صفحة الكاتب : علي الاسدي

تقاتلوا عليها فقتلوها
علي الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هي عروس الخليج وثغر العراق الباسم، هكذا كانت لكنها تعد كذلك، هي منبع الخير والثروات، صانعة البطولة وأم الشهداء، شوارعها تحكي قصة أمل وألم، سيابها توقف عن إلقاء قصائده، شطها غير صورته الشخصية، نخيلها لم يعد مثمرا، وتلك الملايين الباسقة أصبحت من التاريخ، إنها لوحة من الحزن السرمدي، إنها البصرة.

تكالب عليها القوم من أول يوم، وهجمت الأسود الضارية، ينهشون في جسدها الطاهر، كل يأخذ نصيبه منها، يتقاسمون نفطها، فهذا يهربه وهذا يتاجر فيه، وأهلها ينظرون الى القوم، عسى أن يلتفتوا إليهم ويرأفون بحالهم، لكنهم مارق قلبهم، فإستمروا نهبا وسرقة، وأحالوا البصرة الى صحراء جرداء، يشكوا أهلها الإهمال والخيانة، والحرمان والذل والمهانة.

قدر البصرة أن يمر عليها في كل عقد فاجعة، فلا أحد ينسى تأثيرات الحرب العراقية – الإيرانية عليها، التي إضطرت أهلها الى الهجرة الى المحافظات الأخرى، والبقاء سنين طويلة بإنتظار أن تضع الحرب أوزارها، تبعها ما عانته أثناء غزو صدام للكويت، وحجم الدمار الذي لحق بالبصرة وبناه التحتية، بسبب غارات التحالف الدولي، وتعرضها لتدمير كبير عند دخول قوات الاحتلال الى العراق عام 2003 حيث كانت البصرة نقطة دخولها الى العراق.

جاء النظام الجديد، فكان المتوقع أن تحصل البصرة على إستحقاقها الطبيعي من ثروتها، وتنتعش تنمويا وإقتصاديا، وتتحول الحياة فيها الى صورة أخرى، عنوانها النهضة والبناء والعمران، فكانت النتيجة أنها لم تسلم على ماكان موجودا فيها، فقد حرمت من مستحقاتها النفطية، التي تجاوزت 4.5 مليار دولار ديونا على الحكومة الاتحادية، وميناء أم قصر تسيطر على الأحزاب والمليشيات، وميناء الفاو مازال حبرا على ورق وأهلها يشكون العوز والفقر والأمراض السرطانية.

نتيجة لتصارع أحزاب السلطة على خيرات البصرة، وتعامل الحكومة المركزية مع البصرة، كما تتعامل إسرائيل مع غزة والضفة الغربية، فقد شهدنا تدهور الواقع الاجتماعي والاقتصادي، تبعه تدهور الواقع الصحي، الذي أدى الى انتشار الأمراض والأوبئة بين صفوف المواطنين، حيث وصلت حالات الإصابة بالأمراض جراء تلوث المياه الى 7 آلاف حالة، دون أن تكترث الحكومة الإتحادية لهذه المعاناة وإكتفت بفعاليات خجولة لا تعبر عن حجم الفاجعة التي تعانيها هذه المحافظة.

إن ما تشهده البصرة من فاجعة إنسانية، هو نتيجة حتمية لسوء التخطيط والتصارع على السلطة، والإهمال المتعمد من قبل السلطة الحاكمة، ولن تحل أزمتها إلا ببرنامج إنقاذ شامل لكل القطاعات، ومحاربة الفاسدين ومن تسبب بوصول الأوضاع الى هذه الحالة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/27



كتابة تعليق لموضوع : تقاتلوا عليها فقتلوها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net