صفحة الكاتب : نزار حيدر

الديمُقراطِيَّةُ والوَعِي..مَن يَسبِقُ مَن؟! [٢]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   ٢/ الخطأ الإِستراتيجي الذي ترتكبهُ شعوبنا هو أَنَّها تعتقد بأَنَّ الديمقراطيَّة، كالديكتاتوريَّة، تنشأُ بقرارٍ! فإِذا قرَّر الحاكم إِقامة الديمقراطيَّة في البلادِ قامت في الْيَوْم التَّالي وإِذا قرَّر شعبٌ من الشُّعوب إقامتها في بلادهِ حصل ذلك في الْيَوْم الثَّاني!.
   ولذلكَ، وبناءً على هذا الخطأ في الفهمِ فإِنَّها تستعجل النَّتائج ولا تصبر عليها!.
   لقد بَدأَ العراقيُّون في العام [١٩٢١] في بناءِ النِّظام الديمقراطي! فتهيَّأَت بعض أدواتهِ وتأَسَّست بعض مقوِّماتهِ، إِلَّا أَنَّهُ استعجل النَّتائج فانقلبَ عليها صبيحة [١٤ تموز ١٩٥٨] لتعودَ البلاد القهقريِّ إِلى الْيَوْم!.
   ولو كانوا قد صبرُوا قليلاً وصمَّموا على احترامِ وحماية مقوِّمات النِّظام الديمقراطي، مهما كانت سلبيَّاتهِ ونواقصهِ، لكان لنا الآن في العراق نظامٌ ديمقراطيٌّ عمرهُ قرنٌ من الزَّمن!.
   وإِنَّ أَخشى ما أَخشاهُ الْيَوْم هو أَن يملَّ العراقيُّون من النِّظام الديمقراطي الحالي وينفد صبرهُم عليهِ، مع كلِّ سلبيَّاتهِ ونواقصهِ، فينقلبُوا عليهِ ويعودُوا بِنَا القهقريِّ مرَّةً أُخرى!.
   إِنَّ الديمقراطيَّة ثقافة لا يمكنُ خلقها بين ليلةٍ وضُحاها، وهي تحتاجُ إِلى زمنٍ، قد يطولُ وقد يقصُر، لتتراكم التَّجربة وتتحوَّل إِلى أَعراف يلتزم بها الجميع من أَجلِ تنمية الديمقراطيَّة في البلادِ أَكثر فأَكثر وسدِّ نواقِصها!.
   هَذِهِ هي طبيعة الأَشياء، وهذهِ هي طبيعة الديمقراطيَّة! وبمرورٍ سريعٍ على كلِّ تجارب الديمقراطيَّات في العالمِ القديمِ والحديثِ فسنلحظ هذه الحقيقة بشَكلٍ جليٍّ وواضح!.
   وفِي أَحيانٍ كثيرةٍ تنتكسُ الديمقراطيَّة لبعضِ الوقت! وقد تتعرَّض للإِندثارِ لولا الإِصرارِ على مُعالجتِها وإِعادتِها إِلى مسارِها الطَّبيعي!.
   حصلَ هذا في الولايات المتَّحدة وفِي إِسبانيا وفِي بريطانيا وفِي دُوَلٍ كثيرةٍ!.
   بل أَنَّ بعض الإِنتكاسات كلَّفت الشُّعوب دماء كثيرة جرَّاء الحرُوب الأَهليَّة التي رافقتها كما هُوَ الحالُ بالنِّسبة إِلى الحرب الأَهليَّة الأَميركيَّة [١٨٦١-١٨٦٥] التي كلَّفت الشَّعب مليون قتيل!.
   كما تخطأ الشُّعوب إِذا تصوَّرت بأَنَّ الديمقراطيَّة نموذجٌ واحدٌ يمكن إِستنساخهُ ونقلهُ بين البُلدان، واستيرادهُ مَعَ عُلب السَّردين! فإِمَّا أَن يكونَ هو أَو لا يَكُونُ!.
   هذا فهمٌ خاطئٌ فَلَو جِلنا بنظرِنا الآن حول الديمقراطيَّات في العالم الحر لوجدنا أَنَّ كلَّ واحدةٍ منها تختلفُ عن أُختها رُبما حتَّى في الدَّولة المُجاورة! فالديمقراطيَّة كالنَّبتة لا يُمكنُ زِراعتها في غيرِ أَرضها وبعيداً عن ظروفِها المناخيَّة!.
   الديمقراطيةُ التي لا تأخذ بنظرِ الإِعتبار طبيعةِ المُجتمعِ وتاريخهِ وتكوينهِ وعاداتهِ وتقاليدهِ والتزاماتهِ وأَعرافهِ الإِجتماعيَّة والثقافيَّة تفشلُ لا محالة!.
   *يتبع...
   ٢٨ تشرينُ الثَّاني ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/11/29



كتابة تعليق لموضوع : الديمُقراطِيَّةُ والوَعِي..مَن يَسبِقُ مَن؟! [٢]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net