرسلين وربيت فِيَ حْجِر اْلُمَّتقِيَنَ وَرَضْعَتِ مْنَ ثْديِ الإيمان فُطْمَتِ باْلإِسَلاِم َفِطْبَتَ حيا وطبت مِّيتاً ،غْيَر أَّن قُلُوَب اْلُمْؤِمِنيَنَ غْيُر َطِّيَبٍة لِفِراقِك َوَلاَ شاَّكٍة فِي اْلِخَيَرِةَ لَكَ فَعَلْيَك سَلاُمَّ ِالله َوِرْضَواُنُ , واْشَھُد أَّنَكَ مَضْيَتَ عَلىَ ماَ مَضى عَلْيِه أَخوَكَ يْحَيى بُنَ زَكِرَّيا.ثَّم َجالَ  ِبَبَصِرِهَ حولَ اْلَقْبِرَ وَقالَ : الَّسَلاُمَ عَلْيُكْم أَّيتَھا اْلأَرَواُح اَّلِتيَ حَّلْتِ بفِناِء اْلُحَسْيِن َو أَناَخْتِ بَرْحلِه ,أشھُد أَّنُكْم أَقْمُتُم  الَّصَلاَة و آَتْيُتُم الزكاة وأَمْرُتْم باْلَمْعُروِفَ وَنَھْيُتْم عِن اْلُمْنَكِر َوَجاَھْدُتُم اْلُمْلِحِديَنَ وَعَبْدُتُمَّ َاللهَ حَّتى أَتاُكُم اْلَيقِيُن ،َو اَّلِذيَ بَعَثُ مَحَّمداً  لَقْدَ شاَرْكَناُكْم فِيَماَ دَخْلُتْم فِيِه .َقالَ َعِطَّيُة :َفقُلُت له ياَ جاِبٍر   وَكْيَفَ وَلْمَ نْھِبْطَ واِدياً وَلْم َنْعلُ جَبًلا َوَلْمَ نْضِرْبِ َسْيٍف ،َو اْلَقْوُمَ قْد فُّرَقَ بين ُرُؤسِھْمَ  وأبدانهم وأوتمة أولادهم  واْرَمَلِت أزواجھم ..؟ َفَقالَ لِي :َياَ عِطَّيُةَ سِمْعُتَ حِبيِبيَ رُسولَ {ص}يقُولُ : (َمْن أَحَّبَ قْوماً ُحِشَر َمَعُھْمَ وَمْن أَحَّبَ عَملَ قْوٍم أُشِرَك فِي َعَملِھْم ) ،َو اَّلِذيَ بَعَثُ مَحَّمداً باْلَحِّقَ نِبّياً إِّنِ نَّيِتيَ وِنَّيَة أَصَحاِبيَ عَلىَ ماَ مَضىَ عَلْيِه اْلُحَسْيُن{ع} و أْصَحاُبُه .....
 
بينما هو يكلمني , وإذا بسواد طلع من ناحية الشام , قلت يا جابر هذا سواد طلع علينا من ناحية الشام , فقال: اذهب واتنا بخبره , إن كان من أصحاب ابن زياد لجئنا إلى ملجأ , وان كان زين العابدين أنت حر لوجه الله .. فما أسرع أن انطلق العبد ثم رجع وهو يقول : يا جابر قم واستقبل حرم رسول الله .. هذا زين العابدين جاء مع عماته وأخواته , فقام جابر ووقع حتى وصل إلى الإمام {ع} فقال له الإمام : أنت جابربن عبد الله  .؟  قال نعم يا ابن رسول الله .. قال يا جابر هنا والله قتلت رجالنا , هنا سبيت نساءنا , هنا حرقت خيامنا , أما العقيلة زينب لما نظرت إلى كربلاء ... نادت ... يا نازلين بكربلاء هل عندكم ... خبر بقتلانا وما أعلامها ..  ما حال جثة ميت في أرضكم ... بقيت ثلاثا لا يزار مقامها ..
 
ثم إن العقيلة سالت علي بن الحسين {ع} أين قبر أبيك ... فأشار أليه ... فرمت بنفسها من محملها على قبر أبي عبد الله ...
 
هون للكاع كلهن فرد هويه ... بلايا ارواح ما جنهن بدنيه ... دون علكبر بالله شلون دوية .. يراعي الكبر جتك خواتك ...
 
عسن عيني العمى يحسين شفت الكبر بعيوني ... يهلنا للمدينة امشوا عند ولياي خلوني ... شعذري لبني هاشم عنهم من ينشدوني ... شلون امشي وخليهم عكبهم من يبارينا ...
 
يخويه بيا وجه طبتي المدينة ... شكولن لليكول حسين وينه ... شكولن لليناشدني من الناس ... اخوج حسين وينه ووين عباس , اكول حسين ضل جثه بلا راس .. وعباس البطل كطعوا يمينه ...
 
ثم توجهت نحو قبر ابي الفضل :.... يعباس شك اللحد عنك .. زينب والحرم كلهن لفنك ... من الشام يا خويه اجنك ..
 
ااخي ما عودتني منك الجفا ... فعلام تجفوني وتجفو من معي .. انعم جوابا يا حسين يا حسين ااما ترى ... شمر الخنا بالسوط الم  اضلعي , فاجابها من فوق شاهقة القنا ... حسم القضا بما جرى فاسترجعي ... وتكفلي حال اليتامى وانظري ... ما كنت اصنع في حماهم فاصنعي ..
 
بقي ال البيت في كربلاء ثلاثة أيام ثم رجعوا إلى المدينة, لما وصلوا قريبا منها قال الامام زين العابدين لبشر بن حذلم , يا بشر رحم الله اباك كان شاعرا , فهل لك في شيء من الشعر .. قال نعم يا ابن رسول الله , قال اذهب وانعى ابي الحسين ... يقول بشر دخلت المدينة حتى توسطت شوارعها . فناديت..
 
يا اهل يثرب لا مقام لكم بها .. قتل الحسين فادمعي مدرار ...
 
الجسم منه بكربلا مضرج ... والراس منه على القناة يدار .... فلم تبقى مخدرة ولا محجبة الا خرجت من خدرها ولم يرى باكيا اكثر من ذلك اليوم الا اليوم الذي مات فيه رسول الله ... اما العقيلة فانها ذهبت الى ابي عبد الله .....
 
تصيح بصوت اه يا فكد الاحباب ... والله شموحشة يا دار الاطياب ... لن اهناك صيحة من وره الباب  ... انا ام عباس اجيتج لا تفزعين ... بجت زينب ونادت تلكنها ... با لله وياي كومن ساعدنها ... هاي ام البنين الراح منها .. صناديد أربعة وبالحرب نفلين ... بجت زينب ونادت آه يا حزني ... ولفتها ام البنين بضلع محني ... تنتحب وتصيح اه يحسين يبني ..يا مفكود هم بيك الزمان يعود .. وهم طيب الليالي وترد لينا ردود .. هم ياتي الفرح وانزع الهدوم السود..
 
الحمد لله رب العالمين   
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الحافظ البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/25



كتابة تعليق لموضوع : مجلس حسيني – تحقيق في زيارة الأربعين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net