مناقشات العلاقة بين الدين والسياسة ( خطأ منهجي )
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مسألة علاقة الدين بالسياسة من المسائل التي لها تأريخ في المنظومة المعرفية الإسلامية ، وتنوّعت الآراء والاتجاهات ازاءها ، فمنهم من قطع هذه العلاقة ونفاها نفياً قاطعاً ، ومنهم من ربطها ربطاً وثيقاً وجعلها مركباً مترابطاً ، ومنهم من فصّل بالأمر وأعطى لها حدوداً ومسارات وضوابط ..
واعتقد أن من أهم أسباب الإختلاف هو مناقشة هذه العلاقة في كل زمان ومكان بين السياسة وبين من يمثل الدين في تلك القطعة الزمانية والمكانية .. والواقع هو أن هنالك فرقاً بين الدين وبين من يمثله في جزئية معينة ، وبالتالي سيؤثر هذا الفرق على طبيعة الحكم الناتج على تلك العلاقة ..
ولتقريب الفكرة والاقتراب من المُراد منها أكثر .. ندخل في الواقع المعاصر ونقول : ليس من الدقيق معرفياً أن نناقش علاقة الدين بالسياسة من خلال مناقشة هذه العلاقة بين الحوزة العلمية ومراجعها واساتذتها ودروسها ومباحثها .. مع السياسة ، لأن الحوزة لا تمثل كل الدين ، فهي مسؤولة عن بعض جوانبه ولها النيابة والوكالة الاضطرارية عن بعض أموره .. وهذا ما يقوله جلّ فقهاء الحوزة واساتذتها ..
وعليه .. فإنّ من يجد أن الحوزة قاصرة عن إدارة الجوانب السياسية للمجتمعات الإسلامية وعندها الرغبة في الابتعاد عنها ما أمكن ، بسبب قصور وضعف في دليلها العلمي او قصور وضعف في بُعدها المهاري والإجرائي ، فهذا لا يعني ضعف الدين ، ولا يمكن أن نحكم على الإسلام بأنه لا يغطي هذا البُعد الحياتي للإنسانية ..
فنحن اذن أمام مفهومين وحكمين ينبغي أن يُناقشا كلاً على حده ، مفهوم وحكم خاص بعلاقة أصل الدين بالسياسة ، ومفهوم وحكم خاص بالحوزة العلمية الحالية - بظروفها وإمكانياتها وتأصيلاتها - بالسياسة ..
ومن هنا ينفتح لنا باباً واسعاً لفهم وتطبيق نظرية ولاية الفقيه ، فولاية الفقيه تمثل فكرة متحررة - أو تريد أن تتحرر - عن عنوان وقيود وظروف الحوزة العلمية بما هي حوزة الى عنوان الدين بأكمله ، ولهذا نجد الاختلافات والخلافات واضحة وعلى قدم وساق بين الفقهاء الذين عملوا بفكرة ولاية الفقيه وبين فقهاء الحوزة العلمية المُقيدة بالدرس والافتاء وبعض الجوانب الحسبية والولائية الضيّقة نسبياً .. الى الدرجة التي أعتُبر بها الفقيه الذي يعمل بالسياسة بأنه لا قيمة له على حدّ تعبير بعض الفقهاء المعاصرين أعزهم الله ..
اذن ، لا نريد من هذا المقال ان ننتصر الى فكرة معينة بقدر ما نريد الإشارة الى الخطأ المنهجي الذي يحصل كثيراً في أصل مناقشة الفكرة ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat