واقعة الطف وحداثويّة الرؤى
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
- إنَّ مقتضيات حياتنا المُعاصرة ومُشكلاتها عامةً تتطلّب منّا في أسلوب التعاطي مع واقعة الطّف الخالدة ومشروعها الإحيائي المَكين الرائد والقائد تقديم فَهمَاً أصيلاً ومنهجاً قويماً يرفدُ حياتنا تقويماً وإصلاحاً ،حاضراً ومُستقبلاً .
- وما مِن شكّ في أنَّ الإمام الحُسَين ، عليه السلام، هو أكبر وأعمق مَفهوماً وقيمةً ودلالةً وهدفاً من الشعائر الجزئيّة، والتي تُمثِّل في تطبيقها تعبيراً مشروعاً عن سِمة الولاءِ الصادق والاعتقاد الحقّ في أيامٍ معدودات، ينفكُّ عنها مَن يُمارسها تطبيقاً بمجرد انتهاء أمدها الوقتي.
- ولكن مَن يدرك تلك المفاهيم والقيم والدلالات والأهداف التي كان الإمام الحُسَين يسعى من أجل تحقيقها اعتقاداً ومنهجاُ وسلوكا، وآمنَ بها لا ينبغي به أن ينفكَّ عنها أخذاً في حَرَاكه الحياتي فرداً ومُجتمعاً .
- وذلك باعتبار أنَّ الإمام الحُسَين ، عليه السلام، قد أضاف إلى الحياة عامةً إضافاتٍ معنويّةً وقيميَّةً وأخلاقيّةً وحتى سياسية، يمكن لكلّ مَن يقبلها طوعاً أن يتفاعل معها في مُجمل مناحي الحياة المُعاصرة .
- وهذا الإمكان إنّما يتأتى من الاستجابة الإرادية الواعية لكلّ ما نبّه عليه في وقائع نهضته الشريفة.
- وينبغي أن تكون الاستجابة الإرادية هذه بعد انتهاء ممارسة الشعائر تُمثِّل انطلاقة إلى الحياة إصلاحاً وتغييرا، وهي تلبيّة إيمانية يجب أن تأخذ طريقا سَلكاً إلى آخر الصراط .
- والقرآن الكريم قد ندبنا إرشاداً منه إلى قيمة وأثر الاستجابة الطوعيّة في الواقع لدعوة الله تعالى ولدعوة المعصوم نبيّاً كان أو إماماً.
قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا استَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)) (الأنفال: 24).
والحياة هنا أعم مطلقاً من كل ما نحسّه ونعيشه عياناً وذهناً، إذ أنّها تتجلى عند المعصوم بصورة قد لا تشبه في ملامحها ما ندركه نحن خاصة.
لذا قال الإمام علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، قولته الشهيرة: (الموتُ في حياتكم مقهورين والحياةُ في موتكم قاهرين)
:نهج البلاغة، ت، د، صبحي الصالح: خطبة51 .
- إنّ الحياة الحقيقيّة التي أرادها اللهُ تعالى لنا والمعصوم من بعده هي حياة تقوم على أساس العزّة والتكريم وجهاد النفس الأكبر - جهاد النفس الأمّارة بالسوء إلى مواجهة العدو، والذي قد يتمثّل اليوم بسلوك أو فكر أو ثقافة أو طاغوت وفاسد منحرف.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat