شبكة الانترنت ..... امتداد جديد للعقل البشري 
د . عبد العظيم حمزه الزبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الإنترنت هو أعجوبة القرن الواحد والعشرين. شبكة واسعة من الروابط التي تمتد عبر الكرة الأرضية لغرض واحد هو التواصل . لم يكن البشر من قبل يتواصلون بهذا القدر كما يحدث اليوم. إن الطريقة التي نختار في استخدام الانترنت ستحدد تأثيره علينا ، لكننا قطعنا شوطًا طويلاً في استخدام الإنترنت كأداة لنشر الوعي والتثقيف ، وأرض خصبة للفنون والعلوم والثقافة وكل شيء تحت الشمس.
على مر التاريخ ، يشعر الراشدون بالقلق حيال تأثير  الأدوات والتكنولوجيات الجديدة في مجال التنمية البشرية. ((370 سنة قبل الميلاد,  حذر سقراط طلبته من الأخطار المرتبطة بالكتابة, وقال : " بالنسبة لهذا الابتكار سوف يولد نسيان في عقول أولئك الذين تعلموا استخدامها, بسبب انهم لا يقومون بممارسة التذكر وتمرين ذاكرتهم , ثقتهم في الكتابة ناتج من عوامل خارجية , وليس جزء من شخصياتهم, والذي لا يشجعهم على استخدام ذاكرتهم"  فيما خلد أفلاطون آرائه بالكتابة في حوارات  فيروس Phaedrus . 
كل تقنية أو آلة أو ابتكار جديد يدخل على المجتمعات يقسم المجتمع الى فريقين : فريق معارض يواجه ويعترض كل جديد حتى وان كانت فوائده جلية وغالبا ما يكون كبار السن في هذا الفريق, وآخر مؤيد له ومتحمس ويبالغ في ذكر منافع وفوائد لا حصر لها حتى وان قلة خبرته ومعرفته في هذا المجال والشباب وصغار السن من يتحمس في هذا الفريق. بعد جهود كبيرة ومضنية للفرق البحثية في المختبرات ومراكز الابحاث اصبحت تقنية الانترنت متاحة للاستخدامات المدنية الشخصية والعامة . وظهور هذه الشبكة العجيبة وتداعيات تطبيقاتها الرائعة أحدث تغيرات ولا زالت تفعل في المجتمعات, منها تغيرات آنية وأخرى مستقبلية. ولكن هل ان هذه التغيرات جميعا ضارة ؟ وبذلك تعطي الحق للفريق المعارض لها في الاحتجاج والرفض, أم ان تغيراتها ذات فوائد ومنافع خالصة تسعد فريق المتحمسين والداعمين لظهورها ؟ . أرى ان الجواب لا يرضي الفريقين فالفوائد والمنافع الجليلة التي قدمتها شبكة المعلومات كبيرة وكثيرة لم تتوفر لأي جيل سابق . ولكن قد يرافق هذه الاتصال المستمر والدائم بالشبكة أضرار ومخاطر محتملة. لذا اقتضى الأمر تدخل المختصين والمتعلمين والباحثين لكي تتوفر لدينا مجموعة من الحقائق والبيانات التي تساعدنا على فهم وتفسير والتنبؤ بهذه الظاهرة واسعة التأثير والانتشار.
ليس هناك ابتكار غيّر سلوكيات الناس وطبائعهم وطرائق تفكريهم بل وحتى نظرتهم للعالم وبيئاتهم المختلفة مثل اختراع شبكة الانترنت. فكل الاجهزة والتقنيات والمعدات والانظمة المختلفة كانت تؤثر وتغير في قطاع واحد متخصص في الحياة يتعلق بالعنصر المبتكر, فابتكار المذياع او التلفاز قد غير في قطاع الاتصال الجماهيري فقط , واثرت الاقمار الصناعية في قطاع الاتصالات واتاحت فرصا وانشأت مجالات جديدة ولكن في نفس القطاع . فيما أثرت شبكة الانترنت ولازالت تؤثر على جميع قطاعات الحياة , ففي عالم الاتصالات غيرت طرق التواصل والاتصال التقليدية واستحدث طرقا واساليب لم نألفها من قبل , مما ادى الى تغيير طرائق التفاعل والتواصل الاجتماعي بين افراد الكوكب عبر الحدود المكانية والزمانية والثقافية والنوعية واللغوية. وفي الاقتصاد اعادت شبكة الانترنت تعريف وتخصيص عالم التجارة والاعمال من جديد في الرؤية التقنية والمعلوماتية الجديدة فضلا عن استحداث قطاعات جديدة كموارد اقتصادية تدر الريع والفوائد على الافراد والشركات وحتى الافراد قليلي الخبرة في هذا المجال. وفي التربية والتعليم شرعت ابواب جديدة وفرص للتعلم والتعليم واستعمال اساليب وتقنيات حديثة من شأنها تطوير كل من المعلم والمتعلم . وفي السياسة والثقافة والاعلام اتاحت الشبكة العالمية فرصا لمنصات خطابية للأفراد والجماعات للتحدث بحرية بعيدا عن الرقابة والمساهمة في اتخاذ القرارات وانتقاد اداء الحكومات والتأليب عليها وحتى اندلاع الثورات وتغيير انظمة الحكم . نحن امام تطور عجيب القى بضلاله على جميع قطاعات الحياة واعاد تشكيلها وتعريفها من جديد .
الانترنت ابتكار جديد وتقنية حديثة , لم يعتاد الكثير  على استخدامه , ويحتاج الى معرفة ودراية بكيفية الاستخدام والمخاطر المحتملة . لذا كلا من الراشدين من جهة والاطفال والمراهقين من جهة أخرى يمكن أن يتعرضوا للابتزاز والتحرش وسرقة المعلومات والاستقواء وغيرها من مخاطر الأمان والسلامة التي يجب ان يكون الفرد واعيا بها ويخضع الى دورات وفصول تعليمية بسيطة توجه الافراد الى الاستخدام الآمن والسليم والصحي لهذ الخدمة العالمية العجيبة.

الموضوع السابق الشباب خزين ينضب؟ ح1

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat