بعد أن انتهت مدة إجازته التي تمتع بها بعد معارك ضارية وبعد أن غاب عن أهله لفترة طويلة، ها هو يحزم أغراضه لكي يعود هو لجهاده، ويعودوا هم للهفتهم اليه وسماع اخباره، بين قلق وبين بشائر نصر...
استغل انشغال أطفاله وهم يتفاخرون بشجاعة ابيهم، أحدهم يقول للآخر: أريت كم كان ابي بطلا وهو يأسر ذلك الداعشي العفن؟ وانزوى مع بزوجته ليودعها ويوصيها بأولاده وان تحافظ على هذه الروح التي يمتلكونها، ولم ينس ان يرسم قبلة الوداع على جبينها وهي مبتسمة رغم الدموع التي فضحتها.
نعم وضع حقيبته على ظهره وودع الجميع بابتسامته المعهودة، واسرع الى اخوته في الجهاد الذين ينتظرونه داخل السيارة التي انطلقت مسرعة نحو عرين الاسود، وهم يتبادلون الضحكات ويتذكرون المواقف، وحينما يكون مرورهم على احد المناطق المحررة يستذكرون الاحداث، واحدهم يقول للآخر: أتذكر ما قمنا به هنا...
وفي وسط هذا الضجيج المعتاد رنّ جرس هاتفه، أخرجه ونظر اليه وعندما عرف صاحب الاتصال توقف عن الابتسامة، فليس من المعتاد ان تتصل به بعد مغادرته بساعات!
نعم فها هي تفعلها لأول مرة، فتح الاتصال واذا بصوتها قد مزج مع البكاء، ولا تستطيع ان تنطق بكلمة يفهمها! هدّأها... ما الخبر ؟
لقد تعرض ولدنا وهو في باب المدرسة الى حادث تفجير، اذ قام احد الدواعش بتفجير جسمه العفن وسط مجموعة من الطلاب، ولا اعلم هل استشهد ام على قيد الحياة!!
تلقى الخبر، وهو يكاد ان يختنق، نظر اليه اخوته وكلهم بصوت واحد: ما الخبر؟
وقبل ان يجيبهم رن هاتفه من جديد واذا به قائدهم في معركة الشرف وهو يقول: هيا ايها البطل اسرع انت واخوتك فإننا نتعرض لهجوم شرس من الاوباش!
فما كان منه إلا أن قال: امرك ها نحن قادمون، والتفت الى اخوته واخبرهم بأمر قائدهم ومن حبهم للجهاد نسوا أن يسألوه عن ما حدث له...
اما هو فرفع طرفه الى السماء وبقلب حزين وسأل الله ان يمن على ولده بالشفاء، وارسل رسالة الى زوجته ولم يتصل حتى لا يدع الآخرين يعرفون بالأمر، يخبرها بالأمر وعليها ان تؤدي المهمة .
وعند وصولهم الى مكان المعركة ترجلوا سريعا وأخذوا اماكنهم في القتال، وبعد معركة ضارية شاء القدر ان تقع قذيفة بالقرب منه مما ادى الى اصابته اصابة بليغة افقدته الوعي!
وعندما عاد اليه وعيه وفتح عينيه وهو يقاوم الام الجراح ولا يكاد يُعرف مما اصاب وجهه، نظر واذا بتلك المرأة جالسة بين سريره والسرير المجاور له وهي تقول: بني الحمد لله لقد فتح أبوك عينيه!
نظر بصعوبة، واذا يرى ولده الى جنبه في السرير وقد نجا من الموت بأعجوبة، هنا حمدَ الله ومد يده المرتجفة ليمسك بيد ولده وهو يتمتم بالحمد والشكر
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat