صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

تبرير العادات السيئة مرض. 
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لقد كرّم الله الإنسان فخلقه في أحسن تقويم وخاطبه بأجمل الكلام وزرع فيه احاسيس الكرامة والشرف والاعتداد بالنفس ثم جهّزهُ بأجهزة الاستحسان والقبح فأصبحت عندهُ قابلية التمييز بين الطيّب من الخبيث ، ثم خلق له انواع الأرزاق ووضع له في الإرض الموارد التي تهنض به للثراء والرفاه ونهاه عن بعضها واباح له البعض الأخر. كل ذلك من أجل مصلحة هذا الجسد لكي لا يفسُد ويبقى في صحة تامة تنهض به نحو الكمال، ثم وضع وراء رغبات الجسد الروح التي هي بمثابة استشعار لرغباته ، فعندما يهم الإنسان بأكل ما نهى عنه الشرع ، تخبره الروح بذلك عن طريق التقزز والرفض والاستهجان كل هذه الانفعالات المعقدة الدقيقة تجري في الجزء العلوي من جسم الانسان (الدماغ).

انطلاقا من ذلك فإنه ليس من المعقول ان يقوم الخالق بإهانة مخلوقه الذي كرّمهُ ورفع شأنه على باقي المخلوقات فيأمرهُ مثلا بأكل القاذورات والرجاسات فالذي نهى عن أكل بعض لحوم الحيوانات لا يسمح لك بتناول فضلاتها وبرازها وعلى رأسها غائط الإنسان، نعم قد يأمره بالتواضع وكسر شوكة الكبرياء لتتساوى النفوس في تواضعها امام خالقها ، وترتفع الحواجز فيما بينها في التعاملات اليومية.
إن الشرائع التي انزلها الله والتي تكفل للانسان حياة كريمة وتنهض به إلى مستويات عليا نحو التكامل ، هذه الشرائع لا تأمره ان يُهين نفسه ويرذلها. ورب هذه الشرائع كامل لا يصدر منه إلا الكمال.

بعد هذه المقدمة المختصرة نقول : أن اغرب ما نجده من عادات وتقاليد تمجّها النفوس وتأباها الانفس كان ورائها اليهود او انها تسللت إلى عقائد الاخرين عن طريقهم. 
فمن عادات اليهود أنهم إذا كانوا على الأسوار فإنهم يشربون بولهم ويأكلون غائطهم لتزداد السمّية في دمائهم فيكونوا اكثر عنفا ودموية وقسوة في قتل خصومهم كما يقول (إلى الرجال الجالسين على السور ليأكلوا عذرتهم ويشربوا بولهم).(1) وقد تجد اعداد هائلة من المسلمين في الجزيرة العربية وافريقيا يقولون ان بول البعير يشفي من الامراض ويزيد الصحة والعافية فيشربونه ويبيعونه في علب أنيقة.

وكما انك تجد في الهندوسية ان براز البقرة المقدسة وبولها يُمحو الخطايا والذنوب، والغريب أنك تجد بروفيسورا في العلوم النووية يغسل رأسه ببولها. وكما انك تجد في الديانية الطاوية في الصين من يقول ان دماء القرود الذهبية يُطيل العمر وبولها يشفي الجروح ويعطي المناعة. وكانت الدولة الرومانية ولقرون طويلة تُعالج جرحى الحروب بتغطية جروحهم بغائط الانسان كنوع من انواع المراهم المعقمة بعد خلطه بشحم الخنزير.

ثم تطورت مسألة النجاسات وتناولها لتكون طقسا مقدسا ومنها ان براز البابا مقدس لانه براز نائب الله فظهرت هذه العقيدة ــ المقتبسة من اليهود ــ في الحروب الصليبية حيث كانوا يخلطون غائط البابا مع البخور لتطهير الجنود من الخوف والجبن واعطائهم البركة والقدرة على الحرب ، والمسيحية لم تقم فقط باستخدام غائط البابا المقدس ، بل أنها تستخدم غائط الانسان والحيوان معا فتقوم بخلط خرء البقر مع الخبز لنيل التواضع وتُطعمهُ للأنبياء والناس تتأسى بانبيائها وهذا موجود في الكتاب المقدس وأول من اكله وفعلهُ أمام الناس هو النبي داود حيث يقول الكتاب المقدس : (قد جعلت لك خثي البقر فتصنع خبزك عليه).(2)

ثم تطورت المسألة من براز البقر إلى غائط الانسان وبرازه فيأمر الله نبيّه داود ان يخلط خبزه مع الخرء امام الناس فيُعلمهم ذلك فيقول : (وتأكل كعكا من الشعير على الخرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه أمام عُيونهم). (3) وقد اعترض مسيحي على قولي هذا وقال : انه لا يقصد خلط الخرء مع العجين ، بل يقصد ان يجعل من الخرء وقود ليخبز عليه ؟! فقلت له : لم يجد الله سوى هذا الوقود النتن المقزز لعمل الخبز عليه هذا الحطب يملأ الدنيا. ثم مالنا نرى أن النبي داود اجاب ربه متوسلا : (آه، يا سيد الرب، ها نفسي لم تتنجس.. ولا دخل فمي نجس). فماذا نفهم من ذلك. 
فهل حقا أن الله فعل ذلك بأنبيائه او عباده؟ 
تبرير العادات السيئة أيضا مرض يجب معالجته.

المصادر : 
1- سفر الملوك الثاني 18: 27.
2- سفر حزقيال 4 : 15. 
3- سفر حزقيال 4: 12. كان للطب رأيٌ آخر حيث اعتبر ممارسة هذه الهواية مرضا فيقول : يحدث أكل البراز عادةً عند المرضى المصابين بأمراض عقلية شديدة تؤثر على الوعي والإدراك مثل ضمور الدماغ، أو التخلف العقلي، أو اضطراب الوسواس القهري، أو انفصام الشخصية، أو الهذيان، أو الخرف.و يعتبر بعض الباحثين أن اكل البراز هو نوع من أنواع الإذلال والسادية. انظر : نوردلينج ن. و أليسون ل. السلوك المنحرف. ص 23. طبع سنة 2002.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/11/22



كتابة تعليق لموضوع : تبرير العادات السيئة مرض. 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net