صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

الشيعة والإستعجال!
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
قال تعالى (وَلله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنين‏)
وقال إمامنا الصادق عليه السلام: المُؤْمِنُ يَكُونُ عَزِيزاً وَلَا يَكُونُ ذَلِيلاً (الكافي ج5 ص63).
 
لكن هذه العزَّة لم تمنع من تكذيب الناس لهؤلاء الرسل ولسيِّدهم، قال تعالى: (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ).
 
ولم تحجز الخلقَ عن قتل الأنبياء: (إِنَّ الَّذينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ الله وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَق‏..).
فما كان عليهم إلا أن يصبروا: (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى‏ ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا).
 
وعلى هذا جرت سيرة الظالمين مع الفرقة الناجية، حتى قال إمامنا الصادق عليه السلام:
فاتَّقُوا اللَّهَ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ النَّاجِيَةُ.. فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ الْأَمْرُ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي دَخَلَ عَلَى الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَحَتَّى تُبْتَلَوْا فِي أَنْفُسِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَحَتَّى تَسْمَعُوا مِنْ أَعْدَاءِ الله أَذىً كَثِيراً فَتَصْبِرُوا..
 
فلم يأمر الله تعالى هذه الفرقة الناجية سوى بالصبر على هذه البلايا وأصناف الأذى.. بل وعدهم بما يزيد عن ذلك، وهو ما ظاهره الذلَّة!
 
فقال عليه السلام: وَحَتَّى يَسْتَذِلُّوكُمْ:
وسواءٌ أُريدَ بها أن يستذلوكم في أمور الدنيا دون الدين، أو يقهروكم في الظاهر من أمور الدين، أو أن يروكم أذلاء (استذلّه أي رآه ذليلاً)، أو أن يعملوا على إذلالكم وان لم تكونوا أذلاء، أو غيرذلك.. فهذا سَعيُهُم وشأنهم..
 
لكن المهم هو فعلكم أيها الشيعة.. قال الإمام عليه السلام:
وَ حَتَّى يَسْتَذِلُّوكُمْ وَ يُبْغِضُوكُمْ، وَحَتَّى يُحَمِّلُوا عَلَيْكُمُ الضَّيْمَ، فَتَحَمَّلُوا مِنْهُمْ تَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ الله وَالدَّارَ الْآخِرَةَ.. : فجعل عليه السلام فعل الشيعة هو (التَحَمُّل)!
 
وَحَتَّى يُكَذِّبُوكُمْ بِالْحَقِّ، وَيُعَادُوكُمْ فِيهِ، وَيُبْغِضُوكُمْ عَلَيْهِ، فَتَصْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ: وجَعَلَ جواب التكذيب والعداوة والبغضاء الصبر على ذلك! كما صَبَرَ أولو العزم من الرسل.
 
ثم قال عليه السلام:
فَتَدَبَّرُوا هَذَا وَاعْقِلُوهُ، وَلَا تَجْهَلُوهُ، فَإِنَّهُ مَنْ يَجْهَلْ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ مِمَّا افْتَرَضَ الله عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مِمَّا أَمَرَ الله بِهِ وَنَهَى عَنْهُ، تَرَكَ دِينَ الله، وَرَكِبَ مَعَاصِيَهُ، فَاسْتَوْجَبَ سَخَطَ الله، فَأَكَبَّهُ الله عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ (الكافي ج8 ص5).
 
فلَيسَ من تنبيهٍ أشدّ من هذا، فإنّ جَهلَ هذا الأمر المفروض يودي إلى ترك دين الله، وفَتحِ باب الأخذ فيه بالهوى واتباع المقاييس الباطلة.
 
وقد تكفَّل الله تعالى بتخفيف البلاء عن الشيعة: وَلَوْلَا أَنَّ الله تَعَالَى يَدْفَعُهُمْ عَنْكُمْ لَسَطَوْا بِكُمْ.
 
لكن لهذا الأمر شروطاً منها:
1. أن يعلم المؤمن ما فرضه الله عليه من لزوم الصبر والتحمل لما يقع عليه.
2. أن يعمل بعلمه لا بهواه فيصبر ويتحمل.
3. أن لا يكون من المستعجلين..
 
فتُخرِجُهُ العجلة إلى اتّباع الهوى، وقد هلك المستعجلون، لأن الظالمين: لَنْ يُرِيدُوا إِلَّا مَنْ يَعْرِضُ لَهُمْ، كما عن باقر علوم آل محمد عليه السلام (الكافي ج8 ص273).
 
ومَن تعجَّلَ صار من المتقدمين على آل محمد فيما أخروه و(المُتَقَدِّمُ لَهُمْ مَارِق‏‏)..
 
ولما كان المؤمنُ موقناً بحكمة الله تعالى وعَدله لم يكن له بُدٌّ من التسليم والخضوع لإرادته تعالى في إنفاذ شريعته..
 
ولَئِن عَلِمَ المؤمنُ وجهَ الحكمة في أوامر الله تعالى على لسان أوليائه كان صابراً عالماً، فلئن أدرك ما يقوله صادق العترة عليه السلام عن الظالمين والمؤمنين: وَإِنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَكُمْ بِجَائِحَةٍ إِلَّا أَتَاهُمُ الله بِشَاغِلٍ، إِلَّا مَنْ تَعَرَّضَ لَهُم (الغيبة للنعماني ص197‏)، وعرف أن الله حافظُ المؤمنين لمّا صبروا.. كان صبرُهُ مقروناً بشيء من المعرفة..
 
وإن جَهِلَ المؤمنُ الوجهَ في لزوم الصبر والتحمل.. ولكن لم يخرجه الأذى عن شرعة الحق وميزانه.. يؤمّل أن يكون ممن قال فيهم المعصوم: نَحْنُ صَبَرْنَا، وَشِيعَتُنَا أَصْبَرُ مِنَّا، وَذَلِكَ أَنَا صَبَرْنَا عَلَى مَا نَعْلَمُ، وَهُمْ صَبَرُوا عَلَى مَا لَا يَعْلَمُون‏‏ (تفسير القمي ج2 ص141).
 
لكنّ المنصف يخشى أن توصله الحميّة أو العصبيّة أو الجهل إلى الردّ على آل محمد فيما بَثُّوُهُ إلينا من أثقال الوحي، وقد قالوا: أَلَا وَإِنَّ الرَّادَّ عَلَيْنَا كَالرَّادِّ عَلَى رَسُولِ الله جَدِّنَا، وَمَنْ رَدَّ عَلَى رَسُولِ الله ص فَقَدْ رَدَّ عَلَى الله (كامل الزيارات ص336).
 
وللحديث تتمة إن شاء الله


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/22



كتابة تعليق لموضوع : الشيعة والإستعجال!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net