صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

المضحك المبكي في عراق اليوم
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
     لقد عُرف النظام السابق بالطغيان والاستبداد والظلم الكبير على كل مكونات العراق القومية والمذهبية، وكان فعلا نظام يثير الأحزان والآلام والبكاء، لكننا لم نسمع بأنه يثير الضحك والسخرية أبدا، لما كان يفعله من ممارسات إجرامية بحق الإنسان، وحينما أسقطته الولايات المتحدة وحلفائها، ضحكنا كثيرا على هشاشته وعلى سنوات عمرنا التي سحقتها ماكينته الإرهابية وآلة الخوف التي زرعها في كل بيت وشارع ومؤسسة، رغم ذلك توقعنا  جميعا أن يبذل المجتمع الدولي والقوى السياسية العراقية المعارضة جهودا من اجل إقامة بديل لذلك النظام، يقوم على أساس العدالة والشراكة والنزاهة واحترام الرأي الآخر، وإعادة بناء البلاد وفق منظور متحضر تسوده الديمقراطية والمساواة والنزاهة، لكن ما حدث عبر ثلاث حكومات وثلاث دورات برلمانية، أنتجتها منظمة الحكم التي تدير البلاد من وراء الكواليس، كانت مزيج مقرف من الضحك والبكاء، ومن الأسى والازدراء، ومن الأمل واليأس، ومن الذهول والخمول، من كل هذه المتناقضات التي يحس بها الإنسان حينما يرى أو يسمع هذه النماذج في الحكومة والبرلمان:
 
     المضحك إن سياسيا تقدميا قضى أكثر من ثلث حياته معارضا لنظام البعث، ويفترض انه مناضل بروليتاري ومناصر للطبقات المسحوقة من قبل طبقات ماصة لدماء الفقراء ومستحوذة على فائض الربح، كما يفترض انه نزيه لا يقبل أن يدخل في جيبه إلا مال يعرف بأنه قيمة لفعله الخلاق، المضحك جدا انه وضع يده بيد مصاص الدماء وجلس إلى جانبه، وقبِل أن تدخل جيوبه أموالا اقل ما توصف بها إنها سحت حرام، لا علاقة لها بالنضال ولا بمبادئ هذا المناضل الذي تآخى مع حثالة البروليتاريا كما يقولون في تصنيفاتهم للطبقات!
 
     المضحك إن رجل دين أصبح في بلاد الفوضى الخلاقة منظر سياسي يتعامل مع كل ما يتناقض مع قواعد شريعته في النصب والاحتيال والاختلاس والتجارة السوداء والعمولات والرشوات، وتلوث حتى انفه بالمال المحرم أو المشبوه أو المدنس، ووافق على مشاركة أولئك الزناة والسراق والخمارين ومجالستهم حتى الثمالة، فأصبح منافق فاسق حسب تعريف شريعته!
 
     والمبكي حينما يتحدث عن النزاهة سارق وعن الصدق كاذب وعن الطهر ملوث، وقد رأينا كل هذه المشاهد المخزية، كاذب وسارق وانتهازي من الزمن الاسوء، يتهم الجميع بسرقة أموال العراق اختلاسا ورشوة وعمولات، وأخرى تعترف بأنها جميع رفاقها في البرلمان والحكومة  التهموا الكعكة ( وتقصد بها أموال العراق )، ناهيك عن معمم آخر يعمر مؤخرته أو أسنانه أو أمعائه المتعفنة بالمال العام، علما إن راتبه وامتيازاته تفوق رواتب وامتيازات مثيله في أغنى دول العالم.
 
     المبكي انك كنت تنتظر أشرافا يحكمون البلاد بعد حقبة سوداء من حكم الرعاع، فتفاجأت ( وباستثناء القلة القليلة التي لا تخضع للقياس العام ) بأن عصابة لصوص سطت على بنك اسمه العراق، كما قال الكاتب والصحفي المصري محمد حسنين هيكل.
 
     والمضحك المبكي في هذه الخلطة المقرفة من الفاسدين ومدعي النزاهة، إن معظم رموزهم يمثلون الدورين معا، الفاسد والنزيه، الضحية والجلاد، المظلوم والظالم!؟
 
     أليست هذه تراجيديا الربيع العربي التي تضحكنا حتى البكاء!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/20



كتابة تعليق لموضوع : المضحك المبكي في عراق اليوم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : فارس عبود جيجو ، في 2016/08/21 .

الغريب ان البعض يتهجم على كردستان وبارزانيها حتى لو كان الموضوع عن الصراع بين بنكلاديش وجزر القمر، ترى هل هي عقدة ام غباء سياسي؟


• (2) - كتب : احمد الجبوري ، في 2016/08/20 .

ومن المضحك المبكي حينما تتحدث انت عن التشبث بالسلطة ولاتتحدث عن تشبث البرزاني واتحداك ان تقول انه غير متشبث هو وعائلته




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net