لم ينجح هولاكو بهدم اسوار بغداد، ووضع خاتمة للإمبراطورية العباسية عام ١٢٥٨ فحسب، بل نجح في احتلال عقول السكان، ودفن احلامهم !
ربما لو لم تكن الدولة قد بلغت ذروتها في: الوهن، وفي العجز، وفي الانهيار، لقاومت المغول، واستجابت لمتطلبات سكانها، بدل ان تغادرها الشمس، وتسكن ظلمات القرون !
وقد مرت ازمنة وتلتها اخرى، والوطن لايمتلك الكثير ازاء تحولات العالم، وانظمته، وبزوغ الإمبراطوريات وغروبها، فالوطن غدى مسرحا وممراً، لايمتلك الا الحفاظ على بقايا حياة، وبقايا احلام...
وما ان وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها، حتى وجد العراق انه يخرج من الظلمات، منهكاً، ومتعباً، ومثقلاً بالهموم، والتركات، والأحزان، ازاء العصر الحديث ومشروعاته..
وتكاد العواصف التي ضربت البلاد خلال القرن الماضي، وسلاسل التحولات، والمتغيرات، مازالت شاخصة وقراءتها ممكنة، ونحن ندخل في عصر الانفتاح، وحرية السوق، والعشوائيات، وتضارب المصالح، واشتباكها..
فبماذا يحلم سكان: اوروك، وبابل، ونينوى، وأشور، وأور، واربيل، وشنعار، وسبار، وأكد، وبغداد...الخ، بعد ان ادت تلك الحقب، والمدن، والعصور، دورها في التاريخ، ولم يبق للأجيال التالية وهي تغادر الاطلال والظلمات والاحزان... الا المباشرة بصياغة مصائرهم، في عالم مازالت القوة تتحكم برسم الخرائط، وبأحلام البشر...!
والسؤال هنا: هل يحق لسكان ارض السواد، ارض النخيل، وادي الرافدين وبلاد الحضارات، بقليل من الهواء الغير ملوث، وبالماء غير الكدر، وبالاستقرار الذي لايرجعهم الى عصور الفتن، والحروب الاهلية، واللصوص وقطاع الطرق، والفوضى... وبقليل من النور الذي يسمح لهم بقراءة قرون من الخراب، والنكبات، والمآسي...؟
بماذا يحلم شعب الحضارات؟... ام علينا ان نتخلى عن احلامنا؟...وندعها تُدفن تحت التراب، وتذهب مع الغبار...؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat