صفحة الكاتب : فراس زوين

تراجع اسعار النفط … وهو خير لكم
فراس زوين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

"بخيرهم ما خيروني وبشرهم عمو علية" ،،، مثل بسيطة وكلمات دارجة توارثناها من الإباء والاجداد ، وهو اليوم واقع حال المواطن عندما يتابع التصريحات الحكومية الرسمية والغير رسمية حول الخطط الحكومية المحتملة لعلاج التراجع الحاد في أسعار النفط لحدود 20 دولار، فمن الغاء المخصصات الى الادخار الاجباري الى تقليص الراتب بنسبة 25% او 35% ولا تنسى الانباء عن رفع نسبة الضرائب والرسوم واخيراً اللجوء الى الاحتياط النقدي للبنك المركزي والعديد من الإجراءات التي تقع كلها على رقبة ورأس المواطن، ولكن المفارقة ان الكاسب والعامل لم يكن له نصيب من كل هذا عندما كان سعر البرميل 120 دولار حيث اخذت هذه الأموال طريقها الى خارج البلاد اما عن طريق الاستيراد او جيوب الفاسدين، ولعل هذا هو السبب والدافع الذي جعل العديد من الناس يتمنون ان تبقى أسعار النفط بحدود 20 دولار للبرميل بعيدين عن التعاطف او حتى تفهم الموقف الحرج للحكومة العراقية في إدارة الملف المالي للبلاد واحتمال عجزها عن تأمين رواتب الموظفين في ظل الانهيار الكبير في أسعار النفط،

 

واذا سالتني عن رايي الشخصي فسأقول لك ان هذه الأمنية التي قد يظن البعض انها كلام شامت او كلام جاهل هو الحل الذي قد لايخطر على بال الكثير ولا يتفق معه اكثر ،،، نعم ان الحل الجذري والشامل للتخبط والفوضى الاقتصادية التي يعيشها العراق منذ عام 2003 ولغاية الان هو في سعر 20 دولار للبرميل وتراجع أسعار النفط بالصورة التي نراها الان والتي ستدفع بالحكومة الى العديد من القرارات منها خفض سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار بعد ان خوت خزائن نافذة بيع العملة،،، واليك التفاصيل .

 

ان حاجة السوق المحلية والمواطن من السلع والخدمات تم اشباعه وسده عن طريق فتح أبواب البلاد امام البضائع المستوردة والسلع الأجنبية من كل حدب وصوب، والمشكلة الأكبر ان معظم هذه المواد كانت من السلع الرديئة ومن مناشئ غير معروفة وبأسعار زهيدة استفادت من ارتفاع سعر صرف الدينار العراقي لضمان عدم المنافسة واغراق الأسواق بكل المنتجات التي كان معظمها اما يزرع في حقولنا او يصنع في ورشنا ومعاملنا المحلية، الامر الذي اودى بنا في نهاية المطاف الى ان تحول المواطن العراقي الى احد من نموذجين.

 

•         الانموذج الأول هو الموظف والذي تحول الى مستهلك عملاق ينفق راتبه الشهري على المواد والسلع المستوردة بعد خلت الأسواق من المنتجات العراقية التي كان معظمها تصنع بيد أبنائنا وفي ورشنا ومعاملنا الصغيرة والكبيرة .

 

•         الانموذج الثاني هو باقي شرائح وطبقات المجتمع من قوى عمالية شابة وقادرة على الإنتاج والعطاء من عمال المسطر والكسبة وأصحاب الورش والعمل الحر الذين تحولوا الى جيوش من العاطلين عن العمل الذين تحطمت أعمالهم ومستقبلهم وتركوا نهباً للمعامل والمصانع وورش العمل الأجنبية والاستيراد العشوائي.

 

ان التراجع الحاد في أسعار النفط وانخفاض سعر البرميل لحدود 20 دولار سيجبر الحكومة في نهاية المطاف الى اتخاذ العديد من القرارات الاقتصادية التي تمكنها من إدارة الملف المالي ودفع رواتب ملايين الموظفين والمتقاعدين، ولعل اهم هذه القرارات هو مراجعة سعر صرف الدينار العراقي، والذي يمكن اعتباره من اهم المحددات الاقتصادية لكونه يعمل على تحسين القدرة التنافسية للدولة وما يترتب عن ذلك من تحقق نتائج توسعية في مجال الإنتاج والعمالة والنمو بشكل عام، وهو كذلك من اخطرها اذا استخدم بشكل سيئ وغير صحيح فسيؤدى الى ازدياد تدهور القدرة التنافسية للدولة وما يرتبط بذلك من انعكاسات انكماشية على كل جوانب الاقتصاد.

 

  • ادعم في هذه المقالة تعويم الدينار العراقي كما حدث في مصر او غيرها من الدول للوصول لقيمته الحقيقية وانما الى خفض قيمته من مستواه الحالي لحدود معقولة تمكن الإنتاج العراقي من منافسة العديد من السلع المستوردة من الخارج ،،، واليك مثال بسيط ،،، "فلو افترضنا ان سعر كيلو الرز المستورد در واحد وكان سعر صرف 1200 للدينار امام الدولار فان سعر الكيلو سيكون 1200 دينار وقد يستحيل على الفلاح العراقي منافسته بمثل هذه الأسعار ،،،، ولكن عندما يكون سعر صرف الدينار 1800 " فان الرز العراقي الذي يكون سعره 1500 دينار سيكون قادر على منافسة المنتج المستورد، وقس على ذلك كل المنتوجات الزراعية العديدة والصناعية من أبواب وشبابيك ومطابخ وملابس واحذية وحقائب ولدائن وخياطة والاف المنتجات المحلية التي لم تكن قادرة على المنافسة بسبب ارتفاع سعرها بالمقارنة مع المستورد بسبب سعر صرف الدينار المرتفع نسبياً، وفتح الباب لعودة الإنتاج والصناعة المحلية للتنافس وخلق عشرات الألاف من فرص العمل، فتبدأ بذلك اول حركة لعجلة التنمية التي ان لم تبدء من داخل السوق المحلية فلن يحركها الف استثمار اجنبي تحلم به وتتمناه الحكومات العراقية النائمة او الحكومات الكسولة .

 

واخيرا ان مناخ الاقتصاد العالمي يشوبه القلق والاضطراب الشديد على اثر جائحة كورونا العالمية وتأثيراتها السلبية على الطلب العالمي للنفط والعديد من العوامل الأخرى أدت الى انهيار أسعار النفط، بصورة اعادت للأذهان اخر انهيار للأسعار عام 2014 ولكن هذه المرة بأثار اشد ومدى يتوقع له ان يكون أطول، وامام هذه الفوضى الاقتصادية فان على الحكومة العراقية النظر بجدية وواقعية في خياراتها الاقتصادية العديدة بدون حالها كحال اي دولة من دول العالم التي لا تمتلك ربع ما يملكه العراق من موارد طبيعية مثل مصر والاردن والمغرب وسوريا التي بالرغم من الخراب الذي احاط بها ولكنها لازالت قادرة على ادارة ملفها الاقتصادي بشكل يحسدها عليه كل العراقيين.

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فراس زوين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/12



كتابة تعليق لموضوع : تراجع اسعار النفط … وهو خير لكم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net