ترامب وتهجير اهالي غزة
جبار عبد الزهره
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جبار عبد الزهره
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من المعتاد لدى الرؤساء الأمريكان هو وضع انفسهم وامريكا فوق القانون الدولي الذي يعني هيئة الامم المتحدة بمختلف دوائرها والدول صاحبة العضوية فيها وهذا واضح في قول أو شعار الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الذي رفعه اثناء حملته الانتخابية شعار (أمريكا اولا) والذي يعني أن امريكا شعبا وحكومة وقانونا فوق الجميع على مستوى الدول والشعوب وحتى الاشخاص وهذا في حقيقته الشعار النازي الذي رفعه هتلر إبان الحرب العالمية الثانية 0
وبعبارة ادق خيارات امريكا في كل مجالات الحياة وخاصة السياسية والاقتصادية عندما تكون امريكا طرف في اية مسالة او قضية تتم معالجتها ووضع حل لها من زاوية نظر القانون الامريكي فهو يكون مصدر التشريع ومنبع التنفيذ دون القوانين والمواثيق الدولية المعمول بها 0
وهذا يمثل اختراقا فاضحا للقانون الدولي لا بل اهماله وعدم الاخذ به (كنسلته) وتجاهلا للهيئة التي تتبناه في سياق اعمالها الدولية والإقليمية وللدول التي ساهمت في صياغته في التجاوز على سيادة واستقلال الدول وامتهان كرامة شعوبها من طريق استخدام القوة العسكرية في الغزو والتدخل المباشر ومن طريق الحرب بالوكالة كما في حرب اوكرانيا وحرب الـ15شهرا الاسرئيلية ضد غزة او استخدام القوة الاقتصادية من طريق فرض الحصار الاقتصادي اوالمقاطعة او كلتيهما معا ضد الدول التي تخرج عن السياق العام للسياسة الخارجية الامريكية مثل إيران وكوبا او التي تحاول ان تنافس امريكا على مركز القطبية الاحادية مثل روسيا والصين 0
ترامب إدّعا بانه سيعمل على انهاء الحروب العسكرية في كل انحاء العالم وفي المقدمة منها حرب غزة وقد صدق الرجل فقد توقّفت الحرب وتم تبادل الأسرى والمحتجزين بين اسرائيل وحماس واذَّنت اصوات هنا وهناك داخل فلسطين وخارجها مساندة للمقاومة الفلسطينية بان المقاومة انتصرت وان اسرائيل فشلت ولم تحقق اهدافها المتوخاة من الحرب التي اعلن عنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن الحرب لن تتوقف حتى تحقق اسرائيل منها كامل اهدافها 0
ولكن ترامب ارسل مبعوثا الى نتنياهو بوجوب إيقاف الحرب وتبادل الآسرى فوافق الأخير ولم يعترض عليه كأنما على رأسه الطير فأخذ الناس العجب العجاب من موافقة نتنياهو وأخذوا ينتقدون نتنياهو فاكهين على فشله الكبير في عدم تمكنه واضطراره الى التنازل عن اهدافه التي طالما اصر على تحقيقها من الحرب ولم يعلموا ما دار خلف الكواليس بين مبعوث ترامب ونتنياهو حتى اظهره للعلن ترامب نفسه انظروا يا ناس كيف ترامب ضحك على الذقون وذر الرماد في العيون 0
فالمبعوث الترامبي همس في إذن نتنياهو واتفق معه بالخفاء بان عليه أن يوافق على إيقاف الحرب وتبادل الأسرى والمحتجزين وان يترك لترامب مسألة تحقيق الأهداف التي طالما توخاها نتنياهو من حرب غزة 0
وما هو يوم او يومين حتى تحرك الرئيس الامريكي ترامب وقررتنفيذ شعاره الثاني من قبل في مناسبات سبقت حملته الإنتخابية الرئاسية وفي اثناء تلك الحملة الإنتخابية والذي هو باختصار (ارض إسرائيل او المساحة الجغرافية لها صغيرة ولا بد من توسيعها ) وهذا هو جوهر الأهداف التي كان يبغي نتنياهو تحقيقها من حربه الإبادية على قطاع غزة وهنا قد وقع الناس على المستوى الداخلي الفلسطيني وعلى المستوى الاقليمي والدولي في فخ الخداع والتضليل الترامبي وهم لا يشعرون ومن المضحك ان بعض المحللين السياسين وخبراء الدبلوماسية قالوا ان ترامب متسرع واحمق سياسيا 0
حتى صرح بذلك الهدف علنا وهو تهجير اهل غزة الى الأردن والى مصر ولكن تحت ذريعة قرار واحساس انساني لدى ترامب مفاده ان اهل غزة يجب ان يخرجوا من قطاع غزة فهو قطاع ملتهب بالصدام والعنف بينهم وبين اسرائيل فضلا ان القطاع تم تدميره بنسبة 80% في مساكن الناس وعلى مستوى البنية التحتية بكافة الخدمات الأساس والضرورية للحياة لذلك فهو لا يصلح للعيش البشري ولا بد من توفير مكان لهم تتوفر فيه الخدمات لهم وسكن لائق بهم تعويضا لهم عن معاناتهم في الحرب ، ليعيشوا فيه بأمان واستقرار وهو بذلك يستمر في سياسة الخداع والمكر قافزا من فوق مقالته ورغبته وهدفه في توسيع مساحة اسرائيل 0
ومن هنا كان وفق رحمة ترامب ومشاعره الانسانية الكريمة تجاه اهالي غزة لا بد من تهجيرهم الى الأردن ومصر لينعموا بالسلم الأهلي وحياة آمنة مستقرة بعيدا عن النزاع مع اسرائيل والصدام المسلح معها منذ تأسيسها الى اليوم 0
وشفع دعوته هذه بثقته بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبدالله الثاني بانهما يتفهمان الوضع وليس لديهما ادنى اعتراض على ذلك المشروع التهجيري بل سيرحبان بذلك أجمل ترحيب وهو بذلك يشير ضمنا الى المساعدات المالية الأمريكية السنوية والتي تقدمها أمريكا لهاتين الدولتين العربيتين والمسلمتين لدعم اقتصادهما من أجل ثباته في الوقوف على رجلي القوة الإقتصادية الذي سينهار حتما من دون الدعم والإسناد المالي الأمريكي 0
ولكن اتعلمون يا عرب ويا مسلمين من أين تأتي امريكا بأموال الدعم لأقطاركم المتناغمة مع أجندة سياستها الخارجية ؟؟ إنها وكما يقول العرب (من لحم ثوركم ) فهي تبتز الدول العربية الغنية بالثروات الطبيعية مثل النفط والغاز والذهب وخاصة دول الخليج أما العراق فخيراته تحت يدها وتصرفها السياسي فهو بلد محتل من قبلها وفق القرار 1483الصادر من مجلس الامن الدولي في 2003 وآخر مثال على ذلك الإبتزاز هو عن طريق مكالمة هاتفية من ترامب ارسلت السعودية مبلغا ضخما مقداره 600مليار دولا الى أمريكا 0
من هنا ليست صدفة ولا تكتيك مرحلي بل مخطط سترالتيجي ، إذ يعود اليوم دونالد ترامب لينفذ على ما يبدو ما تطلبه الدولة العميقة في أمريكا الداعمة لإسرائيل ضد العرب والفلسطينيين من ترحيلٍ للفلسطينيين إلى كل من مصر والأردن، باعتبار أن كلتا الدولتان تتلقيان من أمريكا مساعدات مالية وعسكرية ضخمة، تجعلهما ينصاعان، حسب اعتقاد ترامب، لضغطه وجبروته دون تردد او اعتراض ، وإلّا انهارت بلدتيهما اقتصاديا وسقطت الحكومتان اذا ما اوقفت امريكا عنهما الدعم المالي ولاحتلت اسرائيل مساحات من اراضيهما بالقوة وقامت بتهجير الفلسطينيين إليها بالقوة أيضا وهذا ما مجسد واقعا في احتلال اسرائيل للاراضي السورية قبل وبعد سقوط نظام بشار الأسد 0
لذلك اخذ يطريهما من باب التنبيه والتحذير واذا فشل الاطراء لتنفيذ مخططه باتباع سياسة اللين معهما فانه سوف يلوح بالقوة والضغط والتهديد والتشديد وسيتم التهجير بقطع المساعدات المالية ومن طريق ذلك سوف ينهيار الاقتصاد المصري والاقتصاد الاردني كما قلت اعلاه وهذا ما لا تسمح به الدولتان وعندها ليس امامهما من بدٍّ ولا فرصة سوى إلإنصياع وتنفيذ مخطط ترامب ، ولا انسى ان السفيرة الأمريكية في الأردن في الأيام الأولى لطوفان الأقصى كانت تمشي في شوارع العاصمة عمّان وتخاطب المواطنين الأردنيين الذين يصادفونها في الطريق قائلة نحن ندعمكم بــ (مليار وستمائة مليون دولارر) وانتم تتعاطفون مع حماس وتسندونها 0
ويبرز هنا تسائل قد يكون مؤلما بالنسبة للفلسطينيين والمتعاطفين معهم من العرب والمسلمين ومن الخيّرين في انحاء العالم من هو الذي ربح حرب الـ (15) شهرا من الطرفين المتقاتلين حماس التي ادّعت انها أحيت القضية الفلسطينية بعملية طوفان الأقصى بعد ان كادت ان تتعرض الى الوأد ويعفّي عليها مرور الزمن ام اسرائيل التي اعلنت على لسان رئيس وزرائها عدة اهداف تنوي تحقيقها من الحرب ويأتي في مقدمتها تهجير اهالي غزة والقضاء على حماس سياسيا وسحب قدراتها عسكريا وسحب بساط الحكم من تحت ارجلها في غزة والى الأبد 0 ؟؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat