كل من تتبع واستقرء روايات أهل البيت عليهم السلام فيما جرى في كربلاء يوم عاشوراء، يصل إلى حقيقة واضحة مؤكدة ، وهي أن ايام الحسين عليه السلام قضية ، وليس مجرد ذكرى تمر على المؤمن ، فيحتفي بها في أيام معينة كل عام ، ثم ينتهي الأمر إلى السنة المقبلة وهكذا .
وقد قرأت إلى أحد الكتاب وهو ((فايد العليوي) ) بعنوان عاشوراء.. بكاء على الحسين أم رثاء الفشل السياسي؟! يقول :يتفق كثيرون على أن إحياء ذكرى استشهاد الحسين رضي الله عنه جاء في حقبة متأخرة عن تلك الفترة التي استشهد فيها، فبعض المصادر تشير إلى أن أول من أحيا الذكرى هم البويهيون وهم شيعة فرس سيطروا على مقاليد الحكم تحت ظل الخليفة العباسي وحاولوا فرض المذهب على الدولة والمجتمع لكنهم عجزوا لأسباب كثيرة. لكن الحديث عن كون إحياء المناسبة متأخرا ليس ذا تأثير على المؤيدين لإحياء الذكرى، لسبب بسيط وهي أن البنية الفقهية للمؤيدين ترتكز على الاجتهاد وليس على التأصيل وحسب. ........الى ان قال : الذي أريد أن أقوله هنا كما ذكرت في السابق إن عاشوراء لم تعد إحياء لذكرى الحسين وتضحيته وحسب بل أصبحت بكاء على فشل النظرية السياسية وتطبيقها وتجلياتها عبر التاريخ.
لكن اقول له ماجرى من حوادث في نهضة الحسين ليس فشل، بل انتصار ، نعم انتصار الدم على السيف ، والدليل على الانتصار دليل البقاء الخالد لهذه الثورة وقائدها ، والقيم التي أرادها الحسين عليه السلام ، وما يترتب على فهم حركته من نظرية عمل ، يؤكد أن حوادث عاشوراء قضية، لأنها عطاء دائم ، ولهذا نجد الحاجة إليها دائمية ، وباستمرار لأننا بحاجة إلى عطاءات ودروس كربلاء في كل لحظة ، والفرق كبير وكبير جدا ، بين ان نعيش هذه الأيام كقضية تنعكس على مواقفنا وسلوكنا ومسؤولياتنا ، وبين ان نعيشها مجرد ذكرى نتفاعل معها تفاعلآ عاطفيا محدودا ، ثم يطويها النسيان ، كلا كربلاء خالدة الرواية المروية عن الإمام الحسن (عليه السلام) وهو يخاطب أخاه الإمام الحسين (ع) قائلاً : (لا يوم كيومك يا أبا عبد الله) ، واعتماداً على الروايات العديدة التي تؤكد شرفية أرض كربلاء وتربتها على سائر بقاع الدنيا ، فهذا اليوم يوم استثنائي وهذه الأرض هي أرضآ استثنائية ، وقداستطاع أئمتنا ان يجعلوا من حوادث كربلاء قضية ، وليس مجرد ذكرى ! من خلال عدة قنوات وأساليب منها :
١. إقامة وتأسيس الماتم الحسينية التي تربط الأمة مع الحسين عليه السلام وأهداف نهضته ومنطلقاتها.
٢. الزيارة : إن الأئمة عليهم السلام، ومن أجل ربط الأمة بالحسين ونهضته ، حثوا على زيارة قبره وقبور الشهداء معه ، ووضعوا نصوص خاصة تتلى في مراسيم الزيارة ، مثل ليلة القدر ، وليلة عرفه ، وليلةالعيد .........،
٣. استحباب السجود على تربة الحسين :وهذا الأسلوب الثالث الذي اتبعه الأئمة لتحويل كربلاء إلى قضية ، تأكيدهم على استحباب السجود على تربة كربلاء ، فالمسلم يسجد على الأقل كل يوم ٣٤ مرة ، وخاصة أن تراب كربلاء لامس كفي رسول الله (ص) ، بل لامس روح النبي (ص) بقوله الحسين روحي التي بين جنبي ، اذا فاضت روح الحسين على تراب كربلاء ، والملامس للاشرف اشرف ، فتشرفت كربلاء بروح النبي لأنها أشرف الموجودات ، وورد عن الصادق عليه السلام( ان السجود على طين قبر الحسين ينور الارضين السبع ) ( السجود على تربة الحسين يخترق الحجب السبع) .
٥ . ذكر الحسين في مناسبات اخرى : يذكر في بعض المظاهر الحياتية ، التي قد يعيشها الإنسان لما يعمق هذا الارتباط بالحسين ومبادئ نهضته، ليكون ذكره امرا شاغلا للأذهان، موجها لها نحو المفاهيم والقيم العظيمة ، التي نهض الحسين عليه السلام من أجل تحقيقها ، وهكذا تحولت مسألة كربلاء إلى قضية ، لأنها تعايش الإنسان في كل ايام حياته ، وكما قالها غاندي (( تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر) المفكر الهندي المهاتما غاندي...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat