الربيع العربي وبداية ثورة خلاقة عربية شاملة
بوقفة رؤوف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الا يقتصر مفهوم النظام على النمط السياسي المتبع لتسيير دولة ما فقط, بل يتعدى ذلك لان يكون نظام تسيير مؤسسة, إدارة, جمعية و أسرة...
وقد يعتقد البعض أن مفردة النظام لا تجتمع مع مفردة الفوضى الخلاقة لأن مصطلح النظام يخلو من معاني الفوضى ,لكن لمقصود بالنظام هنا هو طريقة التسيير ,هذه الطريقة قد تكون بانضباط وهي منتظمة مقننة ممنهجة وفق ترتيب منطقي ,أو قد تكون غير منضبطة بمعنى أنها فوضوية لمن يعيشها ,لكن فوضويتها ليست وليدة المصادفة أو الجهل بل وليدة فوضى مدروسة ,أطلق عليها علماء الإستراتيجية مصطلح الفوضى الخلاقة ...
وأحسن من جسد هذه النظرية هي الولايات المتحدة الأمريكية في المشهد العراقي ,فالمشاهد يكاد يجزم أنه لا يوجد نظام قائم بل هي فوضى أركانها القتل والتدمير والخراب والنهب ...لكن المتأمل يرى أن هناك نظام قائم على توليد الفوضى وجعلها ستار لتحقيق مكاسب ما كانت لتحقق من غير وجود هذه الفوضى ,هذه المكاسب بطبيعة الحال غير مشروعة رغم انها تمت بطرق قانونية لكنها تبقى مكاسب- دون مبالغة- غير إنسانية البتة ,ما كانت لتحقق لولا نظام الفوضى الخلاقة ,بهذا المثل نقيس الأمر على صعيد الدولة والحزب وصولا إلى الأسرة...
ولنتخذ من الأسرة نموذجا لتطبيق الفوضى الخلاقة ثم نحلل نتائج ذلك:
الزوج الذي يريد أن يمرر قرار هو في كينونة نفسه مقتنع بأنه جائر, لا يبسطه على طاولة الحوار ولا في جلسة سمر أمام مائدة الشاي...بل يفتعل المشاكل ويثير القلاقل حتى يصير البيت فوضى حينها يمرر قراره دون معارضة لأن غير ألإطفائي المتمرس قد ينشغل بإخماد اللسنة اللهب المترامية هنا وهناك بدل أن يغلق صنبور الغاز الذي هو مصدر النار و استمراريتها...
قد يقول القارئ :
هذا مشهد مقنع بعد أن عرفنا أن هذه الفوضى التي نشهدها ليست من غضب الطبيعة ولا نتيجة سوء تسيير بل هي أمر مدروس بشكل أكاديمي دقيق فما هو الحل ؟هل هناك طريقة تجعل النظام الذي تبنى نظرية الفوضى الخلاقة كطريقة تسيير دواليب السلطة يعدل عنها إلى طريقة الانضباط ؟؟؟
الحل نبسطه من خلال تصرف أفراد الأسرة في شكل احتمالات مطروحة :
الاحتمال الأول :
أن الزوجة والأبناء كانوا يجهلون هذه النظرية كطريقة تسيير شؤون الأسرة وبالتالي أمضوا بقية حياتهم في فوضى أسرية مبرمجة دون أن يحققوا ذاتهم ولا أحلامهم ,رب الأسرة تقدم به الزمن وأصبح شيخ كبير هرم بعد أن حقق جميع نزواته واقترف كل زلاته من خلال أسلوب الفوضى الخلاقة ,أراد أن يغير الأسلوب إلى الانضباط حتى يكون أولاده بررة به فيتمتع بالاعتناء والغذاء والدواء ,لكنه عجز لأن ذهنية الأسرة تقولبت على الفوضى الخلاقة التي صارت طبعا من شخصية العائلة لا يستطيعوا التخلص أو الاستغناء عنها ...ندم الشيخ ولم ينفعه ندمه وتمنى قليلا من الهدوء لينام بسلام نومة أبدية لكنه لم ينعم بالهدوء ولم يمت بسلام فأنهى حدا لحياته بالانتحار وقد قيل في بعض ما قيل أنه لم يمت بل خرج في الطرقات عاريا يجري ويتكلم بكلام غير مفهوم .........
الاحتمال الثاني :
أن الزوجة والأولاد لا حول لهم ولا قوة ضعاف أمام جبروت الزوج والأب ,يعلمون بأمر الفوضى الخلاقة لكن لا يستطع فعل شيء ,هناك صوت يقول لنخرج في مظاهرات ,لنقوم بعصيان مدني ,لنضرب عن الطعام ...
لكنها فوضى خلاقة مفروضة من رب الأسرة عن طريق جرعات مدروسة و ليس هو الوحيد المستفيد منها ,هناك ابنان وبنت مستفيدون هم كذلك ببعض الفتات- عفوا – ببعض الامتيازات ,لذلك تجد البعض يؤيد الأب في قراراته والبعض في المعارضة المسموح بها من طرف الأب التي لا تتحرك إلا بمباركة أبوية وحتى لا نظلم بعض هؤلاء الأبناء فيهم من هو مصاب بتخلف ذهني والمصاب بعمى الألوان كما أن هناك من ضاق ذرعا بالتنديد والاستنكار فتمرد على الأب واتهمه بالمروق على الدين والخروج عن الجماعة وأحل دمه ,الأب اتهمه بالعصيان والتمرد وتبرأ منه تمسك الأب بشرعية الأبوة وزاد من صلاحياته بعد أن فرض حالة طوارئ في البيت والابن الخارج عن طاعة الأب ازداد هيجانه بعد أن لم ينظم إليه سوى أخوه المعوق ذهنيا فقط فكفر كل أفراد العائلة وهدر دمهم إلا من تاب وانضم إليه مع غض النظر عن إذ كان آمن وعمل عملا صالحا أم لا.......
هنا انفجرت لبيبة التي لديها لكل سؤال جواب من الضحك لأنه جعل من نفسه جزء من ركائز الفوضى الخلاقة ووقودا لاستمرارها وهو يوهم نفسه أو يوهمنا نحن بأنه المهدي المنتظر,يقتل كل العائلة وينصب نفسه الأب وألام والابن والأخت والعمة والخال والجد ووالد وما ولد.
الاحتمال الثالث:
بعد ان ضاق بهم الصبر ذرعا حاول أفراد الأسرة الكريمة الفرار من دار السبيطار فمن كان صاحب بوزلوف انضم إلى قائمة هجرة الادمغة ومن لم يكن صاحب بوزلوف انضم الى قوافل الهجرة السرية ومن لم يستطع الفرار انتحر أما البنت فقد احترفت الرذيلة هي وبنات العم و بنات الخالة اللواتي بهن صمم ومن كانت تجيد ترديد العبارات أصبحت فنانة في الكباريهات ..
لكن هذا الاحتمال لم يحمل حل بل وّلد أثار وان كان هناك في طياته حلول فهي حلول فردية تتسم بالأنانية فلا يهم الحفاظ على الدار بل يهم نجاة الفرد وعلى الباقي السلام
الاحتمال الرابع :
أن نعلن الحجر القانوني على رب الأسرة لسفاهة أو عته وان فشلنا في تحقيق مجرى العدالة بالطرق القانونية فلنرجع لطبيعتنا الحيوانية ونغتال رب البيت ...
وبدل أن يكون رب واحد للبيت فلتكون أرباب متفرقة وربما تتصارع مع بعضها اقتداء بآلهة اليونان وتتحول الفوضى الخلاقة إلى حروب أهلية وملحقاتها...
إذن جميع احتمالاتك مردودة فما هو الحل ؟؟؟
لماذا لا نتشارك سوية ويضع كل واحد منا احتمال آخر يكون هدفه عودة الاستقرار للدار حتى يعيش أهلها في سعادة ووئام
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
بوقفة رؤوف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat