من مجتمع القناة الواحدة الى المجتمع المتعدد القنوات من يتكلم ومن يصغي..؟
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مع ان قلة من الناس لا يتمتعون بتوق للأنعتاق، او رغبة بالحرية والتحرر الا ان غالبية البشر خاصة بعد تبلور مفهوم الجماهير يجدون ( الحرية ) قضية من الصعب التنازل عنها. . .
فالقلة هنا، لا تتردد عن اعلان قلقها من سيادة الاضطرابات وعامة الناس تجد العكس، مدعاة للذهاب ابعد من الرتابة والسكون والجمود .
واياً كان معنى الحرية ان كان نتيجة او سبباً فأنه جزء من نظام لم يفارق الانسان، منذ انشغاله بقضايا الوجود، وصولاً الى تطلعاته غير قابلة للدحض او التدمير.
وفي الحالتين فكل مجموعة بشرية وكل مجتمع يختلف بأختلاف نظامه، في الاعراب عن حريته بالتعبير والتجدد والابتكار ، او في تقنين هذه الحاجات وهذه الرغبات الرمزية .
فعندما كان المجتمع يتمتع بأعلام موحد وبمعايير موحدة وبصوت احادي، لم يكن بأستطاعة الناس مغادرة مجتمع القناة الواحدة، او النشيد الاوحد او الصوت المنفرد.. علما ان حتمية الكبت ستشكل ظاهرة لهذا المجتمع، وتفرض اعرافها واحكامها على الناس .
ففي مجتمع القناة الواحدة يكاد الطفل والمرأة والشاب والعالم والمثقف والكهل .. الخ لا يمتلك قدرة تجاوز الحدود التي رسمت له .. وعندما يواجه مشكلة ما من المشكلات فأنه لا يمتلك الا مرجعية القناة الواحدة ذاتها، يجد عندها الاجابات والايضاحات الحاسمة !
ذلك المجتمع المبني بصرامة والمقيد من الممنوعات يذكرنا بسكان كهف مظلم او بجزيرة نائية معزولة عن العالم او بسجن لا يعرف نزلائه الا ما يقوله السجان !
ثم فجأة لم تعد هناك قناة واحدة بل سيقفز العدد بعد هدم الاسوار والجدران، الى ما لا يحصى من وسائل التعبير والبث والنشر والاتصال غير الخاضعة للتابوات او الممنوعات..!
فأذا كان الكهف هو مصدر المعلومات الوحيد داخل ظلماته فأن الفضاء البديل بأنواره الحادة سيشكل سلسلة من الصدمات.. ذلك لأن هؤلاء الذين كانوا يتمتعون بالأحكام المؤبدة، سيجدون حياتهم خارج الظلمات ولكن تحت انوار ساطعة لدرجة انها تتطلب زمناً كي يتلمسوا الوقائع المستحدثة !
انها حقيقة جديرة بالقراءة .. لا لأن تعاليم القناة الواحدة قد نسفت وبعثرت، وتعرضت للدحض فحسب، بل لأن مجتمع القنوات المتعددة، والمتنوعة والمختلفة بحاجة الى ادوات فهم توازي المسافة بينهما، وهي شبيهة بالطرفة التي شاعت بين الناس.. القائلة : ان افواه الناس في مجتمع القناة الواحدة كانت محشوة بالقطن، وعندما جاء المجتمع المتنوع القنوات، اي في زمن الديمقراطية فقد تم اخراج القطن من افواه هؤلاء الناس ليضعوه في اذانهم .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat