صفحة الكاتب : سوسن عبدالله

محاورة عن الشخصية الحساسة..
سوسن عبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تعد الشخصية الحساسة من الشخصيات الجميلة التي تمتلك العديد من المميزات مقارنة بغيرها فنجد تلك الشخصية تتعايش مع الآخرين معاناتهم وتشاركهم افراحهم وأحزانهم، أصحاب قلوب طيبة مسامحة إذا عرفنا كيف نتعامل معهما ولكن هناك من تزيد لديهم هذه الحساسية، فنجدهم يدققون على أي تصرف أو فعل حتى وإن كان عفويا غير مقصود، نحاور الباحثة الاجتماعية ام ياسين الخزرجي لنسألها:

- من هي الشخصية الحساسة وما هي مميزاتها؟

الباحثة الاجتماعية: تتنوع الشخصيات التي نلتقيها في حياتنا اليومية وتتعدد وتتباين هذه الشخصيات وتصادفنا بعض هذه الشخصيات المريحة التي تكون سريعة التأقلم والاندماج والانسجام والتآلف بينها وبين الاخرين، وبعض الشخصيات المزعجة، وبعض الشخصيات المتعبة من بين هذه الشخصيات تبرز الشخصية الحساسة.

الحساسية تعني سرعة التأثير والتألم جراء اي موقف يمر به في حياته اليومية، الحساسية بحد ذاتها امر مطلوب ان الانسان هو حالة من المشاعر والعواطف والاحاسيس يتأثر ويكون مرهف الاحساس، ولكن بعض الشخصيات تتشدد لديها وتزداد نسبة الحساسية، نراها تمتعض من كلام بسيط، وتتألم من كلام عادي، فتسبب الانزعاج والالم.

الشخصية الحساسة تتأثر بالأمور وتكبرها وتعطيها اكثر من حجمها نتيجة بعض الاحداث، بالواقع لكن هذا الواقع يكبر مثلاً لو كان الامر بسيطاً وإذا به يعظمه ويعطيه هالة اكبر بكثير بحيث المقابل يتعجب ويتساءل مع نفسه:ـ ماذا قلت؟ ماذا صدر مني؟ وفي بعض الاحيان يوجد خطأ معين بحق هذا الشخص الحساس، لكن الخطأ لا يتناسب مع ردة الفعل القوية والعنيفة من هذه الشخصية.

عادة ما تكون الشخصية الحساسة عقلانية هادئة صبورة في بعض الأمور، وفي بعض الامور مكبوتة في داخلها، تصنيف الشخصية الحساسة في علم النفس يقولون: هي مزيج من صاحب القبعة الحمراء والقبعة السوداء هذا مصطلح يستعمل عند علماء التنمية البشرية موجود قديما في علم النفس كل شخص لديه ميزة تتميز بها لهذا اصبحت هذه التسمية بصاحب الصفات بالقبعة الحمراء، القبعة السوداء، القبعة الصفراء.

الشخصية الحساسة تمتاز بكونها عاطفية جدا وتخضع للأمور السلبية وتعطيها اكثر من حجمها فيكون هو مزيجا من صاحب القبعة الحمراء والقبعة السوداء يعني بعيدا عن صاحب القبعة البيضاء؛ لكونه دائما يركز على الامور السلبية، لديه ايجابيات لكنه يركز دائما على الامور السلبية اكثر من الإيجابية.

- ما هي الصفات الايجابية للشخصية الحساسة؟

الباحثة الاجتماعية: كل صفة شخصية لا بد لها من ايجابية معينة، حتى الصفات السيئة مثلاً الغضب الانتقام وغيرها، فيها شيء من الصفات التي لابد ان ينظر لها وبجرعة معينة، مثلاً: الدواء اليوم إذا لم تأخذه ستتأذى واذا اخذته بجرعة زائدة تتأذى، اذا تستخدمه بجرعة معينة سيكون بها الشفاء، ان شاء الله تعالى.

كذلك صفة الشخصية الحساسة لا بد لكل انسان أن يتحلى بها، افضل من الشخص البليد الشخص الذي يؤذي الناس وهو لا يتأذى او الشخص الذي لا يتأذى من كلام الناس ابدا، يفقد كرامته ويفقد احترامه بين الناس وأن اسمعوه كلاماً غير محبب او يستهينون به او يجرحونه هو لا يتأذى، على الانسان أن لا يكون الى هذه الدرجة أي ان لا يمتلك روح الدفاع عن نفسه ولو بدرجة ضئيلة، الله (عز وجل) اودع عند الانسان هذه الغريزة، غريزة انه يحب نفسه، الانسان اذا لم يحب نفسه سيسلمها للأضرار والمخاطر.

- ما هي الصفات السلبية للشخصية الحساسة؟

الباحثة الاجتماعية: أبرز وأكبر صفات متعبة بالشخصية الحساسة هي سوء الظن، لماذا سوء الظن؛ لكون الشخص الحساس يتصور في داخله ان كل من يتكلم كلمة هي عليه، ولو كلمة بعيدة بالهواء يتصور انها عليه.

- هل هو كثير سوء الظن بالآخرين؟

الباحثة الاجتماعية: نعم يتصور الناس ويؤول تلك المواقف فيراهم يقصدونه، او تمتلكهم الغيرة منه او يكرهونه، ولا يحبونه، دائما ما يفسر الامور بصورة خاطئة، هو بطبيعته يحب المفاوضة مع الناس مثل: ما احبكم، اريدكم ان تحبوني، كما عملت لك انت ايضا ان تعمل لي.

بالمقابل الشخصية الحساسة دائما تريد مقابلا، فهذا الشخص سيتعب نفسه ويتعب الاخرين ايضا، كثيرا ما يتردد الناس بالكلام امامه بسبب حساسيته الزائدة، وهذا مما يؤدي الى تقلص تعامل الناس معه والاحجام عن التعامل معه، وتتصور ان الهروب والجفاء افضل طريقة وهو كذلك سيتعب بالتالي وصداقاته ستكون قليلة جدا، وهو دائما يبحث عن صفة يجدها عند بعض الاشخاص من لديه سمة يبحث عنها، مختلفة عن الناس، هذا لا يعجبني والآخر لا اطيقه، وان كانت صفات جيدة فهي لا تعجبه الى ان يعثر على من يتصور ان هذه الشخصية التي كان يبحث عنها واذا به يتمسك بها ويجعلها شيئا مهما جدا، هو هكذا اما ان يكره بشدة او يحب بشدة، ليس لديه حل وسط.

- من اين يأتي الإحساس الزائد؟ هل المسألة وراثية ام تربوية؟ وكيف نتعامل مع الشخصية الحساسة وما هو علاجها؟

الباحثة الاجتماعية: الشخصية الحساسة لها اسبابها وعواملها المهمة بدءا من الطفولة بسبب الدلال المفرط ومع هذا يتصور نفسه محروما ومظلوما.

الشخصية الحساسة تصنف ضمن الشخصية الاضطهادية، يتصور نفسه مضطهد محروما متأذيا دائما والناس لا تحبه من كثرة الدلال والحنان والعاطفة من قبل الاهل يخرج الى المجتمع فالمجتمع لا يعامله كما تعامله الاسرة واذا به ينزعج يتألم لا يتحمل انه لا يكون متميزا؛ لكونه هو داخل الاسرة مميزا.

الامر الثاني والاهم هي الغيرة والحسد هناك بعض الاشخاص من هم بطبيعتهم يغارون من شخص معين خصوصا اذا كان متفوقا اكثر منهم نراه يتحسس من اقل كلمة منه لماذا؟ لكونه يتصيد بالماء العكر .

احد الاسباب بالشخصية الحساسة الشعور بالنقص، احيانا هناك شخص غير مدلل في بيت الاهل ويعاني الكبت والحرمان والقهر واذا به دائما يشعر بنفسه مظلوما فيبقى الشعور بالمظلومية مرافقا من بيته الذي يعيش فيه طفولته الى ان يكبر ويعتقد انه مظلوم من الكل.

مرة لا يكون مظلوما ولا مدللا لكن هناك بعض العوائل طبيعتها استبدادية كيف يعني مسيطرين متمكنين بإرادتهم مع الابناء فدائما لديه شعور مكبوت في داخله رغبات مكبوتة، حاجات غير مشبعة مثلا الجفاف العاطفي كثير من الاطفال يعانون من هذا الامر بسبب عوائلهم فدائما نراه يريد من الاخرين شيئا من العاطفة، يريد تعويض ما فقده في بيته، يريده من الخارج يريد من الاخرين دائما ان تعطي اذا لم يحصل يحس نفسه مظلوما، وهو الشخص الوحيد الذي لم يحصل على الامور التي يريدها.

الامر الاخر كيف نتأقلم مع الشخصية الحساسة؟ بعض الناس عندما ترى شخصا حساسا تبتعد عنه وتتجنبه وهذا لا يزيد الامر إلا سوءا، ولا يغير من فكره وإنما علينا ان نبقى نتعامل معه التعامل الرسمي السطحي مع اظهار المودة لكن ليست الثقة، الامام يقول: ابذل لصديقك كل المودة يبذل له كل الثقة، فهذا الشخص لا أأتمنه على شيء وانما اتعامل معه تعاملا سليما وبحدود معينة، ولا اتدخل في كل تفاصيل حياته لكون شخصية الحساس لديها قضية، وهي حتى الشفقة لا يتحملها، هو يستحق الشفقة يأخذها من جانب مس بالكرامة هو في الواقع يريد الناس ان تشفق عليه، لكنه لا يتحملها، لهذا السبب نلاحظ هذه الشخصية متعبة.

نحن نخاطب الشخصية الحساسة، نقول لها: شر الناس من اتقى الناس لسانه، اذن على الشخصية الحساسة ان تفهم ان الناس شخصيات وانماط مختلفة، عليه ان يفهمها وانظر الى رسول الله (ص) كيف عاشر الجهال وكيف عاشر القوم الكافرين..!

خاطب الله تعالى الرسول (ص): (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) {آل عمران/159}، اذن الليونة والتحمل اجعلها قربة لوجه الله.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سوسن عبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/11/25



كتابة تعليق لموضوع : محاورة عن الشخصية الحساسة..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net